في منتدى ساس
قانونيون وسياسيون يختلفون حول الدستور الاتقالي لـ “تسييرية المحامين”

في منتدى ساس <br> قانونيون وسياسيون يختلفون حول الدستور الاتقالي لـ “تسييرية المحامين”
  • 28 نوفمبر 2022
  • لا توجد تعليقات

هاجم خبراء وقانونيون وسياسيون الدستور الانتقالي المطروح من اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، ووصفها بعضهم بأنها صنيعة أجنبية وقالوا إن هناك خللاً في البناء الدستوري، وهو يتطلّب أن يكون هناك تحالف وطني وتوافق على القضايا الوطنية، لكن محامين وأعضاء في اللجنة التي وضعت الدستور دافعت عنه بشدة وقالوا ان اللجنة عقدت ١٧ ورشة واجتماعاً مع لجان المقاومة والمجتمع المدني، وعدُّوا القراءة التحليلية لمشروع الدستور المطروح المقدمة في منتدى مركز ساس للتدريب القانوني الأربعاء الماضي بانها لم تكن تحليلاً وانما نقداً وصفوه بالهدام.

استعرضت المحامية سلوي ابسام في قراءة تحليلية لمشروع الدستور الانتقالي المطروح في منتدي عقده مركز ساس الحقوقي بفندق كانون بالخرطوم ٢ (23 نوفمبر 2022م)، وأوضحت أنها هدفت من القراءة التحليلية لمشروع الدستور الانتقالي النظر لهذا المشروع من زاوية المفاهيم، ومدى قابليتها لتجسيد أحكامه في الفترة الانتقالية، والقدرة على إرساء الدولة المدنية الديمقراطية.

واعتمدت القراءة منهجية الرصد لما جاء في مشروع الدستور وفق دراسة حيثيات النص، وظروف نشأته، ومدى انعكاسه على أوضاع المجتمع، وتحقيق مقتضيات الانتقال، ومدى إسهامه في معالجة الصراعات، ومناقشة النصوص اللغوية والطبوغرافية مرتكزاَ على المضمون.

وجاء في السياق العام للتحليل أن انقلاب 25 أكتوبر تسبب في خلق وضع تراجعت فيه آليات تنفيذ مطلوبات الفترة الانتقالية، مما دفع قوى الثورة الاستمرار في الاحتجاجات ضد تداعيات الانقلاب، التي بدأت بتجميد عدد من مواد الوثيقة الدستورية لسنة 2019م ، وإزاء ذلك تدخل المجتمع الدولي عبر الآلية الثلاثية ، للقيام بدور الميسر لإعادة المسار الانتقالي ، وتكوين حكومة مدنية وخلق مناخ للوفاق السياسي . تداعى عدد من الكيانات السياسية والأكاديمية، ومنظمات المجتمع المدني، على طرح المبادرات والمواثيق بهدف وضع خارطة طريق للفترة الانتقالية بعد إنهاء الانقلاب. وأجمع الأغلبية على اعتبار الوثيقة الدستورية في حكم العدم، والعمل على إعلان دستوري جديد.

وطرحت القراءة جملة من الأسئلة منها ما إذا كان الدستور المقترح وقف علي جذور المشكلات الحقيقية؟ هل تم بناؤه وفق تحليل الوضع الراهن؟ وهل قام المشروع على أساس تجاوز اختلالات الماضي، وتعرف على العلاقة بين النص الجديد والقديم؟ و ما العلاقة بين السلطة التأسيسة المادية التي تنتجها موازين القوى خلال العملية التأسيسية والسلطة التأسيسية الشكلية التي تتولى كتابة النص الدستوري؟ والى أي مدى يسهم المشروع في تطوير منظومة الحكم، ومعالجة الخلل الذي صاحب العملية التأسيسية؟ وهل بإمكان النخب الفاعلة تجاوز هذه الإتلالات من خلا ل نصوص ما بعد الأزمة ؟

و شددت على التركيز على المشاركة المجتمعية في المرحلة الأولى إن قضايا مثل إقصاء جماعات سياسية ومدنية ،التأخر في تشكيل لجان مستقلة لمعالجة قضايا محددة مثل : حقوق الإنسان، الشكل الاتحادي للدولة وعدم تكوين المجلس التشريعي في الفترة التأسيسية السابقة لم توضع بشكل واضح في الاعتبار ،كذل عدم تحديد أسس المشاركة في الوساطة ، أو طلب المشورة الخارجية ، دور الأطراف الدولية
وأكدت القراءة التحليلية أن التوصل إلى الدستوري يقتضي الترتيبية للوصول لوفاق سياسي وصياغة إعلان بناءً على ذلك ، ثم يحدد في الإعلان الكيفية التي يصاغ بها الدستور المؤقت، وتحديد من الذي يصيغ الدستور ، ومن الذي يوقع عليه ، ومن الذي يعتمده حيث لم توضع آليات واضحة لكيفية خلق توافق ووفاق وطني.
وأشار التحليل لتجاهل المادة (2/1) التي بموجبها تم إلغاء الوثيقة الدستورية لسنة 2019م ، التعرض للمراسيم الدستورية الصادرة منذ تاريخ 11/ابريل 2019م، مما يجعل مسألة تعديل قانون القوات المسلحة، بموجب مرسوم دستوري نافذ، والذي بموجبه تم إرجاع منصب القائد العام للقوات المسلحة، وكذلك لفت إلى أن المادة (2/2) تلغى كل القرارات الصادرة في أو بعد انقلاب ( 25/إكتوبر ) وأن مصطلح قرارات ، لم يشمل المراسيم أو اللوائح والتي ظل يصدرها السيد( برهان
ونبهت إلى أغفال مشروع الدستور الانتقالي في المادة (16) منه المحاكمة العادلة تضمين كافة حقوق وضمانات ما قبل وبعد المحاكمة إلى أن المشروع وضع عدة خيارات للتعامل مع اللجنة الخاصة بالانتهاكات ، والجرائم التي أرتكبت في (3يونيو ) في العاصمة والولايات .
وبينت القراءة التحليلية للمشروع أنه ترك أمر التدابير المتعلقة بتوسيع وتعزيز نظام المحاكم الخاصة ، للتعامل مع تلك الجرائم وعدم الإفلات من الجرائم منذ عام 1989م للقانون كما لم يتبع الطرق المنصوص عليها في أتفاق سلام جوبا ، رغم النص على أن الإتفاقية جزء لا يتجزأ من مشروع الدستور الانتقالي أنه لم يراعي سياسة تشريعية واضحة تراعي القضايا الانتقالية والصراعات المحلية وتتوائم مع مراحل عمليات السلام المختلفة، وذكر التحليل أن المشروع لم يشير إلى تطبيق القرار رقم 1325والتوصيات الملحقة به الخاصة بأوضاع المرأة في مناطق النزاع (تمت الإشارة لذلك في الإعلان السياسي)، ولم يراعي النوع الاجتماعي وقضايا النساء .
كما لم يراعي توازن السلطة ،لأن غياب التوزان بين السلطات يؤثر على فعالية الدستور، وأوضحت القراءة افتقاد الدستور لعناصر دستورية معينة مما يجعله غير قادر على تأطير الحياة السياسية حيث تمثل في إختلالات شابت العملية التأسيسية (التكوين معايير التمثيل)وفي مسألة توزيع السلطات والاختصاصات دون تماثل كما لم ينص على تكوين آليات مؤقتة تواجه الراهن ، أو بديلة كضمانات للاستمرار لمواجهة الأزمات ولم يضع آليات لضبط الممارسة الديمقراطية .
وبحسب القراءة التحليلية فإن مشروع الدستور الانتقالي فشل في وضع صياغات منضبطة حول الحكم المحلي ، وتوزيع السلطات ، وسكت عن تحديد ، طبيعة العلاقات والصلاحيات وكرر تجربة الدستور الانتقالي لسنة 2019م التي أثبتت فشلها في إحداث متغير في أداء الحكومة المركزية الولائية والمحلية.
كما خلا مشروع الدستور الانتقالي من وضع تصور عام ضابط ترك للقانون كيفية تحديد العلاقات الرأسية والأفقية لنظام الحكم الولائي أو الإقليمي دون الإشارة إلي كيفية مراجعة الحدود ، والتقسيم الإداري للأقاليم و ترك المشروع ممارسة السلطات للقانون وسكت عن كيفية وآليات تكوين اللجنة التي تضع الدستور الإقليمي والتي وصفت بأنها واسعة التمثيل وتبعيتها
ونبهت القراءة التحليلية إلى خلو المشروع من القواعد التي تحكم أداء المجلس التشريعي ، وإلى أن مشروع الدستور ترك مسألة كيفية توزيع المصادر المالية .
وأشارت القراءة إلى أن تكوين مستويات الحكم تضارب بما يثير تساؤل حول ما أذا كان هذا تركيز على اتساع سلطات الأقاليم على حساب المركز، وكما لفتت إلى الفموض فيما يخص الحكم المحلي هل هو وفقاً للنص مستوى حكم تفويضي أم تخويلي ؟ ودور الدولة في كيفية توزيع السلطة أفقياً راسياً.

وأوضحت التحليل أن المشروع تجاهل مقتضيات إجراء انتخابات (حرة ونزيهة ) التي تتمثل في ما توصل إليه الفقه السياسي والتجارب العالمية ، من متطلبات الانتقال الديمقراطي والتي تنحصر في تفكيك بنية النظام السابق و بناء مؤسسات الدولة المدنية المحايدة وإعادة هيكلتها و سيادة حكم القانون وقيم العدالة و قيام الانتخابات العادلة والنزيهة.
وذكرت القراءة أن المشروع لم يتب مهام الفترة الإنتقالية بحيث تراعي الأولويات وانه لم يضع منهجاً محدداً مما أدى إلى غموض في عمليات الإصلاح وآلياته ودور المفوضيات.
وبحسب القراءة التحليلية لمشروع دستور المحامين، فإنه استخدم مصطلحات غير واضحة المعاني من شأنها أن تخلق ارتباكاً لوضع القواعد الخاصة بالإصلاح، ونبه التحليل إلى أن مشروع الدستور لم ينص على تصفية شركات الأجهزة النظامية، كجزء من عملية الإصلاح المؤسسي و لم يراع تقاطع الإصلاح الدستوري، وعمليات إصلاح القطاع الأمني في فترات التحول الديمقراطية من الحكم العسكري أو الشمولي، أو بعد الحروب الأهلية وأن المشروع اتبع منهج بعثرة المواد التي تحكم الإصلاح، ما يخص الأجهزة العدلية بأن يتم الإصلاح وفقاً لقانون مفوضية إصلاح منظومة الأجهزة العدلية والحقوقية
وتضمّن مشروع الدستور الانتقالي الإصلاح القانوني في عدة مواد، بمنهج غير موحد وغير متسق، بحيث يتيح وضع خطة تشريعية شاملة تتناسب مع متطلبات الفترة الانتقالية ، ولم يحدد الاختصاص التشريعي وعلاقة ذلك بصحة تطبيق الدستور .
وأكد التحليل أن الوثيقة الدستورية لسنة 2019م تفوقت على هذا المشروع بالنص في المادة (8/11 ) منه، على سن التشريعات المتعلقة بالفترة الانتقالية رغم عدم تطبيق هذه المادة، إلا إنها أكثر تحديداً وضبطاً لمنهج مراجعة القوانين والتشريعات في الفترة الانتقالية

وتنبهت القراءة إلى أن مشروع الدستور لم ينص على تكوين لجان لمراجعة القوانين سارية المفعول المشار إليها في المادة (8)، ولم يحدد اختصاص كل جهة حتى لا يحصل تضارب وتداخل في الاختصاصات، وذلك إلى عدم الدقة في صياغة المادة (40) اختصاصات المجلس التشريعي، والتي جعلت من ضمن اختصاصاته (سن القوانين والتشريعات) وان مصطلح سن يدلل على العملية التشريعية من ابتدار القانون، ووضعه أمام البرلمان إلى التصديق، والإجازة حتى يصبح جاهزاً للتوقيع والنشر في الجريدة الرسمية مما يؤدي لتداخل الاختصاصات.
ومما نبهت إلية القراءة التحليلية لمشروع الدستور المطروح أنه تجاهل وضع آليات الحماية القانونية الفعالة ضد الانتهاكات سوء استخدام السلطة، والالتزام بمراعاة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية أو الإقليمية لمصادق عليها السودان كمرجعية تشريعية.

وتناول المستشار القانوني البشرى عبدالحميد عدة ملاحظات على مسودة الدستور الانتقالي المطروح من قبل اللجنة التسيرية لنقابة المحامين، التركيز على ما يجمع وأشار إلى ان الوثيقة تحدثت عن اتفاقية سلام جوبا في الديباجة والنصوص بطريقة مبهمة حيث جاء الحديث عن مراجعتها مرة ومرة عن انفاذها فضلا عن حديث عن اتفاقيات ستوقع مستقبلا، كما لفت الى ان الأطراف الموقع على الدستور تمثل تحالف مبنى على المجهول وقال إن ثمة خلل في البناء الدستوري، وهو يتطلب ان يكون هناك تحالف وطني وتوافق على القضايا الوطنية، وقال انه لا يمكن أن تكتب الدستور اولا ثم تاني للبحث عن التوافق حوله،
من جهته قال عضو لجنة صياغة دستور نقابة المحامين المحامي الرشيد السراج إن القراءة التحليلية لمشروع الدستور المطروح المقدمة في منتدى مركز ساس للتدريب القانوني لم تكن تحليلا وانما نقد وصفه بالهدام، وأضاف من حق المحامين ان يبادرو لَبوضع الدستور في ظل حالة التشتت الراهنة فكان على النقابة طرح هذا المشروع استنادا على دورها الوطني فما يمكن ان يساهم في خروج البلاد من الأزمة السياسية الحالية، ووصف النقد المقدم للمسودة الدستور بالنقد غير الموضوعي وأكد أن كل الدستور تم عبر ورش دعت لها النقابةوهو ينادي لسلطة مدنية كاملة وخروج العسكر من العمل السياسي وهيكلة القوات المسلحة وتكوين مجلس وزراء مدني ومجلس سيادة برئاسة مدنية وإصلاح للأجهزة العدلية والأمنية، وحول اتفاقية جوبا أكد انها ستهضع للتقييم والتقويم بواسلط لجنة يتم تكوينها بواسطة القوى السياسية وأطراف العملية السلمية
وبدوره قال ممثل حزب الأمة القومي حمزة عبد الماجد ان تشكيل المجلس التشريعي حسب الوثيقة المطروحة سيتم بطريقة ديمقراطية غير انها شكلية ويمكن ان تصعد بعض ممن ليس لهم خبرة او تجربة بما يمكن ان يحول المجلس التشريعي ليكون سبب في أزمة كبيرة في الفترة الانتقالية، وفضل ان يتم تشكيلة من جهلت محددة مسؤولة تختار كفاءات من المهنيين و المجتمع المدني والاحزاب السياسية، وحول فكرة العودة إلى وثيقة ٢٠١٩ قال هناك عوامل كثيرة ساعدت لإلغاء هذه الوثيقة الدستورية بما تطلب عمل دستور المحامين
وفي المقابل أكد الدكتور حسان زين العابدين ان لا قضاضة في يعمل المحامين مسودة الدستور ولكنها كان يجب أن تطرح كمشروع نقاش وليس تصميمها وطرحها كطريق واحد للخروج من المأزق السياسي، ولفت الي ان المكون الأجنبي في صياغة الوثيقة كان فحص ان تكون تحاربه مشابهة لتجربة السودان وإنها تخدم قضايا الثورة السودانية وان يخضع المشاركين والجهات التي يمثلونها للفحص لضمان تطابق وجهات نظرها مع غالبية السودانيين، وذهب إلى أن الوثيقة خاطبت 20٪فقط من القضايا المتفق حولها وهي في تقدي ه قضايا اجرائية فقط، وكشف عن وجود 53مقترح تعديل قدمت من المكون العسكري ومعظمها تتعلق بالافلات من المحاسبة وطالب بالكشف عن هذه المقترحات والملاحظات المقدمة من العسكر
وبدوره اعتبر ممثل مبادرة مبادئ ثورة ديسمبر المجيدة المحامي العاجب الجابك الله أن مشروع الدستور الانتقالي المطروح من قبل اللجنة التسيرية لنقابة المحامين حظي بقيمة أخلاقية كونه حرك الساكن وجعل الناس يناقشون قضية الدستور، وعد الاختلاف حوله وضعا طبيعيا، ونبه الي ضرورة بعض المواد المتعلقة بالحقوق الأساسية كحقوق زوي الإعاقة وكذلك الجوانب المتصلة بالقضاء، وأكد أن الدستور الدائم هو مهمة الحكومة المنتخب، وتابع ان الوثيقة تحدثت عن فدرالية الدولة كن ناحية سياسية ونبه لضرورة التفصيل في الجوانب الاقتصادية ومستويات الحكم المحلي الأدنى

وفي الاثناء دافع عضو لجنة تسيير نقابة المحامين محمد جودة عن مسودة الدستور الذي طرحته اللجنة وقال ان اللجنة عقدت 10 ورش و7 لقاءات مع لجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني، وأضاف أن اي انتقاد يوجه الي مشروع الدستور مفيد يؤدي إلى التجويد، وزاد ان ما قدم هو مجهود انساني.

التعليقات مغلقة.