نحو الغد:الكيزان..حينما لاينفعهم البكاء !!

نحو الغد:الكيزان..حينما لاينفعهم البكاء !!
  • 01 ديسمبر 2019
  • لا توجد تعليقات

محمد عبدالله أحمد



Mohammedabdellah931@gmail.com

لم يكن أكثر المتشائمين من قيادات الإسلاميين في السودان يتوقع أن تكون نهايتهم بهذه الطريقة التى طبقت أمام أعينهم وهم يسقطون بإرادة الشعب السودانى، الذى حرر شهادة وفاة لنظامهم. هذه النهاية الملك والسقوط الداوي كان واضحا ومتوقعا. فمنذ إعتلاء عرابهم حسن الترابى للمشهد السياسى فقد إختيار الطريق الخطأ واعتمد خدعة الشعب السودانى بإسم الدين كوسيلة للحكم، ونسى تماما أن الذى تخدعه حينا من الدهر ليس بإمكانك أن تخدعة الى الأبد. وقد وعدوا عندما رفعوا شعاراتهم الزائفة بإسم الدين الإسلامى، والتى أوهموا بها البعض، أنهم سيطبقون الشريعة الإسلامية. وقد أتيحت لهم فرص عديدة وزمن كافي لتنفيذ مشروعهم السياسي. حيث إستغلوا الرئيس السودانى الأسبق (جعفر محمد نميرى) وكانوا سببا في سقوطه، عندما أوهموه بتطبيق قوانيين سبتمبر التى سميت بالشريعة الإسلامية زورا وبهتانا وراح ضحيتها أعداد كبيرة من أبناء الشعب السودانى. ثم إستغلالهم للحرية ابان الفترة الديمقراطية الثالثة حينما ملئوا الأجواء بالضجيج والشعارات الزائفة، وتحولوا الى تجاراً امتلكوا السوق وتسببوا في الضائقة المعيشية للمواطنين وكانوا يختلقون الندرة في السلع والمواد الاستهلاكية، حيث كانوا يرمون الخبز والوقود في النيل والمجارى ويخزنون العملات الأجنبية، وكلها وسائل لاتمت للإسلام بصلة. وقد وردت إعترافات بذلك من كبارهم، خاصة الذين إختاروا المؤتمر الشعبى حزبا والذين تم ركلهم بعد المفاصلة الشهيرة والتي كانت ضمن سياسة (الحركة الإسلامية تأكل بنيها). وبعد أن ثبتوا اركان حكمهم الانقلاب لجؤوا الي مشروعهم التمكينى فسيسوا المؤسسة العسكرية وإستخدموها لصالح إنجاز مشروعهم التمكين. ورفعوا شعارات جهادية بإسم الدين واشعلوا الحروب في عدد من المناطق، وعلى رأسها جنوب السودان والنيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور وشرق السودان وارتكبوا الانتهاكات المهولة بحق المواطن في كل بقعة من الوطن. فعلوا كل ذلك بإسم الدين، وإحتضنوا جماعات الهوس الدينى والإسلام السياسى من كل العالم. وعلى رأس اؤلئك كانت جماعات تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن. واجروا صفقات ثنائية تندرج في باب العمالة لصالح مخابرات أجنبية يعلمها الكل.


وإنتهوا الي تقسيم السودان لدولتين وربما أكثر إذا إستمروا في السلطة. واصلوا انتهاج القتل كمنهج وبإسم الدين. وشردوا وقمعوا ونكلوا وإعتقلوا كل معارض. واستخدمها أساليب التعذيب ومارسوا اسوأ أنواع الممارسات، ولم يتركوا اي خيار امام الشعب السودانى الا أن يركلهم برجل من حديد عبر ثورة ديسمبر المجيدة والتي فشل الإسلاميين في التعامل معها وهم في كامل قواهم.
وعندما سقطوا وبدأت مرحلة تفكيكهم ملؤوا الدنيا ضجيجا، فتارة تجدهم يتباكون على الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان التى لم يطبقونها يوما طيلة الثلاثين عام بل كانوا يصفون من ينادون بها بالفكرة والفجر. وتارة يهددون بنسف إستقرار السودان وتدمير الدولة وإسقاط الحكومة الإنتقالية واعادة البلاد مرة أخرى للمشهد السياسى القديم، ولكن هيهات. فالذين يصدرون هذه الأقاويل هم في مرحلة فقدان التوازن بعد أن انكشف حالهم وظهرت سوءاتهم وحالهم كالعقاب الهرم الذى وصفه عمر أبوريشة في قصيدته المشهورة بأنه :
يلملم حدباء القدامى كأنها ** أضالع في أرماسها تتهشم.
لقد كانت السلطة هى هدفهم الأوحد وكانت هي محور تماسكهم عندما افلحوا في الانقضاض عليها بالانقلاب وحفظ ها بالقهر والقتل والتعذيب. كانوا يتجمعون حول السلطة كالشوائب الحديدية التي تتجمع داخل الحيز المغنطيسى، وعندما فقدوها تفرقت بهم السبل وأصبح المؤتمر الوطنى والإسلام السياسى سُبة وعار ينكره حتى من كان جزءاً منه. وأصبح بعضهم يتحدث عن العلمانية أكثر من العلمانيين انفسهم، وأصبحوا يتنكرون رويداً رويداً لمشروعهم الإنتهازى، الذى كانوا يخدعون به الشعب وتبرأ بعضهم من المؤتمر الوطنى على شاكلة (أمين حسن عمر) الذى قال أنه (قفز من سفينة المؤتمر الوطنى قبل أن تغرق). وإتجه بعضهم لتكوين أحزاب سياسية جديدة على طريقة (عبد الحميد موسى كاشا). وأعلن بعضهم الإنضمام لتنظيمات سياسية أخرى على طريقة (صلاح قوش). لقد تفرقت دماءهم ولو كان كبار الكيزان يثقون أن لديهم المقدرة على العودة للسلطة مرة أخرى لما إتخذوا تلك القرارات وتفرقوا ايدي سبأ بما كسبت ايديهم.


على الفراش الحائر من المؤتمر الوطنى الصمت على سنة إيليا أبو ماضى حينما قال :
( أقنعى وأسكتى فمالك أصلح وخلى الكلام فالصمت أريح ). إن هذا الضجيج لايعدو كونه مناحات من الإسلاميين على سلطة فشلوا في المحافظة عليها كالعظماء رغم أنهم وجدوا فرصا وافرة لم يستغلوها الاستغلال الامثل في مصلحة الشعب وفي تقديم النماذج الأفضل للحكام والمناهج الحكم، لإنتهازيتهم المتأصلة والتى أفقدتهم كل شيء كما يقول المثل (تدورو كلو تعدمو كلو).


لقد انتهى عهد الكيزان الي حيث لا رجعة وسيبقي المستقبل محروس بارادة الأجيال التى أسقطتهم، والتي ستشكل كل المستقبل للوطن والذى لن يكون ضمن معادلتة الإسلام السياسى.

التعليقات مغلقة.