أين الصندوق.. حتى نفكر خارجه؟

أين الصندوق.. حتى نفكر خارجه؟
  • 29 يوليو 2021
  • لا توجد تعليقات

محجوب الخليفة

🔅 التفكير خارج الصندوق هي العبارة المتصدرة في المتداول من الكلام المكتوب والمنطوق هذه اﻷيام ، ولكن إذا سلمنا جدلا بأن استعداد الشعب السوداني مكتمل للتفكير خارج الصندوق كما يقولون، بينما الحقيقة تقول إن الشعب السوداني يحتاج إلى من يخبره بالصندوق نفسه ومكان وجوده حتى يتمكن من التفكير خارجه، وهذه ليست مزحة وإنما حقيقة تفرض علي الحكومة ومنابرها اﻹعلامية شرح حكاية الصندوق هذه وكيفية التفكير خارجه، أي نحتاج إلى أن نعرف أن الصندوق هو الروتين أو هو حدود وهمية تمنعنا الحركة والمبادرة وتحرمنا من جرأة اابتكار وهذه الموانع الوهمية ظلت كقيود صارمة تكبل اﻷفراد والحكومات واﻷحزاب والشركات وتمنعها من إستغلال الثروات البشرية والموارد الطبيعية الضخمة ،

🔅والصندوق في كلمات واضحة هو حالة من الخوف المتوهم والثقة الغائبة، التي جعلتنا منذ مئات السنين نصدر مواردنا خاما ليستفيد منها آخرون، وننتظر هؤلاء اﻵخرين ليعرفونا حتى بأنفسنا وثقافتنا، فلا نعترف بعلمائنا وادبائنا ولا فنانينا اﻹ بعد أن يخبرنا اﻵخرون بهم، وبذات النهج نعرف قيمة مواردنا الطبيعية منهم، والغريب في اﻷمر أن الصندوق الذي يطالبوننا بالتفكير خارجه نحن لا نقبع داخله كما يظن كثيرون، وإنما هو الذي يتربع في دواخلنا ويمسك بتلابيب أي فكرة أو رغبة في التغيير .

🔅أذكر انني كتبت وعلى الصفحة اﻷخير بصحيفة الشرق الاوسط اللندنية في مطلع الثمانينيات وكنت يومها طالباً بقسم الصحافة واﻹعلام جامعة اﻷزهر موضوعاً عن مبادرة رصدتها ﻷحد اقربائي أرهقه نقل الخضروات والعلف من جزيرة داخل النيل، وقد بدت المياه ضحلة لدرجة تجعل الناس يعبرون مشياً علي اقدامهم، ولكن ترهقهم الرمال، التي تفصل بين برك المياه والقرية، والمبادرة التي رصدتها يومها هي جرأة ذاك القروي باستخدامه عربة كارو يجرها حصان استطاع بجرأته أن يهزم الوهم الذي منع اهل القرية، وهو اعتقادهم باستحالة مرور أي عربة كارو او سيارة نقل فوق الرمال، واﻵن وبعد ما يزيد علي الثلاثين عاماً اصبح مألوفاً عبور الجرارات وعربات النقل فوق تلك الرمال لنقل المنتجات الزراعية، التي اصبح الموز في صدارتها.

🔅 القروي صاحب الكارو تمكن من التغلب علي الصندوق، واستطاع أن ينفذ فكرته، فكانت جرأته مفتاحاً لتخفيف المعاناة واختصار الوقت، وحتي تغيير وضع الجزيرة التي دخلها أحد المستثمرين لتكون مكاناً مناسباً ﻹنتاج الموز ، وتغذية السوق المحلي ودعم صادر الموز.
إذن ليعلم كل السودانيين أن الصندوق بدواخلهم، ولكنهم مسجونون تحت سطوته وحدوده وموانعه الوهمية، ومن ثم إذا رغبوا في التفكير خارج الصندوق عليهم اولاً اعتماد الجرأة واﻹقتحام والثقة بالنفس والبحث عن الجديد، وتجريب اابتكار ، والخروج علي الروتين هو نفسه التفكير خارج الصندوق والذي نحتاج إليه اﻵن وبشدة حتي يتحقق التغيير المطلوب.

التعليقات مغلقة.