عودة إيلا ليس ثمة طريقة رشيقة لتخسر الثورة (1- 2)

عودة إيلا ليس ثمة طريقة رشيقة لتخسر الثورة (1- 2)
  • 13 أكتوبر 2022
  • لا توجد تعليقات

د. عبد الله علي إبراهيم

لم تعد استعادة نظام الرئيس السابق عمر حسن احمد البشير، الذي خلعته ثورة ديسمبر 2019، لموقعه في الحكم موضوعاً للنذر منه بقدر ما صار حقيقة مشاهدة. فلما استنفر ياسر عرمان، القيادي بتجمع الحرية والتغيير (المركزي) قبل أيام القوى العالمية والإقليمية بأن المؤتمر الوطني، حزب النظام القديم، “يقترب من العودة السلطة . . . وأصبحوا في أقرب نقطة للاستيلاء على السلطة مرة أخرى” قال له الصحافي عثمان ميرغني أن لا فهم سبقوا إلى ما تخوفت منه: إنهم في السلطة. وكان المفكر الإسلامي حسن مكي قد سبق بالقول منذ زمن بأن “النظام القائم هو الصف الثاني من نظام الإنقاذ، أي دولة البشير”.
وقطعت عودة محمد طاهر إيلا، آخر رئيس للوزراء في نظام الإنقاذ قبل الثورة، في الأول من أكتوبر الجاري، قول كل خطيب. فعاد بعد إقامة بمصر بعد سقوط نظامه في 11 إبريل 2019 وسط حفاوة غزيرة في إقليمه بشرق السودان شقت عنان السماء. واستبشر أنصار المؤتمر الوطني برجوعه استبشاراً أحصوا كل غائب منهم في العالم بعد الثورة وانتظروا عودته. بل بادرت أسر لمعتقلين من النظام القديم ما يزالوا وقبائل بحملات لإطلاق سراحهم. وخاطب إحداها إبراهيم غندور، رئيس المؤتمر الوطني المكلف، قائلاً كيف نعود إلى وطننا ومواقعنا في حين نوصف ب”النظام المباد”: فكيف يعود المباد؟
خاطب إيلا حشد مستقبليه في مدينة سنكات عن شرعية مطالبهم بحقهم في السلطة والثروة على قدم المساواة مع اخوتهم في الوطن. وأضاف أنه إذا لم تُستجاب مطالب الشرق “سنضطر للرفض وعندها ربما نحتاج لوسائل أخرى” لأن الموت من أجل أهلهم وأرضهم وحقهم شرف. وربما لمّح هنا لما ناله إقليم دارفور من هذه القسمة بعد حرب منذ 2003 باتفاق سلام جوبا (2020). فكان ذلك الاتفاق في حد ذاته، وما اتصل بشرق السودان منه، هو الباعث للثورة التي قادتها إدارات أهلية بالشرق ترست فيها الشريان بين الميناء على البحر الأحمر وبقية القطر مما أدى لسقوط الحكومة الانتقالية بانقلاب 25 أكتوبر 2021.
كانت عودة إيلا للسودان بمثابة رأس جبل الجليد لجملة إجراءات وقرارات وممارسات استعاد بها طاقم الحزب مواقعه في مؤسسة الدولة.
فتكفل القضاء بإلغاء كل قرارات لجنة تفكيك تمكين نظام التاسع والثمانين (الإنقاذ) الثورية بجرة قلم وصفها أحدهم ب”المسح بالاستيكة”. وأظهر القضاء همة عظيمة في هذا السبيل حتى قال وجدي صالح، أبرز قادة اللجنة الثورية، إن القضاء إنما يقوم بثورة مضادة بالروب. فرد القضاء كل مال مصادر من اللجنة إلى سيده وكل مفصول من العمل إلى موقعه. وكانت آخر قرارات القضاء إعادة تسجيل 23 منظمة وجمعية حلتها اللجنة الثورية لاتهامها بالتداخل مع النظام الحاكم أو إثراء الأفراد منها. كما فك القضاء 152 حساباً مصرفياً جمدته اللجنة بما في ذلك حسابات لإيلا العائد وأبنائه. وسبق لانقلاب أكتوبر 2021 أن حل اللجنة نفسها وأنشأ أخرى في محلها استلمت مقرها بدون الإجراءات المتبعة في التسليم والتسلم الديواني كما اشتكى أعضاء في اللجنة المحلولة.
ونواصل

IbrahimA@missouri.edu

التعليقات مغلقة.