محمد القَدّال وعيسى الحلو

محمد القَدّال وعيسى الحلو
  • 22 يوليو 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف أبو لوز


لا ندري من الذي ارتكب ظلماً معنوياً أو رمزياً في حق الأدب السوداني المعاصر، الشعر والرواية على وجه خاص؟ هل هو الإعلام الثقافي العربي، وبخاصة في ما كان يُسمى عواصمه المركزية في سبعينات وثمانينات القرن العشرين في القاهرة، وبيروت، وبغداد على وجه خاص أيضاً، أم أن اثنين من الكتّاب السودانيين ظلما أدب بلادهما بذلك الستار الذي ضُرِبَ حولهما من الشهرة العربية : الطيب صالح (1929-2009)، ومحمد الفيتوري (1936-2015)؟

الطيب صالح الذي أدّى به الاحتفاء الإعلامي الثقافي العربي إلى حدّ إطفائه لروائيين سودانيين كان للبعض منهم القدرة الأدبية على كتابة ما قد يكون أهم من: «موسم الهجرة إلى الشمال 1966»، ومحمد الفيتوري الذي أدّى به أيضاً الاحتفاء الإعلامي الثقافي العربي إلى حدّ إطفاء شعراء سودانيين عندهم الكفاءة الأدبية والثقافية لأن يكتبوا ما هو أهم من: «ابتسمي حتى تمرّ الخيل..».
مناسبة هذه المقدمة لا تحتاج إلى شرح، فقد شهد الوسط الثقافي السوداني والعربي في بحر هذا الأسبوع رحيل اثنين من أهم كتّاب السودان: الشاعر محمد طه القدّال (1951- 2021)، والقاص الروائي عيسى الحلو (1945- 2021). القدّال شاعر مقاوم لمنظومة الديكتاتوريات التي مرّت على حكم السودان في العقود الثلاثة الماضية. شاعر جريء. عنيد في مواقفه الشخصية والشعرية ليصبح بذلك رمزاً أدبياً وسياسياً أيضاً في الذاكرة السودانية من دون أن يتلوّث في طبائع وأحوال السياسة بمعناها المهني النفعي، وهو المعنى الذي كان يرفضه القدّال، ويضع في حسبانه دائماً كرامة الإنسان وحقّه في مواجهة الاستبداد.
الكاتب الثاني الذي خسره الوسط الثقافي والأدبي والصحفي السوداني هو الروائي والقاصّ عيسى الحلو، الذي بجهد أدبي كبير وثقة بالنفس الكاتبة؛ استطاع تجاوز الحدود السودانية الثقافية إن جازت العبارة، وشكل اسماً روائياً وقصصياً لامعاً في السودان، على الرغم، مرة ثانية، من الستارة الثقيلة التي ألقاها الطيب صالح على مسرح الرواية والقصة في السودان.
من ظَلَمَ الشعر والرواية في السودان إعلامياً وصحفياً وحضوراً عربياً؟ في رأيي يعود هذا الغبن ودعنا نزيح كلمة «ظُلْمْ» من هذا السياق إلى ثلاثة: السودانيون أنفسهم غبنوا آدابهم الشعرية والروائية الجديدة، وبخاصة تلك التي ظهرت في العقود الثلاثة الأخيرة، أي منذ التسعينات وحتى اليوم؛ وذلك من خلال تقاعس وانغلاق الصحافة الثقافية السودانية على نفسها وعدم محاولتها كسر قوقعة العزلة في المكان السوداني بذاته، ثم يعود غبن الأدب السوداني المعاصر إلى التقصير الفادح من جانب الصحافة الثقافية العربية التي ذهبت للتطبيل والتزمير لنجوم الرواية والشعر العرب وتجاهلت السودان.
أخيراً يظل أثر نسبي ضعيف لنجومية الفيتوري والطيب صالح في الشعر والرواية في السودان، وإن كانت الأشجار أحياناً تغطي على الغابات

الوسوم يوسف-أبو-لوز

التعليقات مغلقة.