رحيل معتز الموجع في تقرير طبي سعودي

رحيل معتز الموجع في تقرير طبي سعودي
  • 27 أغسطس 2022
  • تعليق واحد

محمد المكي أحمد

ودعت اسرتي وأهل وأصدقاء فقيدنا الشاب معتز اسماعيل الأمين محمد نور ( من مواليد ٦ فبراير ١٩٨٤ في جدة) ، وهو ابن أختي وحبيبتي أحلام، وقد وري جثمانه الثرى اليوم الجمعة (٢٦ أغسطس٢٠٢٢) في مقبرة الرحمة بالسعودية .

فقيدنا انتقل الى رحمة الله في السادس من ابريل ٢٠٢٢ في ليلة رمضانية، بعدما عثر على سيارته محترقة وكان بداخلها ، وتم الدفن اليوم ،بعد مرور فترة طويلة على الوفاة ، انتظارا لصدور تقرير الطب الشرعي ، وقد صدر أمس الخميس ٢٥ أغسطس ٢٠٢٢،عن حادث صادم وموجع ومروع ، أصابنا وخصوصا أمه ووالده بجرح كبير نازف، ووجع يصعب وصفه .

تقرير الطب الشرعي الذي جاء في سبع صفحات ذكر أنه تم ابلاغ الجهات المعنية بسيارة محترقة في منطقة البحيرات بجدة،
وجرى تشكيل فريق كبير من الأدلة الجنائية والبحث الجنائي والشرطة وأطباء من الطب الشرعي.

أوضح التقرير أن الكشف أكد وجود جثمان محترق من الدرجة القصوى بنسبة 100 في المئة ، وأن الجسم متفحم من الدرجة القصوى ، و جميع الفحوصات اثبتت بأن المرحوم معتز سليم من الاعتداء والطعن والحقن والمخدرات بانواعها، وإن سبب الوفاة غير معلوم، وأنه يتعذر على الطب الشرعي معرفة سبب الوفاة الفعلي لتفحم الجثمان، وايضاً فان وقت الوفاة غير معلوم تحديدا لتفحم الجثمان.

لفت التقرير الى أن التشريح أخذ من الانسجة وعصارة المعدة. .

بعد صدور التقرير أقول أيضا اذا كان وراء هذا الحادث الموجع أي فعل اجرامي فاننا نرفع الأكف، وندعو الله وهو (من بيده ملكوت كل شيء ) أن بنتقم من المجرم أو المجرمين، أما اذا لم يكن وراء الحادث أي مجرم فنقول مجددا وفي كل وقت إننا نؤمن ايمانا راسخا ومن دون حدود بقضاء الله وقدره وقوله تعالى ( كل نفس ذائقة الموت ثم الينا ترجعون) .

رغم هذا الايمان الراسخ فان أي انسان لابد أن يحزن ويتألم أو يبكي ويذرف دموعا في وداع من يحب .

قلوب وعيون كثيرة بكت (عزو) كما يحلو لأمه وأبيه أن ينادوه، وفي الصدارة بكاه قلبا وعيون الأم والأب والشقيقين .

بكوه لأنه كان متميزا بخصاله وروحه ،وقد أجمع أهل وأصدقاء وجيران في (بارا) بأنه كان شمعة تضيء نورا واشراقا.

كثيرون نعوه وبكوه بدم القلب وودعوه وداعا حارا منذ سماع نبأ الرحيل المر ، فالراحل تميز بطيبة القلب، ونبض اجتماعي عانق الناس بمحبة ومودة ،وتواصل بحميمية مع أهل وأصدقاء .

رحيله أحزن جيراننا في (بارا) كان يطل عليهم ويزورهم حينما يعود من المملكة العربية السعودية، فيسأل عن الحال وبمد يد العون الى بعض الناس .

كان مصدر خير واستقرار اقتصادي لأمه وابيه ، بعدما سافر الى السعودية وعمل في مؤسسة من مؤسسات بلد يحتضن أعدادا كبيرة من السودانيين منذ سنوات عدة كغيره من دول مجلس التعاون الخليجي التي باتت جسرا لدعم أهل السودان، خصوصا في أوقات المحن والأزمات .

كتبت مقالا في وقت سابق في هذا الشأن بعنوان ( صدى الوجع السوداني في الخليج) وقلت أن أول صدى لأوجاع كوارثنا الطبيعية نسمعه في الخليج.

معتز اغترب كطيور سودانية هاجرت أو اغتربت ، في سبيل أهله ولبناء مستقبله بالعمل في بلد هو مصدر للخير والاستقرار لملايين الأسر السودانية .

صدمني وصدم أهله هذا الرحيل في رمضان الماضي وكان وجعي مضاعفا لأنني لم استطع أن أكتب آنذاك ، اذ كنت اخضع بعد عملية جراحية كبيرة لعلاج كيمائي واشعاعي بسبب اصابتي بسرطان في الحنجرة، وأحمد الله ان وضعي الصحي مستقر حاليا ، وأن آخر تقرير طبي أشار الى حدوث ( استجابة جيدة للعلاج) وان التصوير اوضح أنه لا وجود للمرض ،

كان من أهم أسباب عدم الكتابة عن هذا الحادث بعدما تحسن وضعي الصحي أنني كنت وما زلت أقدر جهود السلطات الأمنية السعودية ولم أرغب في الكتابة عن الحادث وسببه قبل صدور أي تقرير رسمي .

رغم الصبر الشديد فان معدلات حزني لرحيل معتز مضاعفة ، اذ أن الأمر لا ينحصر في حدود سمات شخصية محدودة للراحل ،وكما قلت كان منتصر من خلال عمله في مؤسسة سعودية مصدر خير واستقرار لأمه وأبيه ، وأيضا كان بمثابة نبع ومنبع دعم ومساعدة لبعض الناس .

مشوار العطاء بدأ بعدما انهى تعليمه الجامعي وتخرج في جامعة أم درمان الأهلية ( كلية هندسة الحاسوب) في العام ٢٠٠٤ وكان استهل مراحل التعليم بمرحلة الأساس في مدرسة عبد الله بن رواحة في جده، ومنها الى بارا الشرقية وبارا الشمالية ومعهد الصداقة بالأبيض في السودان .

في مجتمعه الذي نحب بمدينة (بارا) الخضراء باقليم كردفان تميز بحيويته ونشاطه الاجتماعي والرياضي والثقافي، كان حارس مرمى بنادي (الهدف) الرياضي وحمل الكأس مع النادي غير مرة،ثم صار اداريا بالنادي، وشارك في (بارا) في مهرجانات رمضانية ثقافية .

نشاطه لم يقف في اطار كرة القدم ، اذ كان يلعب الكرة الطائرة في (مركز شباب بارا) وقام بالتدريب في مجال كرة الطائرة في مدرستين للبنات، وهذا ينم عن وعي عميق بضرورات دعم حق المرأة في المشاركة في كل مجال.

ومثلما مد يد العون لأسرته كانت يده ممدودة بالعطاء في (الحي الشمالي) بمدينتنا ، وخصوصا لنادي (الهدف) الذي أحبه وتألق فيه.

شاب بهذه الصفات الجميلة شكل ويشكل رحيله مصدر حزن وألم ووجع عميق وشديد لنا، أي أهله ، ومن عرفوه وتفاعلوا مع روحه السمحة، المرحة، الباسمة .

أدعو (من يحيي العظام وهي رميم) أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أختي العزيزة أحلام ووالده الاخ العزيز اسماعيل وشقيقيه مؤتمن ومنتصر والأهل وأصدقاء (عزو) الصبر الجميل.

(إنا لله وانا اليه راجعون)

لندن٢٦ أغسطس ٢٠٢٢

رد واحد على “رحيل معتز الموجع في تقرير طبي سعودي”

  1. يقول نجوى دفع السيد:

    ستظل دعواتنا للشاب معتز الخلوق المرح الذي لاتفارقه الابتسامه والرضا.. المحبوب عند كل الناس.. لكن الله أحبه.. ولا نقول إلا مايرضي الله.. ربنا يتقبله شهيدا..يرفل بثياب من سندس أخضر وتحفه الملائكة والحور العين في جنات النعيم المقيم يارب العالمين وانا لله وانا اليه راجعون
    😭😭😭💔..