قراءة في أهمية الشعار للحزب السياسي

قراءة في أهمية الشعار للحزب السياسي
  • 12 يناير 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

الأحزاب السياسية تستعد في هذه المرحلة من عمر الفترة الانتقالية لتقديم نفسها للجماهير بصورة مقنعة ، و ربما من أشهر و أيسر الطرق للوصول إلى عقول و قلوب الجماهير هو شعار الحزب المرحلي ، فالشعار الحزبي هو مختصر اهداف الحزب ، هو عنوان الحزب السهل ، الذي اذا احسن اختياره اختصر على الحزب جهد فكري و عملي جبار .

ثورة ديسمبر تميزت بشعاراتها الواضحة و غير المعقدة و التي سيطرت بسرعة على الشارع ، حيث كان شعارها الأشهر ( تسقط بس ) شعار بسيط و سهل و يحمل كافة الأفكار التي يطلبها الثوار ، لذلك انتشر بسرعة و حفظه الكبار و الصغار و الأطفال و أصبح اهزوجة في كل الشفاه ، و هذا يوضح قيمة الشعار في نظر الجماهير ، و دوره الفعال في تقديم الفكرة للشعب و تحفيزهم و جذبهم إليه .

كذلك من الشعارات العظيمة لثورة ديسمبر شعار ( حرية ، سلام و عدالة ) فهو شعار ممتاز ، بسيط ، مختصر ، محدد ، و يمكن قياسه بكل سهوله ، لذلك عبر هذا الشعار عن الصورة الكاملة لأهداف و مرامي ثورة ديسمبر و منهجها الذي تنتوي تطبيقه في البلاد ، إضافة إلى الشعار العظيم ( يا عنصري و مغرور كل البلد دارفور ) .

من الشعارات السياسية الشهيرة في فترة الاستعمار شعار الجبهة الاستقلالية التي تزعمها حزب الأمة و هو شعار ( السودان للسودانيين ) ، هذا الشعار التاريخي احتوى على كل الشروط اللازمة لنجاح الهدف من الشعار علميا : بساطة مفهومه و معناه المباشر ، تمثيله لطموح الجماهير ، قابليته للتطبيق ، و إمكانية قياسه ، لذلك نجح هذا الشعار نجاحا منقطع النظير قاد حتى من كانوا في الضفة الأخرى و ينادون بالاتحاد مع مصر الى الانضمام اليه في خاتمة المطاف .
 
  من الشعارات الناجحة التي غيرت وجه التاريخ شعار الثورة الفرنسية( حرية مساواة إخاء ) الذي ما زال صداه يرن في العالم ، و من الشعارات الناجحة ايضا شعار ثورات الربيع العربي الموحد ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، و من الشعارات الملهمة و الناجحة في التاريخ الأمريكي شعار ( لدي حلم ) لمارتن لوثر كينج ، وشعار ( التغيير ) لاوباما .

من الناحية الأخرى الشعار غير الموفق يهزم الحزب و يشوه كل افعاله و يقدمه امام الجماهير بمظهر الكاذب و المستهتر ، و من أشهر الشعارات الفاشلة في الحياة السياسية السودانية شعار حزب الجبهة الإسلامية و من بعده حزبي المؤتمر الوطني و المؤتمر الشعبي و الذي يقول ( هي لله هي لله لا للسلطة و لا للجاه ) ، حيث اثبتت الأيام انها ابدا لم تكن لله و إنما كانت من أجل السلطة و الاعتداء على المال العام و البحث عن الجاه و المصالح الشخصية ، هذا التناقض بين الشعار و التطبيق جعل صورة احزاب الكيزان في اذهان الجماهير مشوهة و مهشمة و في حالة يرثى لها.

 الحزب الذكي يرفع شعار المرحلة من وحي ما تريده الجماهير و من واقع ما يستطيع الحزب تحقيقه ، لا توجد في المرحلة الراهنة شعارات حزبية واضحة و مميزة لحزب ما عن بقية الأحزاب، و هذا نقص حزبي ، يلزم كل حزب في كل مرحلة ان يعتمد شعارا يكون صادقا و واقعيا و قابلا للتطبيق و بسيط ، و فوق كل ذلك يلبي طموحات المواطنين من أجل أن يميز الحزب نفسه و يقترب من نبض الجماهير .

و بما ان هناك انتخابات قادمة بعد الفترة الانتقالية فالاوجب على الاحزاب السياسية البحث عن شعار منذ الان و اختباره و اعتماده ، ليقفز بالحزب إلى الواجهة و يضمن له مكانة في التاريخ و يحجز له موقعا متقدما في الانتخابات حتى قبل ان تبدأ بسنوات .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.