موسى هلال ودقلو والهامش والمركز

موسى هلال ودقلو والهامش والمركز
  • 14 مارس 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

قرأت عددا من الأخبار في الصحف اليومية حول زيارات قامت بها قيادات في الحكومة الانتقالية للشيخ موسى هلال بعد إطلاق سراحه، وكان على رأس تلك القيادات عبدالرحيم دقلو ومناوي وياسر عرمان، وكان لافتا بالنسبة لي ان بعض الأخبار حملت حديثا لموسى هلال شكر فيه نائب رئيس مجلس السيادة حميدتي على جهود إطلاق سراحه، هذه الأخبار والتصريح أعلاه تؤشر إلى واقع جديد ملخصه ان الهامش الذي ظل يقاتل لسنين طويلة من أجل السلطة قد بلغها الآن، وان قيادات الهامش علمت ان فرصتها في الوقت الراهن في القيادة أعظم من اي لحظة تاريخية سابقة، وربما هذا الأمر بالضبط ما جعلها تنتبه إلى حقيقة أن وحدتها قد تصنع لها ما لم يصنعه الهامش منذ الاستقلال.

حتى نضبط المصطلح، فإن الهامش المقصود هو كل البلاد سوى المركز الممثل في دنقلا الخرطوم مدني كوستي، وهو مركز سيطر تاريخيا على السلطة في السودان، ونتجت تلك السيطرة عن اسباب تاريخية لا علاقة لها باصرار مسبق من سكان هذا المركز على احتكار السلطة، ومن هذه الاسباب انتشار التعليم في هذا المناطق مبكرا، التنمية المبكرة في هذه المناطق منذ عهد الاستعمار والذي تمثل في شق الطرق وقنوات الماء وبناء المدارس والمستشفيات والمزارع والخ، هذا غير قرب هذا المركز النسبي من العاصمة التاريخية والسياسية واندماجه في ثقافتها حيث تعتبر ثقافة الوسط العربي المسلم هي الثقافة المسيطرة على الإعلام القومي في البلد سواء كان تلفزيونا أو إذاعة او صحف.

لا يمكن التنكر لحقيقة أن المركز بوعي منه او بدون وعي قد فشل في امتحان تنمية الهامش وتطويره لمرحلة يشبه فيها الهامش المركز، وليس سرا ان هذا الفشل قاد في نهاية الأمر إلى تولد غبن واحتجاج وثورة لدى أبناء الهامش فكانت الحروب طويلة المدى، ومع ان هذه الحروب زادت الهامش جراحا وفقرا وحطمت معه كذلك المركز الذي لم يعد في حالة أفضل من الهامش، الا ان المسار التاريخي وصل الآن إلى نقطة وجد فيها الهامش نفسه في مركز متقدم في السلطة المركزية، ولا يمكن انكار دور ثورة ديسمبر في هذا التحول المهم، حيث كان شعار الثورة الأبرز ( السلام) وعنوانها ( العدالة ) وهدفها ( الحرية).

لو ينتبه قادة الحركتان الممانعتان للانخراط في التسوية السياسية الراهنة، عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور ومن حولهما من المثقفين، فإن الفرصة التاريخية الراهنة هي الأمثل من أجل أن يكونوا في الخرطوم، شركاء في صناعة التحول التاريخي في الوطن، في ظل اختفاء رمزيات تاريخية تمثلت في رحيل الإمام الصادق المهدي والترابي ونقد وتقدم العمر بالميرغني، والوهن الذي أصاب المنظومات السياسية التاريخية المركزية من بعدهم نتيجة الصراع الطويل المزمن على السلطة، هذا بجانب نشوء أجيال جديدة مختلفة الأساليب والطموحات، مما اوجد توازنا موضوعيا بين الهامش والمركز، ورغم انه توازن ضعف، ولكنه في نهاية الامر توازنا قد يقود السودان لبداية جديدة ينطلق فيها السودان واحدا وموحدا، مع عدم إغفال احتمالية ان يقود هذا التوازن الناتج عن الضعف في حالة عدم الانتباه من الأطراف السياسية إلى تفتت السودان إلى دويلات عديدة. فإلى أين يقودنا التوازن الحالي؟ إلى بلد موحد ام ممزق؟


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.