عرب اللعوت

عرب اللعوت
  • 21 أغسطس 2022
  • لا توجد تعليقات

محمد ود قاسم

هي مصطلح يطلقه بعض ساكني المدن القريبة منا أو من يظنون أنهم ينتمون لمجتمعات حضرية ، يطلقونه على أهلنا في قرى النيل الأبيض وغرب الجزيرة في المنطقة الممتدة من شرق الدويم حتى المناقل . ولا أريد التحدث عن الذين يدّعون الانتماء الحضري ، ولا عن أولئك الذين نشأوا على التهميش وأقاموا مجتمعات زراعية / رعوية لها ثقافة وقيم وجذور تاريخية راسخة . لكني سأخاطب بعض أفكاري التي كونتها قبل فترة طويلة عن إمكانيات بيئتنا الطبيعية التي حبانا الله من خيرات الأرض التي وجدناها أمام أعيننا ولم نتعب في إيجادها .
سأبدأ باللعوت كشجر ينتشر في المنطقة وأصبح مميزا لها في عقلية الحضريين حتى أطلقوا اسمه مرتبطا بأهل المنطقة . فاللعوت شجيرة قصيرة تقوم على عدد من السيقان وتقترب من أن يطلق عليهت نبات عشبي ، لكن اللعوت شجر دائم ، وله جذور عميقة ، ويحتفظ بالخضرة لأكبر جزء من العام ، وتزداد خضرته في الخريف ، وله رائحة لا يمكنك وصفها بالسوء ولا بالطيب . كان اللعوت مفيدا جدا في السابق فهو يوفر المرعى لبعض الأغنام التي تأكل أوراقه المخضرة خاصة في مواسم الصيف وانعدام العشب الأخضر ، كما يوفر الشوك لزرائب المواشي بديلا للأسوار الحديثة ، ويوفر مادة قيمة للوقود كحطب حريق ، ويوفر ( اللحا) الذي يتم تجميعه من سيقان الشجرة، وبه تربط الرواكيب والقطاطي ، ويعيش فترة طويلة ويوفر بديلا رخيصا للحبال . ويوفر شجر اللعوت مخبأ آمنا للأرانب والقطط الخلوية والصبر وحتى الثعالب ، إذ تحفر هذه الحيوانات تحت الشجرة وتعد منازلها مستفيدة من الأتربة التي تتجمع بفعل الرياح حول جذع الشجرة . وقد اكتشف أهلنا في عجوبة أن الطيور الصغيرة مثل الورّة والزرزور تنام ليلا فوق أغصان اللعوت ويسهل صيدها بمحموعات كبيرة باستخدام المشاعل ( البطاريات) فيمسكها الصيادون بأيديهم .
وهناك أنواع كثيرة من الأشجار تشارك اللعوت بعض ميزاته ، مثل الكتر ، والطندب ، والهشاب والطلح والسدر والهجليج . وكلها من مكملات البيئة والحفاظ على الغطاء الأخضر وتوفير الأوكسجين .
وكنت أتمنى أن يقوم الحضريون الذين يظنون أنهم أقرب للعلم والتناول العلمي ، خاصة وأننا قريبين جدا من بخت الرضا ، التي تحولت إلى جامعة منذ سنوات، تمنيتهم أن يبحثوا في موضوع الإفادة من هذه الأشجار ، وبالتالي التفكير في إزالتها لغالب الضرر الذي تسببه ، أو تنميتها لغالب الفائدة التي نجنيها منها . فلم يسع أحد لدراسة توفر بعض غذاء الناس أو الحيوان من هذه الأشجار ولم يبحث أحد عن توفر الفايتمينات أو بعض عناصر الاستشفاء من مكونات هذه الأشجار . ولم يلتفت أحد لإنتاج الأصماغ أو زيادة إنتاج الثمار وتطويرها خاصة وأن بعضها مفيد جدا وواسع الاستخدام مثل اللالوب والنبق والحمبك .
آمل ان تهتم الحكومات المحلية والمركزية ، وجامعة بخت الرضا وبقية جامعات السودان ومراكز ابحاث النبات والبيئة بالبحث والدراسة لكيفية تطوير هذه البيئة والاستفادة منها أو تنظيفها تماما لتحل محلها بيئة جديدة تفيد الناس وتمدهم بإضافات إيجابية.

التعليقات مغلقة.