السودان دا حق منو؟

السودان دا حق منو؟
  • 21 سبتمبر 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

بعد ٦٥ سنة من الاستقلال مازال يستهلكنا جميعا صراع القبائل مع الدولة، وتستنزفنا (القومة والقعدة) حول اغلاق البجا للطرق القومية بالشرق، وإغلاق المناصير للطريق القومي بالشمال، وهذا للاسف قمة الانحطاط والتخلف.

نالت جنوب أفريقيا استقلالها من بعدنا، نالت سنغافورة استقلالها من بعدنا، نالت ماليزيا استقلالها من بعدنا، كل هذه الدول عبرت إلى القمة ونحن مازلنا في الخلف تجرنا للقاع صراعات القبائل والنعرة الجهوية والانقلابات العسكرية وتحطم دولتنا واحزابنا ومنظوماتنا الحديثة.

بالأمس الأول عاد اربعة مواطنين اوربيين ( مواطنين وليس رواد فضاء) من سياحة فضائية حول الكرة الأرضية بمركبة فضائية قطعت ملايين الكيلومترات حول الارض، ونحن عاجزين عن توصيل إمرأة حامل في حالة ولادة من قرية لمستشفى تبعد فقط ٣٢ كيلو مترا منها، فنفقد المرأة وطفلها ونفقد احترامنا لذاتنا ونفسنا.

لابد أن نعترف بواقعنا الحقيقي، واقع القبلية والجهوية والعرقية المظلم، لابد ان نعترف بان طريقنا للحريات والديمقراطية يمر عبر مواجهتنا الجادة لخطابات القبلية والجهوية وكل امراض التخلف المجتمعي المنتشرة هذه الأيام في بلادنا، فهذا الواقع البائس المليء بالاصطفاف الجهوي والقبلي لا يخدم أي تطور ولا يبني دولة حديثة.

كذلك علينا أن نتواضع قليلا ونحترم كل المواطنين السودانيين سواء بالميلاد او الجنسية، شخص وصل السودان قبل سنوات قليلة او كثيرة ونال الجنسية السودانية وأصبح مواطنا بالتجنس ولا يمانع ان ينتمي لهذا البلد ويحترم قوانينه ويخدمه في الخدمة الوطنية ويدفع ضرائبه، لماذا نصر على أنه ليس سوداني؟!

أمريكا افضل بلد في العالم تفتح أبوابها سنويا لأكثر من خمسين الف شخص من جميع دول العالم، تمنحهم جنسيتها وتجعلهم يتمتعون بكل الحقوق داخلها، أوباما ابن الرجل المهاجر من كينيا صار رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية بل يصنف ضمن أعظم الرؤساء، بينما في هذا السودان المليء بكل الأمراض السياسية والمجتمعية هناك من يعتقدون ويتصرفون وكأن هذا البلد ملك حر لهم او اقطاعية باسم اجدادهم، ويصرون على حرمان ذاك وهذا من جنسية السودان !!

للاسف هذا تخلف وانحطاط لدرجة بالغة السوء، واستهلاك لانفسنا في صراعات (فارغة )، واستمرارنا بهذه الصورة لن يساعدنا على بناء دولة تعايش وسلام وحرية، ولن يساعد مواطنوا هذا البلد (المساكين) على أن يحيوا حياة سعيدة، بل لن يموتوا حتى بطريقة شريفة تليق بمواطن يعيش في القرن الحادي والعشرين وليس القرون الحجرية.

صورة بلدنا بلا تجميل ولا رتوش ولا نفخة كاذبة هي صورة في منتهى البؤس، وبعد هذا هناك من يقاتل ويخطط ويدبر من أجل أن يجعلنا في هذا البؤس إلى الابد عبر استغلال الجهوية والقبلية والاجندة السياسية القذرة وسيلة لإعادة البلاد لحكم العسكر.

أمامنا طريق طويل ولكنه ليس مستحيل من الصعاب والتحديات علينا أن نعبرها، وفي ذلك رهاننا الوحيد يجب ان يكون على الاجيال الجديدة، فالاجيال القديمة مليئة ومحتقنة بكل هذه الامراض، علينا أن نراهن على أن تتحرر الأجيال الجديدة من سطوة القبلية والجهوية والنعرات التمييزية وان تصطف مع بعضها البعض بلا فوارق ولا تمييز ابناء وطن واحد، ومن أجل وطن واحد، ومستقبل واحد، يحترم فيه كل سوداني الآخر، ولا يحكمه حاكم الا عبر الانتخابات.

يوسف السندي
sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.