هذا ما نحن عليه

هذا ما نحن عليه
  • 21 يناير 2023
  • لا توجد تعليقات

محمد محمود راجي

وليام آدمز

“النوبة، هي ذلك الجزء من أفريقيا، الذي لم تستعمر أبدًا، بوضع مستديم، من قبل أقوام أجنبية، لكنها ظلت دائمًا أسيرة لنفوذهم. منذ فجر التاريخ اتكأت على تخوم الحضارة، دون أن تتحرك ابدًا تحركًا كاملًا عبرها”.
العبارة لعالم الآثار والانثروبولوجي الأمريكي ويليام آدمز مؤلف (النوبة رواق أفريقيا)، الذي يعد مرجعًا أساسًا في الدراسات النوبية.

الكتاب بالإنجليزية


اعتقد أن العبارة صالحة لتوصيف الحالة السودانية ككل. فالسودان طوال تاريخه لم يتعرض لهيمنة أجنبية طويلة مؤثرة، فالحالتان المصرية العثمانية (1821/1885) والمصرية البريطانية (1899/1956)، لم تستغرقا غير 120 عامًا، ولم تستنزفا موارد الدولة الطبيعية، ولم تؤثرا كثيًر في البنية الثقافية والنسيج الاجتماعي للسودان. فظل الحال كما كان عليه قبل دخول الاجنبي.
وهذا ما نعيشه اليوم واقعًا، كيانات قبلية وعشائرية مؤثرة، وثروات معدنية سطحية وفيرة مهدرة ومنهوبة، وكذلك المياه والامكانات الزراعية في شقيها النباتي والحيواني.
مازال السودان يراوح مكانه غير قادر على العبور من مرحلة القبيلة والناظر تِرِك والمك عجيب والشيخ الجد والسلطان ودعة وأمراء الحرب ولصوص الموارد وصقيرا حام، نحو مرحلة الدولة.
وغياب الدولة، مؤسسةً وتشريعًا ونظام وقانون وتقاليد وخدمة مدنية ومنفذي قانون وأمن وحماة وطن، واقعٌ حيٌ مُعاش جعل الوطن طاردًا لأهله نزوحًا ولجوءًا وهجرة واغترابًا وتشردًا داخليًا وخارجيًا.

الكتاب مترجماً إلى العربية


وفي ظل هذا الواقع المرير يفقد الوطن كل يوم مخزونه من الاكاديميين والمهنيين والماهرين والمعلمين واصحاب الاموال والافكار والطاقات والهمم. يُجرد، صمتًا وسلبيةً وجهلًا وتآمرًا، من قواه المبدعة والمبتكرة. لا شعر ولا أغاني جديدة ولا موسيقى ولا تشكيل ولا إدارة، ولا انضباط، ولا خطط استراتيجية، ولا كرة قدم، ولا أمل.
تحولنا إلى وطن بلا روح، يسوده حملة السلاح، واصحاب الالقاب والرتب العسكرية (الخلا)، وحملة درجات الدكتوراه الكاذبة، ومهربي الذهب والمواشي والمخدرات، والقونات، واعلاميات السوشيال ميديا.
كاذب، أو كوز أو فاسد، من يظن أننا لسنا في حاجة لمساعدة أُممية لتجاوز الوضع الراهن. فقد تجاوز الأمر القدرة الداخلية، وهي واهية ومهترئة.

التعليقات مغلقة.