الكيزان وأوهام العودة !!

  • 12 مارس 2020
  • لا توجد تعليقات

محمد عبدالله أحمد


نحو الغد

Mohammedabdellah931@gmail.com
في الوقت الذى يستعد فيه السودانيون لِكتابة عهد جديد يُنهى فصول الديكتاتورية التى عطلت مسارهم والإعلان عن مِيلاد ديمقراطية مُكتملة الأركان بنهاية الفترة الإنتقالية الحالية عبر إنتخابات حُرة ونزيهة ، يبدو أن قيادات المؤتمر الوطنى إنفتحت شهيتهم للعمل السياسى ، وأصبحوا يعملون علناً وبكل قواهم المُسخرة وإمكانياتهم التى نهبوها من الدولة طِيلة فترة الثلاثين عاماً الماضية من حكمهم من أجل العودة مرة أخرى للحكم في السودان كأن الشعب قد أُصيب بذاكرة مشلولة ونسى كل ممارساتهم السيئة من جرائم على شاكلة جرائم الإبادة الجماعية في دارفور وجنوب السودان والنيل الأزرق وجنوب كردفان وغيرها ، وإنتهاكات حقوق الإنسان والإغتيالات والإعتقالات والتدمير الإقتصادى المُمنهج والفساد الذى أزكم الإنوف …الخ ، وقد شجعهم في ذلك تراخى حكومة الفترة الإنتقالية الحالية وتساهلها معهم بعدم إستكمال هياكل السُلطة والوصول لسلام مستدام حتى الآن والإخفاق في إدارة الأزمة الإقتصادية والأمنية وعدم جمع السلاح من مليشيات المؤتمر الوطنى التى كان يعتمد عليها في قمع الآخرين وترك بعض قيادات المؤتمر الوطنى أحراراً يتجولون في شوارع الخُرطوم بدلاً من أن يكون مكانهم الطبيعى في السجون وتقديمهم لمحاكمات عادلة بسبب ما إرتكبوه في حق الشعب السودانى الى جانب حالة الفوضى التى سادت البلاد وعدم توقف المظاهرات التى تخرج بإستمرار بدعوة من لجان المقاومة ، إما داعمة أو رافضة لموقف مُعين مما جعل البعض يستغلها ليُمرر أجندته ويحول مسارها لصالحة .
ظن الكيزان أن أبواب العودة للسُلطة قد فتحت لهم ، لكن الشاهد في الأمر أن السودان يختلف كُلياً عن بقية البلدان التى حدثت فيها ثورات الربيع العربى وأن ماتم فيها لاتتوفر ظروف نجاحة إطلاقاً في السودان .
كل المؤشرات تؤكد على أن الشعب السودانى ودع العهود الظلامية للكيزان بلاعودة ولن يسمح بديكتاتورية جديدة وليس له خيار سوى الديمقراطية وتحقيق مشروع التغيير الذى ينبغى أن ينتصر ، لذلك فإن من يُوهِم الكيزان بأنهم سيعودون مرة أخرى يكون قد خدعهم ، ومن يُوشى للعسكر بأن بإمكانهم الإنقلاب على الحكومة الإنتقالية والسيطرة على السُلطة كالذى حَدث في بلدان أخرى يكون قد أدخلهم في نفق مظلم طالما أن هناك إرادة مستمدة من الشعب وعزيمة صادقة لاتنكسر .
لانلوم الكيزان الذين راودتهم أحلام العودة بل ينبغى أن نلوم أنفسنا لعدم إدارتنا للمرحلة بصورة إحترافية ، لذلك علينا أن نستلهم من معطيات الواقع وقفة مع الذات لتقييم التجربة بصورة صحيحة ووضع التدابير اللازمة لحماية الفترة الإنتقالية من أجل الوصول لتحول ديمقراطى كامل وسلام شامل وعادل وأن لايُترك الأمر جُله للحكومة الإنتقالية وذلك لعدم الخبرة الكافية لمن يقودونها ، لذا على القوى التى تُشكل الحاضنة السياسية للثورة أن تتقدم بمبادرات لمعالجة الأزمات وأن تتحمل مسئوليتها بصورة كاملة ، وعلى الشعب السودانى أن يكون أكثر عقلانيةً في قراءة الأحداث حتى لايكون بوابة يتسلق عبرها الكيزان مرة أخرى وأن يُفكر جيداً لأن لابديل للديمقراطية إلا مزيد من الديمقراطية وأن يُدرك الكيزان أنهم إستنفدوا فرصتهم كاملةً ، ولاسبيل لعودتهم مرة أخرى بمختلف الوسائل حسب مؤشرات الواقع .

التعليقات مغلقة.