آلية مبتكرة لاختيار رئيس وزراء يقود الحكومة المدنية خلال المتبقي من الفترة الانتقالية وصولا للانتخابات

آلية مبتكرة لاختيار رئيس وزراء يقود الحكومة المدنية خلال المتبقي من الفترة الانتقالية وصولا للانتخابات
  • 31 يوليو 2022
  • لا توجد تعليقات

عبدالرحمن الأمين

  • خلفية مختصرة
    لا يختلف اثنان على أن حالة التشظي الراهنة وغياب الإجماع تمثلان أكبر مخاطر الانتقال الديموقراطي. وتتزايد المخاطر كلما اقتربنا من البت في قرارات إدارية وتنفيذية حان أجلها وأهمها على الإطلاق إنهاء حالة الاحتكار المطلق للقرار التنفيذي ورهنه لحميدتي وبرهان.

نعم، أولويات المرحلة تستلزم التفكير في كيفية اختيار رئيس للوزراء يحظى بالقبول ويمتع بمزايا قيادية نادرة تمكّنه من المضي في تنفيذ مطلوبات المرحلة رغم التشرذم الراهن.

  • عناصر التحدي:
    1- إن حالة التشظي الراهنة والمماحكات والمكايدات التي تسود الساحة، كفعل مقصود من أجهزة النظام البائد، أو كنتيجة لتعنت قوى محسوبة على الثورة وإصرارها على فرض تصورات فكرية غير واقعية، كرستا واقعاً جهنمياً حرق كل مبادرات الوفاق والتوافق على نموذج لحل معضلة مؤسسات الانتقال في اليوم التالي، بعد إعلان سقوط انقلاب 25 اكتوبر 2021م.

2- استطراداً من النقطة السابقة، أصبح التحدي اليوم يحوم حول كيفية تمثيل “كل”، أو “معظم” القوى المشاركة في الثورة في عملية اختيار رئيس الوزراء لتوفير درجة مقبولة من الإجماع حوله تعيينه على استنهاض الإرادة الوطنية وشحذ الهمم للتصدي لمهام الانتقال الشاقة!.

3- بعد قرابة ثلاث سنوات لم تتمكن قوى الثورة من خلق جسم قيادي موّحد، أو إفراز مؤسسات على مستويات العمل الميداني تتوفر على قبول قومي يؤهلها لتسمية شخصية وطنية من بينها للتصدي لقيادة البلاد.

4- باستثناء الدكتور عبد الله حمدوك، والذي حظي اختياره بثقة وقبول ومساندة جماهيرية لم تتوفر لأي شخصية سياسية سودانية من قبل، فإن كل الشخصيات المدنية التي قادت الانتقال الديموقراطي في 1965م أو 1985م كانت مغمورة نسبياً. بل وإن جهل غالب قوى الثورة حينها بخلفية إنتماء د. الجزولي دفع الله للإخوان المسلمين، شأنه شأن المشير عبد الرحمن محمد سوار الذهب، كان من أكبر أسباب الفشل الكبير في تحقيق أهداف الثورة بل وساعدت هذه الشخصيات في التآمر على الثورة.

الحقيقة التي يجب الاستفادة منها عند مراجعة تجربة 1985م تحتم ضرورة استحداث وسيلة أكثر شفافية لتعريف “المحكومين” بسيرة من يتم اختيارهم ليتصدوا لأعلى مراقي القيادة. بسبب التباعد الجيلي، وتأثير متغيرات الهجرة على تواصل المهنيين، فإن هذا المطلب المشروع لا يمكن إستيفاؤه إلا بكسر التعتيم التام على خلفية الانتماء السياسي والعقائدي للمترشحين.

يجب ألّا نكرِّر جهلنا بماضي الشخصيات القيادية، فظاهرة (الجزولي وسوار الذهب) وعدم توفر معلومات عنهما في الفضاء العام، واحتكار تلك المعرفة في العدد المحدود من زملائهم في مراحل الدراسة أو في نطاق العمل، مثل هذا التكتم يجب ألّا نسمح به أبداً.

  • الآلية المقترحة:
    اقترح أن نقوم باعتماد التلفزيون القومي والإذاعة السودانية كآلية أساسية في اختيار رئيس الوزراء القادم عبر الخطوات الاتية:

1- تسمية لجنة مصغرة من شخصيات وطنية ذات قبول عام وأساتذة جامعات (تسمى لجنة التمحيص) لوضع شروط عامة ينبغي توفرها كحد أدنى في من يتم ترشيحه كرئيس للوزراء.

تقوم اللجنة بعد صياغة تلك الشروط العامة بتسليمها لكل الأجسام المشاركة في العينة التمثيلية للالتزام بها عند ترشيحهم لمرشحيهم. أيضاً سيكون من مهام لجنة التمحيص وضع لائحة شاملة تحدِّد كيفية عقد جلسات الاستماع المتلفزة والمذاعة والإشراف على تقديم الأسئلة وتوزيع الوقت العادل بين المرشحين وغيرها من الإجرائيات.

2- اختيار عينة تمثيلية Representative Sample قوامها ما بين 100- 300 عضو. هذه العينة هدفها هو تجاوز النقاط الواردة في (عناصر التحدي) المذكورة أعلاه. لأن هدف هذه العينة هو خلق إجماع مصغر، لذا يتوجب أن تشارك فيها (كل) أطياف المجتمع السوداني بتوزيع عادل للأقاليم، تنسيقيات وأجسام الثورة في كل بقاع السودان، النساء، النقابات، أسر الشهداء، منظمات المجتمع المدني وغيرها من المكونات.

3- تشكل هذه العينة التمثيلية الملاءة الشرعية لما يفترض أن يكون إجماعاً على آلية اختيار رئيس الوزارة، والحرص على تمثيل كل أهل السودان في ذلك الاختيار فيحصل رئيس الوزراء على الدعم والمساندة المطلوبة متى ما تم اختياره.

4- تقوم لجنة التمحيص بإعلان عشر مناظرات مفتوحة بين المرشحين تتناول كل مناظرة موضوعاً واحداً من بين (10) محاور. تلك المحاور تناقش: الاقتصاد/ الأمن والدفاع/ الحربات العامة/ السلام/ العلاقات الخارجية/ التعليم/ الإسكان/ الصحة العامة/ البيئة/ إدارة الدولة وتعيين الوزراء.

5- المناظرات تكون متتابعة وعلى مدى أيام معلنة وتكون الأسئلة المقدّمة للمرشحين هي ذات الأسئلة شريطة أن يُسأل كل مرشح عن برنامجه في بث مباشر لوحده أمام العينة التمثيلية (في غياب بقية المرشحين الذي يتعاقبون على المثول) فيجيب المرشح على ذات السؤال. وفوراً يتم التصويت إليكترونياً على إجاباته فيعلم هو وكل المتابعين بالنتيجة (أيضاً دون علم المنافسين). وهكذا تتوالى العملية طيلة أيام المناظرات العشر.

5- يتم التصويت على أداء المرشّحين، وينحصر فقط، على أعضاء كتلة العينة الممثلة الحاضرين للمناظرة جسمانياً وفي نهاية اليوم يعلن ترتيب النقاط التي حصل عليها كل مرشح، إلى جانب ترتيبه في إجمالي النقاط عن المناظرات السابقة. بانتهاء المناظرات يكون الفائز هو، بالبداهة، أعلى حائز على إجمالي نقاط من العشر مناظرات.

‏aamin@journalist.com

التعليقات مغلقة.