هذه هي غايات الثورة السامية

هذه هي غايات الثورة السامية
  • 30 أكتوبر 2019
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

كل الثورات التي قامت في العالم كانت تستهدف في المقام الأول الإطاحة بنظام دكتاتوري قهري و إقامة نظام يضمن لكافة المواطنين المساواة في المشاركة و المنافسة ، و بصورة مبسطة إقامة نظام ديمقراطي .

هذا ما حدث في كل الثورات ابتداءا من الثورة الفرنسية مرورا بالثورة الروسية و الامريكية و كل الثورات التي قامت من أجل الإطاحة بالحاكم المستبد سواء كان مستعمرا أو ملكا او رئيسا فاسدا جميعها اتفقت على الإطاحة به و جميعها هدفت إلى إنشاء نظام يمثل الشعب ، و لا يوجد في الوقت الراهن نظاما يمثل الشعب كما تمثله الديمقراطية.

اذا كان هذا شأن كل الثورات فإن ثورة ديسمبر ليست استثناءا، و بالتالي فإن غاية ثورة ديسمبر الأسمى هي اقامة نظام حكم ديمقراطي يتم فيه تبادل السلطة سلميا بين المواطنين و يحتكم فيه الجميع إلى قانون لا يميز بين الناس بالعرق او اللون او الدين ، و يعيش فيه الجميع في سلام و اطمئنان .

بناءا على ما تقدم ، فان اهداف ثورة ديسمبر هي الاهداف الازلية و الخالدة للثورات و اختصارا تتلخص في ثالوث السلام ، و حكم الدستور/القانون ، و التبادل السلمي للسلطة عبر الانتخابات ، و هي جميعها أهداف سامية تقود إلى بناء الدولة الموحدة التي يشترك جميع مواطنيها في صناعتها و التي تتمتع بقابلية التطور و الصعود المستمر نحو القمة .

لذلك مهم تنبيه الجماهير و الأجيال الجديدة بالتحديد إلى أن جميع الأهداف المرحلية المؤقتة يجب أن لا تعلو فوق هذا الثالوث الأسمى ، خاصة و أن هناك من يريد و يعمل ليل نهار على تغبيش الطريق نحو هذا الثالوث و يفتح باستمرار مسارات جديدة تنقل الجماهير الى اهداف وقتية مؤقتة بلا قيمة مستقبلية تستهلك طاقة الثورة و الجماهير .

هناك كثير جدا من الأهداف المرحلية المؤقتة للثورة و على رأسها القصاص لضحايا الثورة ، و رغم ما يظهر على الثوار من تشنج تجاهها و لكنها في الحقيقة قضية مؤقتة لا ترتقي إلى عظم قضية السلام مثلا او قضية استدامة التبادل السلمي للسلطة او قضية إنجاز دستور دائم للسودان، فالقصاص لضحايا الثورة قد يشفي صدور الثوار الحاليين و لكنه لن يكون سوى مجرد خبر صغير في المستقبل قد لا ينتبه إليه احد ، تماما كما لا ينتبه الثوار اليوم إلى تاريخ القصاص من قاتل الشهيد القرشي في ثورة أكتوبر ١٩٦٤ او قتلة شهداء ثورة أبريل ١٩٨٥ ، و لكن الجميع منتبه إلى أن ثورة أكتوبر لم تحقق السلام و لم تحقق استدامة التبادل السلمي للسلطة و لم تنشيء دستورا دائما للسودان و هي أسباب اندلاع ثورات أكتوبر و ابريل نفسها و هي ذات أسباب ثورة ديسمبر الراهنة ، و بالتالي يجب عدم الاستسلام لمن يريد تصوير قضية القصاص و كأنها غاية الثورة الاسمى ، فالثورة غايتها الأسمى في تحقيق هذه الأهداف الثلاثة و إلا فإنها ثورة فاشلة سيعود الجميع منها بعد فترة قصيرة للبحث عن ثورة أخرى جديدة.

في ظل اختلاط الأهداف الكبرى مع الأهداف المرحلية المؤقتة تم تجييش الجماهير عاطفيا و أصبحت تقاد من خلال ذلك كأنها منومة مغنطيسيا نحو أهداف مرحلية لن تقود الا إلى تفجير الأوضاع و اظهار الثورة و كأنها قد سرقت و بالتالي انفضاض الجماهير عنها و سهولة الانقضاض عليها من قبل الشموليين و الدكتاتوريين ، لذلك مهم الانتباه الى المعارك الكبرى للثورة و المعارك الصغيرة المؤقتة و التفريق بينهما ، مهم ان ننظر نحو الأفق البعيد لا تحت أرجلنا و ان نركز على ثالوث الأهداف الضخمة الواضح جدا أمامنا مباشرة لا عشرات الاهداف المؤقتة على الاجناب ، مهم ان نواصل المسير بثبات نحو الأهداف الكبرى غير عابئيين باي أصوات تريد جرنا إلى معارك جانبية مؤقتة تنسينا أهدافنا الكبرى و تسقطنا عن المسار الصحيح ، فإن هذا هو المسار الوحيد الذي سيخرج لنا بطاقة نجاح الثورة .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.