غيبونة (الدخول في غيبوبة بسبب الغبينة)

غيبونة (الدخول في غيبوبة بسبب الغبينة)
  • 31 يوليو 2021
  • لا توجد تعليقات

البروفيسور محمد عبد الله الريح

وإنت سالخ جلد النمل ليه ؟

عجيب أمر ما يجري
وأعجب منه أن تدري
أصبحت أخاف أن أضغط بالغلط (نجمة) فأشيل (نغمة) لأن الذي سأشيله هي نغمة تسير هذه الأيام بين الموبيلات تقول:

نحنا كرمنا نيرانو بتولع قج
ونحنا سعنا بلبن الطيور بنخج
نحنا بنقنص النجم البنوّر صج
ونحنا بنفقه الدود البكاتل رج
****
نحنا نسبنا من نسب الرسول مالخينو
ونحنا وشينا بي وسم الكرم شالخينو
نحنا قلبنا بي دم الأسد جالخينو
نحنا بلا فخر جلد النمل سالخينو
****
نحنا الليدنا جوادة وطبيعة كريمة
نحنا شيمنا لي شيم الصحابة غريمة
نحنا شكرنا مو عركة رجال وجريمة
نحنا الدود نعلقوا ونسولو صريمة
فتصور..! ! !
أولاً بالتبادي.. النملة ليه تسلخوا جلدها (هذا إذا كان عندها جلد.. وإنتو قدرتو تسلخوه)؟ وما هي (المزية) التي سنتبوأ بها مكانتنا بين الأمم حتى ولو سلخنا جلد جميع أفراد أمة النمل وصنعنا منه أكبر (مركوب) لأكبر رجل في السودان (أصلو جنكم مراكيب)؟ وبعدين تعالوا هنا…ولماذا (بلا فخر)؟ وطيب نحنا تعبانين ليه ومتنبرين فوق كم إذا كان بلا فخر؟.. لا.. حقوا تفخروا .. لأن هذا العمل لم تسبقكم إليه أمة في الأولين ولن تقلدكم فيه أمة من المتأخرين..
قال النملة نسلخ جلدها.. قال.
النملة تطير عيشتها..
هل تظنون أن أمة النمل أمة هينة.. ولا مقطوعة لينة؟ أمة عدد تعدادها يفوق عدد البشر بعشرات المرات .. وكلهم شغالون ولا توجد نملة واحدة عاطلة .. ولا توجد نملة واحدة منذ أن خلق الله النمل قبل 250 مليون سنة نملة خرجت في مظاهرة لأنها غير مقتنعة بالوضع الراهن. بل هي تعمل في رضاء تام لأن مظلة العدالة الإجتماعية والرفاهية التي تعيش فيها أمة النمل لا تستوجب إحتجاج نملة واحدة. ليتني كنت نملة تسبح بحمد ربها ولا يهمني أن تفقهوا تسبيحي لأن تسبيحي لله رب العالمين.
(افتح قوس)
شتم أحدهم – من الجهلاء – الشيخ العبيد ود بدر أمام حيرانه وقال له : يا كلب.
فقال له الشيخ العبيد: أنا كلب؟
فقال له:
كلب وستين كلب.
فرد عليه الشيخ العبيد قائلاً:
نان يابا.. أنا الكلب بحصل مقامو؟ أت وضعتني في مقام أنا ما بحصلو.. وأريتني أحصلو..
الكلب هو صاحي وسيدو نايم.
وأنا نايم وسيدي صاحي..
(أقفل القوس)
ونحنا يا ريتنا نحصل مقام النمل ونعمل زي ما بعمل.
وبعدين إيه حكاية الأسد دي؟ ونحنا قلبنا بدم الأسد جالخينو ؟ ما الذي تدل عليه هذه العبارة التي وردت مذكرة تفسيرية بخصوصها في الكوبلية الأخير من القصيدة: (نحنا الدود (الأسد) نعلقوا ونسوي لو صريمة).. وأصغر لاعب سيرك ممكن يرقص الأسد ويخليه يمشي على الحبل وما يلخبطوش.. ولكن إذا كان هناك فخر لهزيمة الأسد فهي لسيدنا عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه خرج في بعض أسفاره فبينما هو يسير اذ هو بقوم وقوف. فقال ما لهؤلاء القوم ؟
قالوا: أسد علي الطريق قد أخافهم .
فنزل عن دابته ثم مشي الي الاسد حتي أخذ بأذنه ونحاه عن الطريق ثم قال له :
ماكذب عليك رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله : إنما سلطت علي إبن أدم لمخافته غير الله ولو أن إبن ادم لم يخف الا الله تعالي لما سلطك عليه ).
فهل خفتم الله حتى لا يخيفكم الأسد؟ إن فعلتم ذلك فربما يحق لكم أن تتنبروا و(إن شا الله ترسموا ليهو حواجبو).
البطل القومي الذي يسلخ جلد النملة أو يعمل من الناموسة بيرجقر أو (يفقه) الأسد.. لم يعد بكل المقاييس هو البطل المطلوب الذي نغني له أو نحجي به أحفادنا.. فهذا البطل بالرغم من كل تلك الخوارق لا لزوم له في زماننا هذا . نحتاج لبطل قومي بمواصفات أخرى .. فمثلاً البطل الذي نتغنى له هو الذي يقودنا لننتج أكثر مما نستهلك – ونزرع أكثر مما نقطع – وننظف أكثر مما نلوث ونرشد أكثر مما نبدد ونصمت أطول مما نصرح . ويوم أن نفعل ذلك يحق لنا أن نتنبر بأننا أمة لها إنجازات تباهي بها الأمم. ولكن سلخ الناموسة أو النملة أو جعل الأسد قطة تتمسح بالأرجل.. (إن تحقق) لا ينزل سعر كيلو اللحمة إلى عشرين جنيهاً.
وخير لنا أن نفتخر بإنجازات حقيقية وإخفاقات بطولية Heroic Failuresكأن نقول:
نحنا مشينا في وسط الشوارع لخمة
نحنا العندنا النشال بيذوب في الزحمة
بتهاجر خرافنا و نحنا من غير لحمة
والباعوض يقرم فينا من غير رحمة
وأستغفر الله لي ولكم.

التعليقات مغلقة.