ميثاق سلطة الشعب: الضامن للعبور الآمن

ميثاق سلطة الشعب: الضامن للعبور الآمن
  • 01 أكتوبر 2022
  • لا توجد تعليقات

إسماعيل عبدالله

تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم بحري لم توقع على ميثاق سلطة الشعب. هذا يفرض علينا أن نتساءل، ما هي التنسيقيات الأخرى التي لم تضع بصمتها على مسودة الميثاق؟، إنّ التبعيض يعتبر واحد من أهم المعضلات المواجهة لوحدة صف قوى الثورة السودانية، فالحراك الشعبي الواسع النطاق الذي انتظم مدن السودان الشرقي والغربي والشمالي والجنوبي-الجديد، في المليارية الهادرة التي أزعجت مضاجع (البائدين)، أكد على حقيقة شمول القيم والمعاني الثورية لديسمبرية (العجيبة)، وهزم النفوس الظانّة أنها سوف تعود للمشهد على صهوات الخيول المسرجة، فالتعاضد والالتفاف الشعبي والجماهيري حول الميثاق، هو صمام الأمان الذي لن يسمح للأشرار لأن يأتوا من الباب الخلفي، ولا يمكن للثوار القابضين على جمر القضية أن يتهاونوا في الحفاظ على منجزات ثورة الشعب، فجذوة الثورة التلقائية الموحّدة للحراك منذ ثلاث سنوات ما زالت متّقدة وملتهبة ومشتعلة، وبغير الوحدة الشاملة لقوى الثورة ليس بالإمكان حراسة منجزاتها من تغول الانتهازيين وكيد الكائدين، وعلى المنسقين للعلاقات البينية لهذه التنسيقيات أن يعملوا بجهد إضافي على احتواء أطراف البلاد البعيدة داخل هذا الوعاء الوطني، فالثغور التي يدخل منها أعداء الانتفاضة الجماهيرية هذه تتمثل في القصور وعدم شمول الميثاق للون الطيف الشعبي العريض.
لقد مرّت تجربة قوى الثورة السودانية الديسمبرية المجيدة بمنعطفات خطيرة، بعد نجاحها الكاسح في إزالة رأس النظام (البائد) وقيادات الصف الأول من منظومة الحكم الدكتاتوري، وأول هذه المنعطفات تكالب القوى الحزبية القديمة وبدءها في تجيير منجزات الحراك لصالح أجنداتها، لا سيما وأن بعض رموز هذه القوى الحزبية القديمة كان يهزأ بخروج الثوار للشارع، والبعض الآخر يسخر من مواجهة الثوار الجريئة لترسانة الدكتاتور الأمنية بصدر مملوء بحب التراب وعشق الوطن الباسل، ولولا توحّد سواعد الخارجين على سلطة الطاغية لما تحقق للناس ما أرادوا، فبالوحدة وحدها تتذلل الصعاب وبها يلين الحديد لداؤود السوداني، وتتسخر عاتيات الرياح لمن يمتلك قوة وصلابة ورباطة جأش الثائرين من أجل الحرية والسلام والعدالة، الوحدة التي بها تأبى الرماح إن اجتمعن تكسرا وبغيرها تتكسر القنا أفرادا، فحينما عزفت الدمازين سيمفونية النصر على أوتار طمبور ديسمبر، بادلتها الخرطوم التناغم، ووقتما تراقصت بورتسودان على ايقاعات ذات لأهزوجة الديسمبرية، مالت عطبرة طرباً وترنحت الفاشر فرحاً، فلا يوجد خيار للمستمسكين بعروة الميثاق الوطني الوثقى غير تراص السواعد وشد العضل، فطريق الثورة وعر لم يتم الوصول إلى غاياته المنشودة لمجرد إسقاط (هُبَل)، والدرب شاق والمسير مثير للاشفاق.
السودان ومنذ أن تأسس فهو فدرالي التكوين – جغرافياً وديموغرافياً – وكل المشاريع الثورية والوطنية المستهدفة نهضته وانطلاقته نحو آفاق الرفاهية الرحبة، يجب أن يكون للبعد الفدرالي فيه قصب السبق، والمُلاحِظ للنكبات الثورية والاخفاقات الوطنية الكبرى التي ضربته في مقتل مرات عديدة، فكبّلت هذه الانطلاقة، يجد أن للجغرافيا ذات الامتدادات الكبيرة بمجتمعاتها الغفيرة المستبعدة قصداً وعمداً، الدور الأكبر في فشل المبادرات والمؤتمرات المنعقدة بشأن تحقيق الوفاق الوطني ومعالجة القصور الاقتصادي والنهوض التنموي، وعدم التمثيل الديموغرافي الشامل للأطراف البعيدة التابعة لهذا الجسد الواحد، الذي من الأوجب أن يتداعى له جزءه المركزي الرئيسي اذا ما اشتكت أجزاؤه الأخرى من ويلات السهر والحمى، ومن هذا المحور، فإنّ الواجب الثوري يحتم على قوى الثورة وميثاقها وجوب وضرورة الاحتماء والتحصن بالتمثيل الفدرالي الشامل للميثاق، وإغلاق الباب الذي تأتي منه الريح، وغلق المنافذ الخادعة التي تتسلل منها الثورات المضادة القاتلة للآمال والطموحات، والهادمة للذة الرغبات الصادقة والأمينة في الاصلاح المؤسسي، هذه المنافذ التي دائماً وأبداً تؤتى من خلالها الثورات والانتفاضات الشعبية التلقائية، ويُقضى بها على تطلعات السكان المشروعة في تأسيس الوطن الذي يسوده الأمن والرفاه الاقتصادي.

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
1 اكتوبر 2022

التعليقات مغلقة.