السياسيون الانتهازيون

السياسيون الانتهازيون
  • 31 يناير 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

فشلت حكوماتنا في صناعة بنية تحتية قوية تربط القطاعات المنتجة في أصقاع البلاد المختلفة في مابينها ومع العاصمة والمواني، فشلت في إنجاز مشاريع التعليم والصحة الفعالة والمتوازنة في شتى أنحاء الوطن، فشلت في توظيف الكوادر المدربة التي لا سبيل لنهضة دولة بدونها، وإنصرف جل ميزانياتها نحو الحرب والامن والدفاع، وصاحب ذلك الفشل تغذيتها لشعور وطني ضعيف ومهتز لدى الجماهير بالوطن، مما جعل الوازع الوطني بمراعاة الضمير واحترام التاريخ والارض غير وارد في اجندة كثير من المشتغلين بالسياسة، فأصبح السياسيون و(الحرامية) سواء.

فشل الدولة السودانية تاريخيا يرجع إلى غياب الرؤية لدى كثير من الاحزاب السياسية التي استغلت الجيش للوصول إلى السلطة بدون مشروع وطني حقيقي، الأنظمة الانقلابية مع غياب المشروع لديها عمدت إلى تغيير بنية الكفاءة في المؤسسات لصالح أهل الولاء، فرفعت مجموعات وافراد بلا قيمة واوصلتهم إلى مراتب أعلى من مقدراتهم، فأصبحوا بين ليله وضحاها يتحكمون بمصير الأمة بكاملها، وكانت النتيجة الطبيعية هي هبوط الوطن وانحداره إلى درك سحيق، فمن لا يملك الجدارة لقيادة الأمة لن يقودها سوى إلى الخلف.

غياب الكفاءات في قمة الدولة وفي مؤسساتها جعل الحكومات السودانية تغرق في تبني توجهات متخبطة تارة غربا وتارة شرقا وتارة تغرق في تبني القومية او الشيوعية او الاسلامية، الاضطراب في التوجهات والشعارات المتناقضة مع وجود قيادات غير جديرة بالقيادة فخخت الشعور الجماهيري بقناعات ملتبسة وألبست السياسة ثوب الخداع والانتهازية، وصار السياسي السوداني هو إبن هذه البيئة المضطربة.

التكوين الخاطئ للشخصية السياسية قاد إلى التسطيح في وظيفة السياسة، مما جعل الكل يأنس في نفسه الكفاءة لقيادة الامة، وجعل الاحزاب السياسية السودانية مليئة بمجموعات ضعيفة المقدرات تحولت بين ليلة وضحاها من أشباه سياسيين إلى قيادات مناط بها تقرير مصير البلد، هذا الامر حدث في معظم الحكومات العسكرية التي اتت برؤساء لا يصلحون للقيادة كما جاءت بقيادات في العهود الديمقراطية لا تحمل من المعايير سوى إسم الاب أو بطاقة القبيلة، في ظل هذه الهيمنة لم يستطيع الكادر الوطني المؤهل طيلة مراحل الدولة الوطنية -إلا ماندر- ان يحصل على فرصة حقيقية في قيادة الدولة، وهذا سبب إختلالا فظيعا في ميزان النمو وتطور الدولة.

اذا لم تفلح ثورة ديسمبر في تغيير هذه الصورة النمطية للدولة والسياسة، فإن المستقبل لن يحمل أي جديد على صعيد تطور البلاد وقيادتها نحو الديمقراطية المستدامة والرفاه والحرية.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.