الانتماء

الانتماء
  • 24 مايو 2024
  • لا توجد تعليقات

أحمد إدريس عبيدون (الدوماني)

يولد الواحد منا في أحد الييوت في حي بسيط صارخا و معلنا مقدمه و انتماءه و يبدأ حبوا ثم ممسكا بالعنقريب و ينطلق و يتشكل انتماؤه لموطنه الصغير فيألفه و يحبه..
تتوسع دائرة علاقاته مع أَنداده فينمو عنده حب الارتباط بمصير واحد.. ثم تتسع الدائرة للقرية حبا و انتماء و ارتباطا فيصل عمر المدرسة الأولية 4 سنوات لكن لقلة المدارس في منطقتنا آنذاك قد ينتقل إلى قربة أخرى فتصبح القرية شياخة و الشياخة عمودية و العمودية منطقة و المنطقة إقليم أو ولاية فيختلط في مراحل تعليمية مختلفة بطلاب من معظم قبائل و مناطق السودان و هنا يتشكل فيه حب الوطن و روح الانتماء لشعب واحد…
فنحن مثلا درسنا في قرية مجاورة في مدرسة صغرى 3 سنوات ثم انتقلنا لجزيرة بدين الجميلة 30 كيلو تقريبا ندرس رابعة رأس و هي فعلا لحم رأس حيث حضرنا من عدة مدارس صغرى.. و من شدة حبنا للمنشآ كنا نحس كأننا منفيين إلى جزيرة سرنديب و ليس بدين رغم طيبة أهلها و كرمهم و فيها اتسع ماعون التواصل فينا فتعارفنا بأشقائنا المحس و اكتسبت أنا معرفة بعض مفردات لغتهم.
ثم انتقلت إلى كريمة الصناعية فالتقيت بأبناء الشوايقة و هم قريبون من بيئتنا و صادفت أيضا زملاء من غرب السودان و شرفة و الجزيرة و الخرطوم و هكذا مع تقدم العمر ارتقى فينا حب الوطن أكثر باتساع الرقعة الجغرافية و المصير الواحد
ثم إلى الجيلي الثانوية (قبل المصفاة طبعا) . هههههههه فاكتسبنا اتساعا و إدراكا و تواصلا ثم المعهد الفني بالخرطوم.. فازد اد أهلي من أفراد قرية إلى شعب كامل من نيمولي إلى حلفا و من بورتسودان إلى الجتينة.
أما المراحل الدراسية العليا فكانت قد نضجت فينا روح الوطنية و الانتماء مفتخرين بأننا نملك أكبر دولة في أفريقيا و العاشرة َََََ دوليا و أحد أطول أنهار العالم و شعب من أرقى شعوب الكون.
كل هذا الترحال من حي إلى قرية إلى ولاية مع جرعات الوطنية التي تلقيناها في المنهج الدراسي خلق في أجيالنا تلك التصاقا و تآلفا و اشتراكا في حب الوطن الواحد
كان ذلك بدءا من أواخر الخمسينات
وأما الآن فللعجب تطور وسائل الحياة و انتشار التعليم في كل قرية أضعف الانتماء للشعب الكامل و الوطن الواحد لأن الطالب يدرس معظم مراحل تعليمه في بيئته بين أبناء منطقته و لا يلتقي ببقية أبناء الوطن و لا ينتقل إلى أجزاء الوطن الأخرى.. و زاد من المشكلة الفاقد التربوي الكبير فأصبحت أجيالنا الحالية تحتاج إلى منهج يزيدهم وَعيا و يرسخ فيهم روح الوطنية و نبذ العنصرية و الفزقة فقد تجد بينهم للأسف من يقول والله لو الإقليم الفلاني انفصل كنا أرتحنا.. و سبحان الله هم من يوزعون صكوك الوطنية فيصفوا هذا أنه غير وطني و ذلك عميل خائن.

وطن واحد
شعب واحد

التعليقات مغلقة.