مسرح الثورة و(جر الخمسين)

مسرح الثورة و(جر الخمسين)
  • 04 سبتمبر 2021
  • لا توجد تعليقات

د. حسين حسن حسين


أتوق دومًا إلى الحيشان الثلاثة (المسرح- الإذاعة- التلفزيون)، حيث كانت انطلاقتي في بلاط صاحبة الجلالة، من خلال صحيفة السوداني، إذ طلب مني رئيس التحرير الأستاذ عبدالرحمن إبراهيم أن آتي له بأخبار هذه الحيشان، وما بها من نشاط، مجاملة للمخرج المبدع صالح مطر، الذي توسط لي للعمل.

لم يكن يتوقع ود إبراهيم أن أنجح في اختباره، لكن أستطعت بحمد الله اجتيازه، بتشجيع من مدير التحرير صلاح عمر الشيخ، والزميل الرائع تاج السر الملك المشرف على الصغحة الثقافية وصفحة المنوعات، حتى أطلقت صفحة (فنون)، وظللت مشرفاً عليها حتى أطبق علينا وعلى البلد الكيزان.

بشوقي المعتاد، ذهبت إلى المسرح لأرى حاله بعد الثورة، وليتني لم أفعل.

وجدت مسرح الثورة يغط في نوم عميق، بل قل أصبح جثة هامدة، يحتاج فقط إلى تشييع.

أصبح المسرح راكوبة كبيرة متهالكة يجلس تحتها بعض الممثلين يلعبون الكوتشينة، ويجترون ذكريات أيام خلت.

بدروم المسرح المخصص لعدد من الوظائف، من ديكور واكسسوارات وأزياء وغير ذلك يغرق في ماء آسن، أصبح مهدداً للبناء طبعاً تقلصت مساحة المسرح بعد أن تمدد على حسابه التلفزيون وفضائية الخرطوم من اليمين واليسار، حين اخترع الكيزان فرية أن يقتصر المسرح على دار عرض، ليذهب الموظفون إلى وزارة الثقافة.

سرد لي الفنان الطيب شعراوي كيف أن هناك من تكالبوا على الدعم المقدم للمسرح في إطار احتفالية الخرطوم عاصمة للثقافة العربية، حتى إن هناك من أقام مسرحًا في فضاء معرض الخرطوم، وبعد أن نال المقابل ذهب بمسرحه المتوهم.

لن نظل نقف في محطة الإنقاذ، لأن هناك ثورة قامت، وحكومة تمثلها اليوم، وهي تلوك ليل نهار أن هذه الثورة ثورة وعي.أي وعي يا هذا من دون فن، ومن دون أن يكون لأبي الفنون (المسرح) وجود في المشهد الثقافي.

قال الشعراوي إنه قال لوزير الثقافة السابق فيصل محمد صالح إنه يأتي للمسرح ليلعب الكوتشينة، وإن مكافأة الدولة له (بتكون على جرة الخمسين)

أتذكر أن الفنان الكبير الفاضل سعيد قال لي ذات يوم إنه اجهش بالبكاء يوم أن رأى مسرحًا في إحدى قرى الشمالية قد كتب عليه: أعطني مسرحًا أعطيك أمة.

قلت له: هذه قريتي عمارة، ومن خط العبارة ابن خالتي شوقي محمد شايقي حسب ما سمعتا

اليوم لا وجود للعبارة ولا للمسرح في عمارة، كما أن مسرحنا القومي بجلالة قدره ساحة منافسة في (جر الخمسين).


الفاتحة.

التعليقات مغلقة.