الزبير محمد علي في خطبة الجمعة: مقاصد الحج وفضل العشر من ذي الحجة

الزبير محمد علي في خطبة الجمعة: مقاصد الحج وفضل العشر من ذي الحجة
  • 25 يونيو 2023
  • لا توجد تعليقات

ألقى الزبير محمد علي الأمين العام لمركز أبحاث الرعاية والتحصين الفكري خطبة الجمعةتاريخ ٥ ذو الحجة ١٤٤٤هـ الموافق 23 يونيو 2023م في مسجد الإمام عبد الرحمن بود نوباوي عنوان (مقاصد الحج وفضل العشر من ذي الحجة).

وتناولت الخطبة الثانية الأحداث الماسأوية التي تعيشها البلاد في ظل احتدام المعارك في العاصمة وعدد من المدن.

الخطبة الأولى

يقول اللهُ تعالى في محكمِ التنزيل (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) الحج.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: “مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ” البخاري.

أيها المسلمون

الحجُ هو قصدُ مكةَ بنية الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة وسائر مناسك الحج في آيامٍ معلومات. وهو الركنُ الرابع في الإسلام، وقد فرضه اللهُ تعالى على المسلمِ مرةً واحدةً في العمر بشرط الاستطاعة، وله حِكَمٌ ومقاصد نُبيِنُها في هذه الخطبة لنفهم أسرار هذه العبادة العظيمة، ونستشعر معانيها إذا وفقنا اللهُ تعالى لأدائِها:

١- الحجُ أيها الأحبة تجديدٌ للإيمان في أحبِ البقاع إلى اللهِ تعالى ” المسجد الحرام” وفي أفضلِ الأوقاتِ عند الله تعالى ” العشر الأوائل من ذي الحجة”. وتجديدُ الإيمانِ مطلوب قال رسولُ اللَّهِ ﷺ:” إنَّ الإيمانَ ليَخلَقُ في جوفِ أحدِكم كما يَخْلَقُ الثوبُ، فاسأَلوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم” الطبراني والحاكم؛ ولكن تجديد الإيمان في الحجِ يختلف؛ فالصلاةُ في المسجدِ الحرام بمائةِ ألفِ صلاة، والعملُ الصالحُ في العشرِ من ذي الحِجة – وهي آيامُ الحج- أحبُ إلى اللهِ تعالى من غيرها قال رسول الله ﷺ:” ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ” البخاري؛ فما بالُك بالعملِ الصالح في العشرِ الأوائل من ذي الحجة في الحرم؟ فلنحرص أحبتي على التجديد المستمر للإيمانِ في قلوبنا بالصلاة والذكر والمراقبة وقراءة القرآن الكريم والاستغفار والتفكر في مخلوقاتِ الله تعالى ونسألُ الله تعالى أن يُبلغنا حج بيتِه الحرام آمين.

٢- الحجُ تجسيدٌ لوحدةِ الأمة يلتقي فيه المسلمون من كلِ أنحاءِ العالم على اختلاف بلدانِهِم ولغاتِهم وألوانِهم، بل وعلى اختلافِ جماعاتِهِم وفِرقِهم وهم يُلبُون نداءً ربانياً واحداً (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) ويُقِيمُون الصلوات بصورةٍ جماعية في المسجدِ الحرام، ويُؤَدُون شعائر عبادية واحدة “مناسك الحج”، ويُردِدُون تلبيةً واحدة ” لبيك اللهم لبيك”، ويتركون انتماءاتهم القبلية والوطنية والمذهبية خلفهم ليدخلوا في رحاب الأمةِ الواسع؛ وهذا يُساهِم في تذَويب الانتماءات الصغيرة لصالح الانتماء الكبير للأمة (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) الحج؛ فلنُحقق هذا الشعار في حياتِنا بأن نجعل الانتماء للأمة مقدمٌ على جميعِ الانتماءات الأخرى.

٣- الحج تجسيدٌ للتعارف بين الشعوب يفِد إليه الحُجاج من جميعِ قاراتِ العالم فهو “مؤتمر عالمي” يحتشد فيه ثلاثة مليون حاج من أفريقيا وآسيا، وأستراليا، وأوروبا وأمريكا؛ ولا يوجد في العالم ملتقىً يجمع كلَ هذا التنوع العريض غير الحج؛ وهذا يُحِقق بلا شك التعارف بين الشعوب المتعددة قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات، فلنحرِص أحبتي على التعامل مع التنوع في الألوان والقبائل في مجتمعنا على أنه مدخلٌ للتعارفِ بين الناس لا للتعالي أو التمايز بينهم.

٤- الحجُ تجسيدٌ لوحدة الدين، ولتكامل الرسالات، فقد حج البيتَ جميعُ الأنبياءِ عليهم السلام قال عروة بن الزبير رضي الله عنه: “ما من نبيٍ إلا وقد حجَ البيت، إلا ما كان من هودٍ وصالح”؛ وقد ذكر رسولُ اللهِ ﷺ حج يونس وموسى عليهما السلام للبيت عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَرَّ بِوَادِي الْأَزْرَقِ، فَقَالَ: “أَيُّ وَادٍ هَذَا؟” فَقَالُوا: هَذَا وَادِي الْأَزْرَقِ، قَالَ: “كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هَابِطًا مِنَ الثَّنِيَّةِ، وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللهِ بِالتَّلْبِيَةِ”، ثُمَّ أَتَى عَلَى ثَنِيَّةِ هَرْشَى، فَقَالَ: “أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ؟” قَالُوا: ثَنِيَّةُ هَرْشَى، قَالَ: “كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَةٍ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، خِطَامُ نَاقَتِهِ خُلْبَةٌ وَهُوَ يُلَبِّي” أخرجه مسلم.

وقد ذكر اللهُ تعالى في القرآن الكريم قصة إبراهيم بالبيت ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)”. (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) البقرة.

إن الأديان التي تنتسب إلى إبراهيم اليوم هي اليهودية والنصرانية، والإسلامُ لا يُنكِر امتداد موسى وعيسى عليهما السلام لإبراهيم؛ ولكن يُنكر إدعاء اليهود والنصارى بأن إبراهيم كان يهودياً أو نصرانياً قال تعالى ( ما كَانَ إِبْرَاهِيمُ يهوديًّا وَلاَ نصرانيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين) آل عمران.
يحج اليهود اليوم إلى فلسطين، والنصارى إلى الفاتيكان وفلسطين، مع أن موسى وعيسى عليهما السلام حجا إلى البيت الحرام؛ فالرسالة المحمدية اليوم هي تجسيد لتكامل رسالات الله تعالى إلى البشر، وهي الأولى بالاتباع من غيرها لكونِها الأقوى حجةً، والأكثر صلةً بجميع الأنبياء والرسلِ عليهم السلام، فهي أقرب إلى موسى ممن يدَّعُون اتِّباعَه من اليهود، وهذه أقوى حجة لإقناع غير المسلمين للدخول في الإسلام لكونِه يُجسِّدُ وحدة الدين من لدن آدم عليه السلام إلى محمد ﷺ، فاحرصوا أحبتي في مُجتمعِكم على دعوة غير المسلمين للدخولِ في الإسلام بالقولِ والقدوةِ فهو الدين الذي ارتضاه اللهُ تعالى للعالمين.

٥- الحج تجسيد حي للمساواةِ بين الناس: الغني والفقير، الأبيض والأسود، الملك والغفير جميعاً يرتدون أزياء واحدة “ملابس الإحرام” ويؤدون المناسك دون أن تكون لطبقة أو لفرد أولوية أو ميزة أكثر من غيره في أدائها؛ وفي هذا تدريب لإلقاء الفوارق الطبقية بين الناس وترميز للمساواة بين الخلق قال رسول الله ﷺ: لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأبيضَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أبيضَ إلَّا بالتَّقوَى، النَّاسُ من آدمُ، وآدمُ من ترابٍ”؛ فاحرصوا أحبتي على تجسيد المساواة في حياتكم فإن الله تعالى قد كرَّم جميع البشر فلا تنتقصوا من قدرِ أحدٍ لفقرِه أو جنسِه أو شكلِه.

٦- الحجُ تدريبٌ على الأخلاقِ الحسنة والتخلصُ من الأخلاقِ السيئة قال تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197) البقرة؛ فالحجُ شعيرةٌ دينية تقودُ للتقوى والتحلي بأحسنِ الأخلاق وتركِ سيئِها وحينئذٍ يرجع الحاجُ من ذنوبه كيومِ ولدته أمُه قال رسول الله ﷺ: “مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ” البخاري، فاحرصوا أحبتي على التحلي بأحسنِ الأخلاقِ والتخلي عن سيئِها.

٧- الحج تجسيد لمبدأ التوازن بين الدنيا والآخرة؛ فهو مع أنه شعيرةٌ دينيةٌ إلا أن اللهَ تعالى أباح فيه التجارة قال تعالى (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) الحج قال ابن عباس: “(ليشهدوا منافع لهم) قال: منافع الدنيا والآخرة; أما منافعُ الآخرة فرضوانُ اللهِ، وأما منافعُ الدنيا فما يُصِيبُون من منافعِ البُدَنِ والربح والتجارات” بن كثير، فاحرصوا أحبتي على التوازنِ بين الدنيا والآخرة فلا تنشغلوا بالدنيا انشغالاً يُلهِيكُم عن آخرتكُم؛ بل اجعلوا الدنيا مطيةً للآخرة.

فإذا علمتم ذلك أحبتي وفهمتم مافيه من الهداية والإرشاد فاتقوا الله، وأزرعوا النية في قلوبكم لبلوغِ الحج وقبل ذلك تطبيق مقاصده في حياتِكم لتُفلحُوا في الدنيا والآخرة. اللهم بلغنا بيتك الحرام لأداءِ الحج ووفقنا على تحقيق مقاصدِه في حياتِنا آمين.

سُئِل رسولُ اللهِ ﷺ أيُ الأعمالِ أفضل فقال: “الإيمانُ باللهِ ورسولِه”، قيل ثم أي؟، قال: “جهادٌ في سبيلِ الله”، قيل ثم أي: قال “حجٌ مبرور” متفق عليه. وقال رسولُ اللهِ ﷺ: “الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة” متفق عليه أو كما قال أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد

يقول الله تعالى في محكم التنزيل (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) الحج 28.

وعن ابن عباس – رضي الله عنهما– أنه قال: يقول رسول الله ﷺ: ” مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ -يعني العشر من ذي الحجة“- قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ” أخرجه أبو داود.

أيها المسلمون

نعيشُ هذه الآيام العشر الأوائل من ذي الحجة؛ وهي أفضلُ آيامٍ عند اللهِ تعالى لأنها آيامُ الحج، ولوجودِ يومِ عرفة بينها وقال بن حجر رحمه الله” والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيرِه” فتح الباري.

أيها المسلمون

قال الحافظُ ابنُ رجب رحمه الله: “لمَّا كان اللهُ سبحانه قد وضعَ في نفوسِ المؤمنين حنينًا إلى مشاهدةِ بيتِه الحرامِ، وليس كلُّ أحدٍ قادرًا على مشاهدتِه في كلِّ عامٍ، فرَضَ على المستطيعِ الحجَّ مرةً واحدةً في عُمرِه، وجعلَ موسمَ العشرِ مشتركًا بين السائرينَ والقاعدينَ، فمَن عجزَ عن الحجِّ في عامٍ، قَدَرَ في العشرِ على عملٍ يعملُه في بيتِه يكونُ أفضلَ مِن الجهادِ الذي هو أفضلُ مِن الحجِّ” لطائف المعارف.

هذه هي رحمةُ الإسلام أنه مَامِن بابٍ لم يستطع أن يبلغَه جميعُ الطائعين إلا وفتحَ اللهُ تعالى لعبادِه باباً أكبر يتقربون به إليه، فمن لم يبلغ الحج لعدمِ الاستطاعة، أو حجَ وكان متشوقاً للبيتِ وليس باستطاعتِه بلوغَه كلً عامٍ فأمَامَه العشر من ذي الحجة فإنها أعظمُ من الجهادِ في سبيلِ الله تعالى وبالتالي هي أعظمُ من الحج؛ فلنُكثِر فيها من الأعمالِ الصالحة:

  • فلنُكثِر فيها من التسبيح والتكبير والتهليل والحمد قال تعالى (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) الحج 28، قال ابنُ عبَّاسٍ: “أيامُ العَشْرِ”
  • فلنُكثِر فيها الصدقات خاصة والبلاد اليوم تمرُ بوضعٍ اقتصاديٍ حرِج بسبب الحرب فلنتفقد الجيران والأهل والفقراء والمساكين والنازحين الذي نزحوا من مناطق الحرب قال تعالى (لَّا خَيْرَ فِى كَثِيرٍۢ مِّن نَّجْوَىٰهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) النساء 114.
  • فلنحرِص أحبتي على الصيام في هذه الآيام العشر عامةً وبالأخص يوم عرفة روت بعضُ أزواجِ النبي ﷺ أن رسول الله ﷺ كان يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر” أخرجه أحمد.
    وأما فضلُ صيامِ يومِ عرفة فقد قال رسول الله ﷺ:” صيامُ يومِ عَرفةَ إنّي أحْتسبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنَةَ التي بعدهُ، والسنةَ التي قبلهُ” أخرجه الترمذي.
  • فلنحرص على الدعاء بصلاحِ الدنيا وفلاحِ الآخرة لنا ولأهلِنا ولجميعِ المسلمين؛ فهذه الآيام فرصة لإصلاحِ النفس فلنغتنمها بالدعاء ليُوفِقنا اللهُ لصالحِ الأعمال وتركِ سيئِها، ويُوفِقنا على إصلاحِ الذرية، وإصلاحِ الكسب بأن يكون حلالاً طيباً، وإصلاحِ الأخلاق، وإصلاحِ حال البلادِ بوقفِ الحربِ والتنعمِ بالسلام، وإصلاحِ حالِ جميعِ المسلمين في مشارقِ الأرضِ ومغارِبها، وإصلاحِ حالِ البشرية جمعاء بالدخول في دينِ الله تعالى آمين.

أيها المسلمون

لابد أن نُذكِّر بحرمة الاعتداء على أموالِ الناسِ وأعراضِهم، فأموالُ البنوك هي ودائع عامة للجمهور، والشركات والمؤسسات الخاصة ملكٌ لأصحابِها، وأموال المواطنين ملكٌ لأهلها، بل والمال العام المملوك للدولة لا يجوز الاعتداء عليه لكونِه مالاً عاماً للمواطنين فيه حق.

إن استخدام عربات المواطنين في عمليات عسكرية، واستخدام المنازل كثكنات عسكرية، وتفلت بعض الجنود باستباحة منازل المواطنين وسرقة أموالهم ومملتكاتهم التي هي ثمرة لجهدهم الطويل، وحالات اغتصاب النساء كما ظهر من بعضِ الجنود لا يجوز وعقوبته عند اللهِ تعالى كبيرة والظلم في الإسلام محرَّم ولا يُرجى معه نصر إن كانت الحرب ضد الكفار فكيف بالحرب بين المسلمين؟ قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) النحل 90 وقال (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) آل عمران 57. وقال رسولُ اللهِ ﷺ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا” أخرجه مسلم. فأي قائد يُوجه جنوده أو جندي يستخدم القوة في غيرِ محلِها إن كان من الحركات المسلحة أو الدعم السريع أو الجيش فإن الله تعالى يسئله عن ذلك فالظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة؛ فإذا علمتم ذلك فلا تستخدموا القوة بغيرِ وجهِ حق، وامتنعوا عن استخدام عربات المواطنين في العمليات العسكرية، وعن استخدام منازلهم كثكنات عسكرية، وارجعوا بقية الحقوق إلى أهلها فإنها في رقبة من أخذها وفي رقبة من تقع تحت قيادتِه.

ونوجه نداء للقادة في الأطراف المتقاتلة بضرورة وقف الحرب وإنهاء معاناة المواطنين الذين ذاقوا الأمرَّين بسببِها، ونسألُ الله تعالى أن تكون هذه الحرب هي آخرُ حربٍ تعيشُها البلاد آمين.

اللهم ارحمنا وارحم آباءنا وأهدنا وأهدِ أبناءنا وأصلح حالنا في الدارين ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك يا من يتولى الصالحين فتولنا برحمتك يا أرحم الراحمين آميييين وأقم الصلاة.

التعليقات مغلقة.