انقلاب الحزب الشيوعي

انقلاب الحزب الشيوعي
  • 08 نوفمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

في بيان على صفحته الرسمية بالفيسبوك بالأمس السبت أعلن الحزب الشيوعي إنسحابه من قوى الحرية والتغيير وهو ما يعني سحب اعترافه بالحكومة الانتقالية، وذكر في بيانه أسبابا متعددة لهذا الانسحاب، السبب الاول رفضه للتفاوض الذي حدث مع العسكر، إذ يعتبر الحزب الشيوعي أن العسكر هم اللجنة الأمنية لنظام البشير وأنه لا يجوز أن يتم التحالف معهم. وهو حديث متأخر جدا وبلا معنى، فلو كان الحزب ضد هذا الاتفاق كان عليه ان يخرج من لحظتها وليس الاستمرار في التحالف مع العسكر كل هذه المدة، مع العلم بأن الجماهير بالفعل أزاحت النسخة الأولى من المجلس العسكري بقيادة إبن عوف وكمال عبدالمعروف المعروف انتمائهم للكيزان، ولكن يبدو أن الحزب الشيوعي كانت له ملامح وأسماء محددة للضباط الذين يجب أن يفاوضهم الشعب وهو ما لم يحدث.

السبب الثاني الذي ذكره بيان الحزب الشيوعي هو اتهامه لحكومة الثورة بتقليص مساحة الحريات وانتهاك الحقوق ومصادرة أدوات التغيير ووقف المد الثوري والابطاء في تحقيق العدالة والإبقاء على القوانين المقيدة للحريات وعقد الاتفاقات من وراء ظهر الشعب. هذه الأسباب فيها ما هو صحيح وله أسبابه الموضوعية وفيها ما هو مجرد تهويل من قبل الشيوعي، الصحيح أن هناك بطء في تحقيق العدالة وهذا شأن العدالة فقضاياها ليست سهلة ولا يمكن البت فيها بتعجل وسرعة قبل تبين كل الحقائق، وهذه طبيعة العدالة داخل وخارج السودان إذ يتعدى البحث في قضية قتل نفس واحدة سنوات، فما بالك بأحداث استشهاد المئات، والعدالة ستأتي ان صبر لها الشيوعي او لم يصبر، فالثورة ماضية نحو تحقيق غاياتها وان تعجل المتاجرون. اما اتهام حكومة الثورة بانتهاك الحريات ومصادرة أدوات التغيير فهو كلام غير صحيح بالمرة، فالحزب الشيوعي نفسه وهو حزب حاكم خرج أكثر من مرة في مظاهرات ضد الحكومة، وخرجت الدولة العميقة نفسها عشرات المرات في مظاهرات وجدت كل الاحترام من حيث أن حرية التعبير مكفولة للجميع، والصحف بها حرية لا ينكرها منكر، والحريات مشاعة بصورة لا يمكن المزايدة عليها، وربما حشر الشيوعي هذا البند فقط من أجل تجميل وجه خروجه المشين.

السبب الثالث لخروج الحزب الشيوعي الذي ذكره البيان هو اتهام الحزب الشيوعي لرفقاء الامس من أحزاب الحرية والتغيير بالتأمر على الثورة والعمل على الانقلاب عليها حيث ذكر البيان بالنص ( وظلت عناصر من الحرية والتغيير تعقد الإتفاقات السرية والمشبوهة داخل وخارج البلاد وتقود التحالف نحو الانقلاب على الثورة) وهو اتهام خطير لا اظن ان أحزاب الحرية والتغيير ستسكت عليه، وربما في خروج الحزب الشيوعي من قوى الإجماع الوطني ايضا دليل واضح على أن هذه الأحزاب المذكورة موجودة في تحالف الإجماع الوطني كذلك وليست في تحالف نداء السودان فقط.

لم يحدد الحزب الشيوعي موقعه الجديد بالضبط بعد خروجه من الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، ولكنه ذكر بانه (سيعمل مع قوى الثورة والتغيير المرتبطة بقضايا الجماهير وأهداف وبرامج الثورة ) وهو قول فضفاض ومطاط يخفي في داخله نية في الانقلاب على حكومة الثورة وإسقاطها، بينما الحقيقة ان الحزب الشيوعي لن يجد بجانبه في المعارضة سوى الكيزان، فهل سنشهد تحالفا بين الشيوعيين والكيزان ضد حكومة حمدوك؟ أم سيختار أحدهما الانقلاب على الحكومة الانتقالية منفردا، وكليهما خبرة في هذا المجال حيث قام الحزب الشيوعي بانقلاب ١٩٦٩ وقام الكيزان بانقلاب ١٩٨٩.

ما يجب الآن على الحكومة الانتقالية وقوى الحرية والتغيير بعد انسحاب الحزب الشيوعي ولغته واتهاماته والنية الصريحة في العمل على إسقاط الحكومة الانتقالية، هو ان يكون رد الفعل سريعا وحاسما بتطهير كل جيوب ومؤسسات الحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية من الشيوعيين، يجب فصل اي مسؤل سياسي جاء عبر الحزب الشيوعي للحكومة سواء كان وزيرا او واليا او عضوا في لجان قوى الحرية والتغيير او لجان التغيير والخدمات او الوزارات او أي مؤسسة حكومية، مع الإبقاء على من وصلوا هذه المناصب عبر الخدمة المدنية والتنافس الحر، فالواضح ان الحزب الشيوعي لن يسحب كوادره بل سيتركهم ليهزوا الحكومة من الداخل، التعامل معهم فورا وبحسم، هو جزء من تأمين الحكومة لنفسها، وضرورة حتمية لحماية الثورة وحكومتها من انقلاب الحزب الشيوعي.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.