المسيرة الوضاءة (5)

فاطمة والإنقاذ

فاطمة والإنقاذ
  • 18 أغسطس 2017
  • لا توجد تعليقات

عطل نظام الإنقاذ الاتحاد النسائي ضمن الأحزاب والمنظمات الديمقراطية، وبناءً على التصريح الذي أدلى به الرئيس عمر البشير، بأنه يفتح الباب للمواطنين لينتقدوا سياسته، جهزت الأستاذ فاطمة مذكرة من الاتحاد النسائي تنتقد سياسته، وأخذتها إلى القصر، وسلمتها إلى سكرتاريته، وفي اليوم التالي جرى اعتقالها في غرفة بجهاز الأمن مع مجموعة من النساء والرجال، وفي تلك الفترة كان مقرراً سفرها إلى لندن لإجراء عملية، فتدخلت منظمة العفو الدولية ، وأُطلق سراحها، وفي شهر نوفمبر سنة 1990 ، وصلت إلى لندن وأجريت لها العمليات، ورفضت أسرتها عودتها إلى السودان؛ خوفاً على صحتها.

عقد الاتحاد النسائي العالمي مؤتمره الدوري العام في إبريل عام 1991 بمدينة مانشستر بالمملكة المتحدة، وتم ترشيحها للرئاسة بواسطة الوفود العربية والإفريقية، ففزت بمنصب الرئاسة، وتلك اول مرة في تاريخه، تتولى رئاسته امرأة من العالم الثالث.

ويذكر أن الاتحاد النسائي اكتسب عضوية في الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في عام 1953م حينما وجهت لي الدعوة لزيارته في مقره ببرلين الشرقية، التي انتقل إليها من باريس، واصبح الاتحاد النسائي السوداني عضوا في لجنته التنفيذية.

وتذكر الأستاذة فاطمة أن لك كانت أغنى فترة من فترات نشاطها، واكتشفت ان معظم المنظمات مجرد منظمات فوقية. تم ترشيحها بواسطة مكتب الاتحاد العالمي التنفيذي لجائزة الامم المتحدة لحقوق الإنسان بوصفها أنها أول امرأة من العالم الثالث تفوز برئاسة الاتحاد النسائي العالمي، فاعترضت على أساس انها لم تصل إلى ذلك المنصب لولا نضال الاتحاد النسائي السوداني قيادة وقاعدة، وعليه يجب أن تمنح للاتحاد النسائي السوداني، فاعترضت المندوبة الفرنسية بحجة أن اتحادها أولى؛ لأنه اسس الاتحاد العالمي، وأخيراً تم الاتفاق على أن يوضع اسم الاتحاد النسائي السوداني بجانب اسمها.

وتسلمت فاطمة الجائزة من الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بطرس غالي في قاعة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وبحضور ممثلي كل الحكومات الاعضاء في الامم المتحدة، وهكذا أصبح الاتحاد النسائي أول تنظيم نسائي في العالم كله ينال جائزة الامم المتحدة لحقوق الإنسان.

كونت مع مجموعة كبيرة من الجنسين من مختلف الانتماءات الحزبية “اللجنة السودانية للتصدي لانتهاكات حقوق النساء والشباب والطلاب” عندما بلغها نبأ جلد طالبات كلية الاحفاد لأنهن غير محجبات، ونبأ اختطاف الشباب والطلاب من الجامعات والشوارع، وإرسالهم إلى مناطق الحرب، وما تبع ذلك من مسرحية عرس الشهيد، التي ادعى فيها د. الترابي أن الذين يقتلون في الحرب ضد الجنوبيين سيرفعون إلى الملأ الاعلى، وسيعقد قرانهم على بنات الحور، وظلت المجموعة تسير المواكب إلى مقر رئيس الوزراء، وإلى ممثل الأمم المتحدة ببريطانيا، وتقدم لهم المذكرات حول انتهاكات حقوق الإنسان ، وحول الحرب، وحول ما تتعرض له النساء .

-تكون فرع الاتحاد النسائي بلندن، واحتفلت والأعضاء باليوبيل الذهبي للاتحاد النسائي، وكان حدثا عظيما بلندن .

أسهمت في إنشاء مركز لتأهيل وتدريب القيادات الشابة، وانضم إليه نحو 150شابة وشاباً، ووضع برنامج دراسات، اشتمل على محاضرات من مختصين في كل ما يتعلق بالسودان ابتداءً من تاريخه، وتشكلت فرقة كورال وطني من الشباب الموهوبين فنياً، وأعد معرض يبرز منتجات وأزياء أقاليم بالسودان.

وشاركت في فترة وجودها بلندن في مؤتمرات إقليمية ومحلية وعالمية عامة ونسائية أخرى، واجتمعت مع النائبات بالبرلمان الأوربي .

ومن ذكرياتها: “وأما إحدى رحلاتي إلى المغرب، فإنها تستحق التسجيل. بعد انتهاء المؤتمر الذي دعيت للاشتراك فيه بمدينة الرباط وجه لي لفيف من الطلاب السودانيين بجامعة الرباط الدعوة لتقديم محاضرة عن السودان بالجامعة، وكانت القاعة ضخمة ومليئة بالحضور، وكان واضحاً أن أغلبهم من الأحزاب الاسلامية، ومن ضمنهم بعض السودانيين، وفي مقابل المنصة كان يجلس رجل ضخم، ذو لحية طويلة، وبدأت الحديث عن قضية المرأة، وأوضحت رأي الإسلام فيها، وفي تعدد الزوجات، وقدمت الآيات الشريفة التي تدعم وجهة نظري، فاذا بالرجل الضخم يهجم علي ويخنقني بكلتا يديه، حتى جحظت عيناي، وتطايرت منهما الدموع، وانشلت القاعة، وانشل الطلاب الذين يقفون بجانبي للحراسة، ومن جانبي لم اشعر بأي خوف ولم أحاول المقاومة، وكنت متأكدة أنه سيلوي عنقي ليكسره، ولكن لدهشتي، أخذ يردد جملة: “أنت على حق أغفري لي”، وفك قبضته على عنقي، وعيناه جاحظتان إلى أعلى، ثم أخذ يتراجع نحو الخلف إلى أن نزل بكل ثقله على الكرسي، وبسرعة شديدة اختفى أصحاب اللحى من القاعة”.

وجهت إليها الحركة الشعبية لزيارة الاراضي المحررة واستقبلوها بحرارة، ونظموا لها جولة ولقاءا مع عدد ضخم من المواطنين والمواطنات، وهالها سوء حالهم، وأوحت لها الزيارة تسيير قوافل سلام إلى البرلمان الأوربي، ولبعض المؤتمرات بأوربا تمثل فيها الأقاليم السودانية الأربعة، إضافة إلى أطفال من الجنوب، وعند نشر الفكرة ، اتصل بها سكرتير اتحاد الشباب العالمي، وعرض التعاون لتحقيق المشروع، وبالفعل مول الاتحاد أول قافلة سلام إلى الأراضي المحررة بالجنوب عبر نيروبي، واشترك فيها ممثلون عبر منظمات حقوق الإنسان، واتحاد الشباب، والصحافة والنقابات من ألمانيا، واتحاد الشباب السوداني والألماني، واستقبلتهم الحركة الشعبية بترحاب، ومن حسن حظهم أنهم تأخروا قليلاً، إذ إن طائرة حكومية رمت قنابل في المكان، الذي كان مفروضاً أن يصلوا إليه، وتبين أن الشخص الذي كان يتلقى المحادثات التليفونية بمكتب الحركة بنيروبي هو الذي ظل ينقل الأخبار إلى الحكومة .
وجرى تسيير قافلة سلام أخرى مؤتمر السلام العالمي بمدينة “هيق” بهولندا، بعد أن أمنوا تكاليف مشاركة الشباب .

وشارك وفد من مركز تدريب القيادات الشابه قوامه 46 عضواً في مؤتمر السلام العالمي الذي عقده اتحاد امهات السلام العالمي بفرنسا بالتعاون مع منظمة العفو الدولية في مدينة ليل بفرنسا، وقدمت شابة من الجنوب كلمة جيدة حول الحرب، والوضع في السودان، ورقصت وفود المؤتمر على أنغام وأناشيد كورال الشباب حول الديمقراطية والسلام وبناء الوطن ووحدته.

وشاركت في مؤتمر نسائي عقده قسم دراسات المرأة بجامعة برلين، وأعدت ورقة عن السودان وقضايا المرأة والاتحاد النسائي، وأوضحت أن قبول الامم المتحدة الأنظمة العسكرية في عضويتها يشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان في تلك البلدان، ويشجع الجيوش على الانقضاض على السلطة بالسلاح والقوة ، كما طالبت بمنع بيع الأسلحة والكيماويات للسودان، كما طلبت المساندة الشخصية لتنظيم حملة واسعة على نطاق العالم لإقناع الأسر بعدم شراء لعب الحرب للأطفال، وإقناع الحكومات بمنع وسائل إعلامها من عرض مشاهد وافلام العنف ، ومطالبتها بإضافة ثقافة السلام إلى المناهج المدرسية، وفي برامج وسائل الاعلام الرسمية والأهلية .

في الشهور الأولى من عام 1996م، وصلتها رسالة من قسم الدراسات الإفريقية بجامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس لشترك في منافسة أعلنتها الجامعة، لاختيار باحثة او باحث أول وثانٍ لإعداد بحث عن المرأة الإفريقية، وفاز مشروع بحثها بالدرجة الأولى، فتم اختيارها باحثاً أولاً، ومنحت درجة الزمالة والدكتوراه الفخرية، وفازت بالدرجة الثانية شابة نيجرية حائزة على دكتوراه، وتعمل محاضرة في إحدى الجامعات الأميركية.

وعندما وصلت الجامعة، ووجدت أنهم اعدوا لها مكتباً، وكتبوا أمام اسمها في اللافتة لقب “دكتورة”، أخذت اللافتة الصغيرة، وذهبت لسكرتيرة العميد وأخطرتها بأنها لم تدخل الجامعة، وأن كل ما فعلته أنها كتبت تجربة الاتحاد النسائي، فردت السكرتيرة متسائلة بخبث: “هل نكتب اللافتة باسم د. الاتحاد النسائي؟”، وانفجرت ضاحكة، فضحكت فاطمة واستسلمت للأمر.

دخلت الراحلة برلمان (الإنقاذ) بموجب قرار رئيس الجمهورية عام 2005 م تنفيذاً لاتفاقية السلام الشامل، و اتفاق القاهرة ممثلة للتجمع الوطني الديمقراطي.

ومن الكتب التي أصدرتها :
– حصادنا خلال عشرين عاماً.
– المرأة العربية والتغيير الاجتماعي .
– حول قضايا الأحوال الشخصية .
– قضايا المرأة العاملة السودانية .
– آن آوان التغيير، ولكن !
– صرخة راوية لتهز ضمير العالم (باللغة الانجليزية).

التعليقات مغلقة.