إحتساء (شاي لبن) بإمتاع ومؤانسة مع سينما شباب

إحتساء (شاي لبن) بإمتاع ومؤانسة مع سينما شباب
  • 17 مايو 2022
  • تعليق واحد

صديق السيد البشير

إحتساء (شاي لبن) بإمتاع ومؤانسة مع سينما شباب
صديق السيد البشير
(1)
قليل من الناس من يترك في كل شئ مذاق
“مظفر النواب”
يحاول مصطفى النعيم ترك مذاقا في كل شئ، ويضع بصمة مميزة في كراسة الإعلام والفنون في السودان ، في بعديها، المحلي، والكوني، و ليقدم منجزات سمعية وبصرية مدهشة للمتلقي الحصيف، لتعانق الأعين والأسماع وتلامس العقل، و القلب، و الوجدان، بمحبة، وإمتاع، ومؤانسة، منذ أن تخرج في كلية القانون بجامعة الخرطوم قبل سنوات قليلة، يمضي إلى حال سبيله محاولا ممارسة هوايته المحببة في تقديم برامج مرئية على الشاشتين الصغيرة والكبيرة، إلى جانب ممارسته مهنة المحاماة التي نال رخصتها قبل سنوات من نقابة المحامين السودانيين، هو إمتداد طبيعي لجيل القانونيين الذين تركوا مناقب ومنجزات في السياسة، والأدب، والتعليم، والدبلوماسية، والنقابات، والبحوث، والسياحة، والثقافة، والإعلام، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا.
من هذه العوالم جاءنا مصطفى النعيم ليقدم بعضا من برامج بصرية لم أشاهدها على فضائيات السودان على المدى القريب، على الأقل إن وجدت أصلا على مدار تأريخ الصحافة التلفزيونية في السودان.
(2)
وظف النعيم طاقاته الكامنة، علما، عملا، ومعرفة، بين ممارسة مهنة القانون، والإعلام، يقضي سحابة نهاره في عمل دؤوب، بين المحاكم، وتوثيق العقود، وأعمال التطوع، والإنتاج المرئي، بجانب إدارته لقسم العلاقات العامة بمركز الفيصل الثقافي بالخرطوم، بجانب إدارة التسويق بشركة سكر كنانة وحديقة بري العائلية.
بعد إنتاجه الإذاعي، مارس مصطفى النعيم العمل التلفزيوني منتجا لحزمة من البرامج بقناة سودانية24، مثل (صباحات سودانية) وغيرها، أما أهمها في نظري على الإطلاق هو (شاي لبن)، وللإسم دلالات في الثقافة السودانية، عادات وتقاليد، يلتقي أفراد الأسرة في المساء من خلال جلسات يتخللها إحتساء (شاي اللبن)، وعند الآخرين هو (شاي حليب)، فقط لكنه في السودان بنكهة، ومذاق مختلف، ويإمتاع، ومؤانسة، في الأمور الخاصة، والإهتمامات العامة، (شاي اللبن) يسهم في جمع القلوب قبل العقول، بمحبة، وتسامح، وود، وتواصل نبيل، ومن هذه الثقافةوتحت ذات العنوان، إجتهد مصطفى بمعاونة آخرين في إنتاج (شاي لبن).
(3)
أما هنا، و بخلفية موسيقية هادئة، تريح الأعصاب، وتعيد التوازن، وتضبط المزاج، مزاج الضيف والمقدم والمتلقي الحصيف، وإضاءة وزعت بعناية وإهتمام، تنم عن إحترافية وذائقة فائقة العذوبة، عذوبة كلمات تخرج من لاقطات الصوت في مكان يداعب الأسماع والأبصار ، ضيوف تم إختيارهم بتمحص دقيق، وتفحص بائن من خلال الحلقات، فهم يجمعون بين صفات البساطة، والتواضع، والسرد العذب، ليتعرف المشاهد على الوجه الآخر لشخصيات تنوعت بين صغيرة العمر كبيرة المنجزات، أو أخرى مثيرة الجدل على وسائل التواصل، أو في تخصصات دقيقة، معلومة للقلة مجهولة عند الكثيرين.
ومن هنا يفتح الضيف خزانة أسراره لمصطفى النعيم ، ليتعرف الناس على الوجه الآخر لنجوم في مجالات عدة وتخصصات مختلفة ، لتبدأ كل حلقة وتنتهي بسرد عذب، عذوبة اللغة والهدوء وفيض المشاعر، ليكشف الضيف بعضا من تفاصيل تخصه، يبوح بها لأول مرة، ببساطة وعفوية وتلقائية، بين ثلاثين إلى أربعين دقيقة ، مدة الحلقة، (شاي لبن) هو مساحة ممتعة، بالمحبة والجمال، وتفرد، ليجمع بين الحوار ،والمثاقفة، والترفيه، والحكي المثمر لقصص، ووقائع، وأحداث، ومنتجات، و استدعاءات أثيرة لذكريات تخرج للعلن لأول مرة.
(4)
أسهم البرنامج في تقديم نمط مختلف من الأعمال (السمعبصرية) جديد على قنوات السودان ، حكومية أو خاصة، ربما يصنف من طائفة البودكاست الرائجة منذ سنوات في قنوات العالم والمبذولة على المنصات الرقمية بأحدث الأجهزة والمعدات والأفكار والأساليب (شكلا ومضمونا)، وأعتقد أن فريق (شاي لبن) من النابهين، الموهوبين، إجتهدوا لإحداث تغيير كبير في الإنتاج البصري، بجانب دعم مقدر من قناة سودانية24 ، ثم ضيوف أسهموا بشكل ملحوظ في نجاح البرنامج في كل حلقاته المتواصلة، ولذلك أنجز فريق العمل موسمين من (شاي لبن)، بإجمالي (40) حلقة، وترتيبات قادمة للمضي قدما في زيادة الإنتاج وتقديم (12) حلقة لعرضها قريبا على قناة سودانية24 ومنصة يوتيوب.
(5)
اعتقد أن البرنامج نجح بالتجانس الكبير بين فريقه المتماسك، والهميم في أداء المهام الموكلة لكل فرد، بداية من منتجه مصطفى النعيم، مرورا بهاجر عبدالرحمن في الإعداد، وأروى محمد في تنسيق الضيوف، وأحمد شوالي وياسين في إدارة الإنتاج، ومهند معاوية وعبدالله ومحمود سراج سعيد أزهري خلف العدسات التي قدمت لنا كل تلك المشاهد المؤثرة التي عالجتها بدقة متناهية، وبتحرير مشاهدها على الحاسب الآلي إسراء عبدالوهاب، وكانت توحيدة بشار تنجز أعمال التسويق، أما إدارة المشروع فكانت من نصيب شهاب نظمي، وعلاء المنشد في تصريف المهام القانونية ل(شاي لبن)، كل هؤلاء قادهم بابكر إسماعيل بتميز ، تميز يبدو جليا من خلال إخراجه عشرات الحلقات من سلسلة (شاي لبن)، تهنئة مستحقة مني على النجاح، مع دعواتي لهم بالمزيد من الترقي والتألق والتكريم والتفوق على مختلف الصعد.
(6)
ونتيجة لأعماله الفنية والإعلامية، نال مصطفى النعيم وسام السفير سعيد زكي للتميز من الدرجة الأولى أكتوبر عام 2019م “Excellence” ، وبحسب تعريف لموقع الوسام، فإن وسام التميّز يمنح تقديراً وتكريماً للشباب والعلماء والمبدعين الذين يقدمون جهوداً جليلة في مجالات خدمة المجتمع، ويمنح الوسام للمواطنين وغيرهم من الشخصيات الأجنبية تكريماً لهُم، أو تقديراً لما قاموا به من أعمال، أو لتخليد وقائع هامة ذات صلة بتنمية الشباب، أو خدمة المجتمع، أو لتخليد أعمال، وجهود ذات قيمة وطنية ومجتمعية في مجالات الفنون، والآداب، والإبداع، والبحث العلمي، والتنمية المستدامة، والتميز الرياضي، والتطوع، وخدمة المجتمع، وتطوير وتنمية الشباب، وتمنح للذين إتصفت أعمالهم وإسهاماتهم الأكاديمية، والإبداعية، والأدبية، والثقافية، أو الفنية بالتميز والجودة.
لم يكتفي النعيم بإنتاج برامج بصرية وسمعية، بل مضى إلى فتح نوافذ أخرى مطلا بها على فضاء خارجي ، من خلال تأسيسه مجموعة سينما الشباب في أبريل عام 2013م ، وكان يرمي بها إلى إحداث حراك كبير في الساحة السينمائية في السودان بعد سنوات من الركود ، محاولا بث الروح الفنية في جسد السينما السودانية، التي عاشت أمجادا على مستوى الإنتاج ودور العرض في العاصمة السودانية الخرطوم والأقاليم الأخرى، وفي الذاكرة رموز أسهمت في إثراء المكتبة السينمائية بالعديد من المنجزات الفيلمية ، مثل كمال محمد إبراهيم ، إبراهيم شداد، جاد الله جبارة، حسين شريف، وآخرين سقطوا من ذاكرتي، إلى أن برزت مجهودات لإنعاش الفن السينمائي، كسودان فيلم فاكتوري، وغيرها، وإمتدادا لجيل الرواد، يأتي مصطفى النعيم بمجموعة (سينما الشباب) لصناعة سينما سودانية تحقق منجزات على الساحتين، الإقليمية والدولية، بهدف الإنطلاق بمهنية وإحتراف، وصولا للقمة، عبر خطط لصقل مهارات الشباب، سعيا لإنتاج أفلام تحدث الفرق، وتعيد السودان للمهرجانات السينمائية الدولية، إلى أن أنجزت المجموعة أكثر من (16) فعالية، جابت مختلف ولايات السودان، وتعد مبادرة (سينما الشباب) فرصة مواتية لكل صانعي الأفلام الشباب، لفتح نوافذ لهم، للإطلالة على الفعاليات الدولية، وعرض أعمالهم في مهرجانات إقليمية ودولية، ولذلك، حققت (سينما الشباب) بعض أهدافها، وهو نجاح يحسب للجميع، صناع الأفلام، و أعضاء المجموعة، ثم نجحت مبادرة (سينما شباب) في إطلاق (مهرجان تهارقا للسينما والفنون).
(7)
ومنذ إطلاقه في ديسمبر من العام 2013 ، وحتى نسخته السادسة، شكل مهرجان (تهارقا للسينما والفنون) سانحة مميزة، لتقديم أعمال بصرية سودانية مدهشة للآخرين، ومنذ تأسيسها في 26 ديسمبر 2013 ، تأتي جائزة (تهارقا)، بشعار مميز (سينما بتعبر عننا وعنكم)، وترمز إلى (تهارقا) أحد أبرز رموز الحضارة السودانية، و أكثر الملوك الكوشيين شهرة في نبتة إلى جانب أبيه بعانخي.
وبحسب حديث لنائب مدير الجائزة تسنيم رابح لوكالة العين الإخبارية (7 ديسمبر 2017) ، فإن (جائزة تهارقا) هي الأولى من نوعها في السودان دعما لصانعي الأفلام الشباب، برعاية كاملة من مركز الفيصل الثقافي، وشركة اندومي، وتنظمها مجموعة سينما الشباب سنويا لصانعي الأفلام، وتمثل نقطة ضوء في نفق السينما السودانية، حيث شاركت في دورات المهرجان أكثر من (13) دولة في المحيطين، العربي والأفريقي، حيث تنافست على (جائزة تهارقا) حوالى (343) فيلما في النسخة الخامسة وحدها، كما يسهم مهرجان أو جائزة تهارقا للسينما والفنون في تقديم أفلام السودان للآخرين بشكل مختلف، وفق حديث للعين الإخبارية، قال المدير الفني للمهرجان المخرج بابكر إسماعيل (7 ديسمبر 2017)، إن المهرجان مناسبة للتبادل الفكري و المعرفي بين المشاركين في مختلف جوانب الإنتاج السينمائي، فكرة، وتنفيذا، قد تسهم المبادرات المذكورة في إخراج السينما السودانية من ضيق الإمكانات والتجاهل، إلى سعة الإنتاج وفضاءات العروض.
*صحافي سوداني مقيم بالسعودية

رد واحد على “إحتساء (شاي لبن) بإمتاع ومؤانسة مع سينما شباب”

  1. يقول Ramah:

    أستاذي جعل الله ايامك حبا للممارسه هذا العمل