خواطر من مصر المحروسة (1-6)

خواطر من مصر المحروسة (1-6)
  • 27 يوليو 2022
  • لا توجد تعليقات

د. عثمان أبوزيد

○ استقبلتنا لافتة في مطار القاهرة الدولي تحمل الآية الكريمة “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين”. بعد غياب ٣٤ عاما دخلت مصر. سائق التاكسي لما قلت له ذلك رد ببديهة مصرية حاضرة: باين حضرتك كنت خاصمت السادات!
○ في الطريق من المطار مررنا في طريقنا بعدد من المباني العسكرية بطرازها العتيد ربما تكون من بقايا عهد محمد علي. يساورني شعور بأن بلدا مثل مصر لن تكون محكومة إلا عن طريق العسكر، غير أن حادثة في الطريق تكاد تبدد عندي هذا الشعور…
○ دخل علينا ميكرو باص من الخلف، ونزل السائق غاضبا جدا. ذهب إلى جندي في طرف الشارع يستنجد به، فأشار عليه بألا يعطل السير. جاء السائق يتأفف: يبقى دا حكومة ويقول لي روحوا اتفاهموا، وما تعطلوش الشارع.
ظلت السيارة تحدث صوتا وهي تسير في زحام عجيب…
يقول السائق غاضبا: ما أخلصش من التعليقة دي ولا بألف جنيه!
يعطي هذا انطباعا عندي بقيمة النقود المصرية في الوقت الحاضر.
يعني المبلغ يساوى مائتي ريال سعودي. إنه مبلغ زهيد على كل حال، لكن صديقا لي أوصى بألا أحسب قيمة الحاجات في مصر بالريال السعودي!
وبالطبع لا أقارن قيمة النقود بين الماضي والحاضر. في أول زيارة لي لمصر حولت عشرة جنيهات سودانية وتسلمت عشرين جنيها مصريا، كفتني نثريات وطعام شهر كامل.
○ في الصباح الباكر أطللت على الشارع من البلكونة لكي أرى منظر الناس وهي تندفع إلى أعمالها في ذلك المشهد العجيب؛ المشهد الذي انطبع في الذهن منذ أيام رحلتي التدريبية عام ٧٥ حين نبهنا إليه أستاذنا الدكتور طه ربيع (مصري):

  • شوفوا يا أبنائي إزاي الشعب المصري بيخرج مندفع للعمل في نشاط وحيوية… لازم تاخدوا درس من المنظر ده!
    فوجئت بأن الشارع خامد والمحلات مغلقة.
    نسيت أن اليوم هو الثلاثين من يونيو ذكرى الحركة التي أتت برئيس مصر الحالي عبد الفتاح السيسي إلى الحكم.
    واليوم أيضا في السودان تتعطل الأعمال بسبب ٣٠ يونيو آخر يحاول فيه البعض الانتفاضة على العسكر الحاكمين وإزاحتهم من السلطة.
    ○ وعلى كل حال لم يعد الناس هنا يستيقظون باكرا، وتظل المحلات مغلقة حتى العاشرة صباحا. هذا أول تغيير جذري لفت نظري في شوارع القاهرة.
    (نواصل)
    وكتبه عثمان أبوزيد

التعليقات مغلقة.