البرهان والحلو في جوبا

البرهان والحلو في جوبا
  • 28 مارس 2021
  • تعليق واحد

يوسف السندي

تحت رعاية حكومة جنوب السودان ورئيسها الفريق سلفاكير التقى رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان مع رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال عبدالعزيز الحلو، وذكر المستشار الامني لرئيس جمهورية جنوب السودان الفريق توت قلواك في مؤتمر صحفي بالأمس السبت ان التاسعة من صباح اليوم الأحد بتوقيت جوبا ستشهد توقيع اعلان مباديء بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية. وهي اخبار مبشرة وجميلة من أجل إغلاق ملف الحرب، وليس من العدل أن لا ننحنى احتراما وتوقيرا لحكومة جنوب السودان التي لم تنسى أبدا ان تقف مع شعب السودان حتى بعد انفصالها ورغم معاناتها الداخلية ها هي ترعى وتسعى في ملف سلام السودان بجدية وهمة، شكرا جنوب السودان، شكرا من القلب.

اللقاء بين البرهان والحلو ناقش القضية الأكثر تعقيدا التي يصر عليها الحلو وهي مسألة فصل الدين عن الدولة حيث رشح ان تفاهمات جيدة بين الطرفين قد تمت وأفرزت أرضية جيدة لتوقيع إعلان المبادىء، ولكن ذات هذه المصادر ذكرت أن التوقيع على إعلان المباديء كان يمكن أن يتم بالأمس السبت لولا طلب الحلو مهلة للتشاور! وهو فعل يثير أسئلة واستفهامات حول القرار في الحركة الشعبية والتفويض الذي يحمله الحلو، كما يثير شبهات عن دور خفي لشركاء من خارج السودان يقفون خلف مقترح الحلو الداعي إلى فصل الدين عن الدولة أو تقرير المصير، اذا كانت المهلة للتشاور داخل الحركة الشعبية وبين السودانيين من أبناء الحركة الشعبية فنتوقع ان لا تبرز أي عقبات أمام التأكيد على التفاهم الذي حدث بغض النظر عن محتواه والمضي قدما في توقيع اتفاق المباديء، اما ان كانت المهلة للتشاور مع ذوو الأجندة الخارجية المعروفة والهادفة إلى تمزيق السودان إلى دويلات متعددة، فإن العقبات ستتهض مجددا أمام توقيع هذا الإعلان.

لا أدري لماذا لا يقرأ الحلو ومن معه التغيرات الداخلية التي حدثت نتيجة لثورة ديسمبر؟! لماذا لا يستوعبون ان هناك فرصة حقيقية لبناء سودان حر ومتعدد والمواطنة فيه أساس الحقوق والحريات؟! لماذا ينظرون إلى الداخل بسلبية وبوجهة نظر انطباعية تاريخية قديمة وكان السودان هو السودان قبل عشرة وعشرين وأربعين عاما! عليهم أن ينظروا عميقا إلى التحولات التي تسري في شرايين المجتمع والأمة، وأن يستحسوا النفور الجماهيري من الأجندة الأحادية والاجندة القهرية وانفتاحهم نحو الأجندة التوافقية وأجندة بناء وطن واحد وامة واحدة ثراءها في تعددها وفرادتها في تنوعها.

لماذا يصر الحلو ومن معه على مخاطبة الواقع الجديد بالخطاب القديم؟! لماذا يصرون على مواجهة التحول الجديد بالأساليب القديمة المبنية على (نشافة الراس) والاجندة الخارجية، لماذا يصرون على الوصول إلى كل اهدافهم بغض النظر عن اهداف الطرف الاخر عبر الاتفاقيات ولا يتركون شيئا يجتهدون لتحقيقه عبر التغيير المجتمعي! لماذا لا يستفيد السادة في الحركات الحاملة للسلاح من حقيقة ان السلاح لم ينجح يوما في تغيير حكومة مركزية عبر القتال من الاطراف بينما استطاع الشعب الأعزل تغيير ثلاث حكومات عسكرية من قلب الخرطوم؟! لماذا لا تنتج هذه الحركات أجيال جديدة لديها مفاهيم مختلفة جذريا عن طريقة التمرد البالية وعن طريقة انتزاع الحقوق عبر الاتفاقيات المسلحة!

فليخرج الحلو من كهفه وليرى ان بالإمكان تحقيق مشروعه من قلب الخرطوم وليس من ادغال كاودا، التغيير الجديد الموجود في السودان صنعه الشعب، جميع الشعب السوداني، لا فضل لجهة على جهة ولا اثنية على اثنية، فليجتمع الحلو حوله مع جميع السودانيون من أجل بناء دولة واحدة تمثل الجميع، فقد انتهى عهد الحروب والتمرد وجاء عهد النضال المجتمعي والتغيير من الداخل، فهل من مدكر!


sondy25@gmail.com

رد واحد على “البرهان والحلو في جوبا”

  1. […] اخبار السودان المصدر صحيفة التحرير […]