العظماء لا يموتون

العظماء لا يموتون
  • 26 نوفمبر 2022
  • تعليق واحد

آسيا المدني

في مثل هذا اليوم زف إلينا منعاه بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء والنضال والتضحيات الجسام.
تلقينا بقلوب صابرة محتسبة رحيل أمامنا أمام الأنصار وحادي ركبنا السيد الصادق المهدي..السياسي المخضرم رئيس الوزراء المنتخب وحكيم الأمة الذي عرف بعلو الكعب، ورجاحة العقل، وحصافة الرأي، وبرحيله فقد السودان عالماً من علمائه المخلصين،وسياسياً من ساسته النابهين، وعلماً من أعلامه الخارقين، وحكيماً من حكمائه النادرين، ومفكراً من مفكريه المميزين وابنا من أبنائه البررة.
وقد انطوت صفحة مضيئة من صفحات المعاني الإنسانية المشرقة، والقيم الساميه النبيلة، زانها السيد الإمام الصادق علما ًوفكراً وحلماً وأدباً وتواضعاً، ثم عرج بروحه الطاهرة فسلام على روحه في عليائها الأنضر.
السيد الإمام الصادق المهدي عليه رحمة الله ورضوانه، كان رجلاً محبوباً لدى الأحباب والأنصار وكل أهل السودان، بل كل العالم لما تتسم به مجالسه ومنابره بالحفاوة والإجلال ،لما وجدوا عنده من علم موسوعي ومعارف متنوعة، وفضلاً وصبراً وتواضعاً، وقد اجتمع له مع أدبِ الدرس أدبُ النفس، و حسن المعشر، ومكارم الأخلاق، فتلازم الأنس والحسن ودماثة الأخلاق وترادف الود والحب،فحق الثناء.
وكانت لنا معه جلسات في القاهرة والخرطوم. الكل يعرف تاريخ السيد الإمام ونضاله وتضحياته وحبه للوطن. ولو فردنا لسيرته المجال لناءت بها المجلدات واسطح المكتبات.
وكان مجلسه منتدى سياسياً و علمياً ومنبراً ثقافياً ، وملتقى برلمانياً تتساقط منه درر الكلام و المعارف، وجواهر السياسه، وهموم الوطن.

ثم آب إلى السودان من منفاه الاختياري؛ لكي يسهم في بناء السودان ويقود المعارضة من الداخل، واستقر به المقام في ام درمان وسط أهله واحبابه فكان عطاءً ثراً وبحر علم دافقاً لم يتوقف، وبهمة لم تفتر وفضل لم ينقص، وجمائل لم تنفد، زار معظم الولايات إن لم يكن كلها فجلها، فكان الالتحام و الانسجام، والتناغم مع الأحباب والأنصار، وكل عشاق الديمقراطية.

وقف مع الثوار ودعمهم بكلما أوتي من قوة…فكانت دار الأمة مزدانة بوجوده وبيته مفتوحاً للسفارات والقنصليات ومقاراً للاجتماعات لكل الزوار القادمين من خارج السودان، فكان قبلة الأنظار. فشكل السيد الإمام بحكمته وحنكته وزنة ومركز ثقل للسودان. فكان ملتقى كل الفرقاء و مستودع أسرارهم. فكان يسدي إليهم النصح والإرشاد ولا يخاف في الحق لومة لائم.
إلى أن ترجل فارس عن ظهر خيل فما عثرت بمشيته الخطاء. رحل امامنا، ما رحل من الحنايا ولا يجدي لفقدكم البكاء ومضى إلى رحاب كريم لطيف بعباده.
سيدي ٍ مضيت لقد أتعبت بعدك من سيأتي ..وها هو السودان بعدكم يرزح في نير الدكتاتورية، و يتمايل ضعفاً، ويئن ألماً ووجعاً، يترنح بين القيام والسقوط، ولم يصل نقطة الاستقرار بعد ..
منذ رحيلكم يا سيدي لم تقم لوطننا المسلوب قائمة…فخلفتك تفرقة وجهوية وشحناء وموت وتقتيل وتنكيل وخيبة أمل يردفها العناء،

فعزاؤنا فيك لا يجاريه عزاء.
في مثل اليوم بكتك الأرض فقداً ونعتك السماء .
كتب التاريخ اسمك على الماس حفراً فأنت النقاء.
رجع الحقاني للحق الرحيم ملبيا فهو الرجاء .
لا يحمل معه إلا الظن الجميل بربه
إلى دار البقاء.
ترك إرثاً يرسي دعائم مجد لو نفذ لصار السودان حديقة غناء
السيد الصادق المهدي من العظماء القلائل في العالم الإسلامي. وآثاره خالدة ما خلد الدهر فالعظماء لا يموتون.
نسالك اللهم وأنت الحليم الرحيم الغفور الودود، وأنت أعلم به وبنا، ولا نزكي عليك أحداً،فاللهم تقبله وتقبل موتانا في أعلى عليين مع من أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً،في جنة عالية قطوفها دانية.
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.

آسيا المدني
مسقط
سلطنة عمان
25th November 2022

الوسوم آسيا-المدني-

رد واحد على “العظماء لا يموتون”

  1. يقول محمد محمود الضاوى:

    لله درك الأديبة الراقية القديرة..
    رحم الله امامنا رحمة واسعة
    الحمد لله ترك لنا الإمام مكتبة واسعة في الأدب و السياسة و الاقتصاد و الفكر و المعرفة و الثقافة و في الفقه..
    إنا لله و إنا إليه راجعون
    رحم الله موتانا و موتى المسلمين اجمعين
    و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم