عندما تنعي القوافي مظفر نوّابها وتبكي بحورها بالدمع الغزير (2-2)

عندما تنعي القوافي مظفر نوّابها وتبكي بحورها بالدمع الغزير (2-2)
مظفر النواب
  • 30 يونيو 2022
  • لا توجد تعليقات

د. محمد بدوي مصطفى

الأديب عبد الله مرير وذكرى أغنيات مظفرية خالدة بدمشق الصمود

مقدمة:

حينما أرسلت الجزء الأول من مقالي عن مظفر النور، جاءني في الفور رد صديقي الدكتور المغربي سعيد يفلح العمراني كما يلي: «الله على مظفر… نعيته يوم موته في منبر جامعي حين كنت ألقي مداخلتي، في الوقت الذي لم يعلم الدكاتير بموته بعد… مظفر.. الثائر الفار من الإعدام المحب للموت.. وجهان في عملة تناقض.. العراقي الذي فاق الجواهري وجوهر قريضه… حياك الله صديقي واهي سيدي محمد وصباح النور والورد، النعي كان عبارة عن ترحم عليه في بداية كلمتي.»

الأديب عبد الله مرير وذكرى مظفر النوّاب ومن تغنوا بقصائده:

وعندما سألت صديقي الأديب عبد الله مرير، ابن دير الزور، يقول:

أذكر عندما كنت طالبًا بجامعة دمشق، كنت ألمحه يؤثر الجلوس وحيدًا بمقهى هافانا بمدينة دمشق. يجالس خياله في ركن من أركان هذا المقهى العتيق. يكتب ما تمليه عليه نفسه. وكنت في ذلك الوقت كلّي شغف ووله، أن أجلس إليه وأتجابد وإيّاه أطراف الحديث ولو حتى شذرات. بيد أنني لم أتجرأ البتّة في أيّ من أيامي تلك أن أقاطع خيوط أفكار هذه العبقريّة الفذّة أو حتى أسمح لنفسي أن أعيق وأمنع نزول وحي آله الشعر إليه. فهو كما كثير من الشعراء والأدباء، مثال نجيب محفوظ، لا تتنزل عليهم الآله إلا في تلك الأماكن المعشوقة العاشقة في عشقتها بالناس. وحتى عندما أمر بذاك المكان مع أصدقاء الدراسة، فاستحضر كلامهم إلى يومنا هذا وأنهم ذكروا لي في غير مرّة أنّه يؤثر الجلوس وحيدًا، السفر في خيال العوالم وحيدًا، العوم في مجرات الشعر وحيدًا وكأنه ولد وحيدًا وعاش وحيدًا ومات وحيدًا وسوف يبعث وحيدًا، على أيّة حال ذكروا فيما ذكروا عنها وعن سيرته النيرة أنّه لا يحب مجالسة رواد نادي المقاهي الرياضي، ويكره ويبغض أن أن يقاطع سلسلة أفكاره إنسان أو حتى جان. ويسترسل الأديب عبد الله مرير قائلًا، بيد أنّ أهلي بدير الزور، تؤثرهم أشعاره، وعمومًا بسبب القرب الجغرافي للعراق، فهم يعشقون لدرجة الثمالة أحاديث بابل، ويحبّون الأدب والزجل الآتي من بلاد الرافدين. الياس خضر وطالب القرقلي ومظفر النواب هذا الثلاثي الخطير، يعتبرون من جهابذة الأغنية العربية بالعراق. فهم دون أدنى شك أساطير، انطبعت بالذاكرة الجمعية لبلاد دجلة والفرات، إذ اجتمعت هذه الطاقات بين الغناء، الشعر والتلحين، لتتفجر دررا وياقوتًا. مثال أغنية ليل البنفسج التي لم تصنع في نظري للغناء، بيد أن عبقرية الياس خضر جعلت منها تحفة فنية لن تنسى:

التعليقات مغلقة.