ما وراء الخبر

العلاج بالصدمة.. بداية صادمة !

العلاج بالصدمة.. بداية صادمة !
محمد وداعة
  • 14 سبتمبر 2018
  • لا توجد تعليقات

فى مقال الأمس عرضت هدنة فى التعامل مع رئيس الوزراء الجديد معتز موسى، وقلت: (إنه ليس واردآ الآن و إلى حين المقارنة بين اداء معتز موسى وزير الكهرباء و معتز موسى رئيس الوزراء)، و لكن معتز دفعنى دفعاً لأتخلى عن وجهة نظرى ولم يترك لى مجالاً إلا وأن اتناول حديثه فى مسجد مجلس الوزراء ،

كشف رئيس الوزراء الجديد معتز موسى عن اعتزامه اتخاذ (تدابير اقتصادية قاسية)، وفى دلالة ذات مغزى خرج هذا الحديث من مسجد مجلس الوزراء، ربما لإضفاء روحآ تعبدية أو إلباسه لبوس الإلهام الإلهى، و بخلاف الغاء اتفاق (نافع عقار) الذى خرج من مسجد كافورى بتصريح من رئيس الجمهورية، لا أذكر أن القيادات الحكومية اعتادت إطلاق التصريحات من داخل المساجد، أو اعتبار مرتادى المسجد من العاملين بمجلس الوزراء هم المعنيون قبل غيرهم بالتصريحات، و لعل رئيس الوزراء كان يريد أن يتعرف إلى موظفيه، ورسمياً يتم ذلك فى المكاتب أو القاعات أو من خلال الاجتماعات.

وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد وجهت العاملين بالمجلس لحضور صلاة الظهر فى المسجد، للاستماع إلى خطاب رئيس الوزراء الجديد، والذي كشف خلاله، عن أن الحكومة ستتخذ تدابير اقتصادية قاسية في المرحلة المقبلة، للخروج باقتصاد البلاد إلى بر الأمان، على حد تعبيره.

وقال معتز:أ”ولويات الحكومة الجديدة تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي شامل، يبدأ ببرنامج صدمة قصيرة الأجل، يهدف إلى معالجة اختلالات معاملات الطلب الكلي، وعلى رأسها التضخم وسعر الصرف”.

من الواضح أن الاجراءات الصادمة ستكون فى زيادة الأعباء على المواطنين، ربما زيادة فى سعر الصرف، أو (رفع الدعم المزعوم) عن الدقيق و الجازولين، أو زيادة تعريفة الكهرباء، ربما في زيادة الضرائب أو الجمارك، لا سيما وان مداخلته فى مجلس الشورى الأخير و التى قيل إنها احد اسباب اختياره ركزت في تطبيق إجراءات اقتصادية قاسية، لمعالجة الأزمة الاقتصادية، مؤكداً مطالبته بتحرير اقتصادي كامل دون أي تدخل من الدولة في السوق أو دعم السلع.

إذاً على السيد رئيس الوزراء أن يبدأ أولاً بإخراج الشركات الحكومية من السوق، وهى تعمل بتسهيلات و امتيازات لا تتوافر للقطاع الخاص، و لم تترك الحكومة مجالاً،إلا وكونت فيه الشركات، من شركات الوزارات والبنوك والولايات والمحليات، وامتلكت المصانع و المزارع وشركات الاتصالات والخدمات، وحازت على العقارات وشركات الطيران ووكالات السفر ، ..الخ.

ما أن أطلق السيد رئيس الوزراء حتى قفز الدولار جنيهين دفعة واحدة،و عاود الدولار الأمريكي إلى الارتفاع والصعود أمام الجنيه السوداني مجدداً، بعد أن كان في تراجع ، فارتفع سعر الدولار اليوم 46 جنيها للبيع، بعد أن كان  44 جنيها يوم امس، و توقعات بأن يواصل الدولار في الارتفاع، بعد أن فشلت سياسة تجفيف السيولة فى كبح طموحه.

كان فى امكان رئيس الوزراء اختياركلمة أقل عنفاً من الصدمة، فالكلمة ارتبطت بصدمات السكرى أو الصدمات الكهربائية لعلاج الجنون و الصرع، وهى كلمة مخيفة إذا ارتبطت بسياسات رئيس الوزراء الاقتصادية، وعلى كل حال فالشعب السودانى لا يستحق منكم هذا الترويع.

التعليقات مغلقة.