أميركا تساند الدولة العسكرية

أميركا تساند الدولة العسكرية
  • 15 مارس 2020
  • لا توجد تعليقات

رمزي المصري

في الوقت الذي تملأ فيه اميركا سماء السودان ضجيجاً بأنها تقف مع مدنية الدولة، وأنها لا تعترف بالحكومات العسكرية ولا تساندها ولا تقف معها، وأن أميريكا ما خلقت (بضم الكاف) الا للمحافظة على الحكومات الديمقراطية التي تأتي باختيار الشعب … هذا هو شعارها ..

ولكن في الواقع العملي تعمل عكس ذلك تماماً، وتعمل على تدمير الحكم المدني وتمكين العسكريين على مفاصل الدولة .

بهدوء شديد والشعب السوداني مشغول بصفوف الخبز والبنزين وصراع رفع الدعم من عدمه بين قوى الحرية ووزير المالية ..

وأول ما سنحت الفرصة لإحدى الشركات الأميركية العملاقة العاملة في مجال المعدات الزراعية (شركة فالمونت) حضرت للخرطوم، ووقعت اتفاقية ضخمة جدا مع شركة زادنا إحدى شركات القوات المسلحة الزراعية!

الاتفاقية تنص على توريد 1080 جهاز ري محورياً من ماركة ( فالي) قبل نهاية العام على أن يصل إلى 10000 جهاز ري محوري خلال خمس سنوات!

كل هذا العدد الضخم لشركة زادنا، وهذه الأجهزة متطورة جداً في عالم الزراعة حتى إن بعضهما تعمل بالطاقة الشمسية ولا حاجة إلى الكهرباء او الديزل لتشغيلها ولها اجهزة حساسة لقياس درجات الرطوبة.

بداية… دخول مثل هذه الاجهزة وبالذات من شركة فالمونت هو فتح كبير جداً لتكنلوجيا الزراعة في السودان، وقطعاً ستغير من وجه الزراعة في وقت وجيز جداً. وبدون ادنى شك تعدّ هذه قفزة موهولة ( اقول ذلك بحكم خبرتي الطويلة في ذات المجال).

ولكن المؤلم حقاً أن يحدث كل هذا التطور الهائل عبر إحدى شركات القوات المسلحة . ففي الوقت الذي يصارع فيه المدنيين لإبعاد العسكريين من مفاصل الاقتصاد وبالذات الاقتصاد المدني، هاهي الولايات المتحدة وبكل جبروتها تعمل على تعميق وترسيخ سيطرة العسكريين على مفاصل الاقتصاد السوداني في خطوة شبيهة تماما لما يجري مع السيسي في مصر .

وعليكم ان ( تفتحوا حواجب الدهشة قوس) عندما تعلموا أن شركة فالمونت اختارت شركة زادنا وكيلة رسمية ووحيدة لكل منتجاتها في السودان.

بمعني واضح لا جدال فيه أن القوات المسلحة وحتى لو انتهت الفترة الانتقالية بخيرها وشرها وانتقلنا الى الحكم المدني الكامل الدسم .. ستظل هي المسيطرة الحقيقية للسودان، وهي من الآن تعمل وبكل سرية احياناً وعلنية في احايين قليلة في فرض سيطرتها بالكامل على اقتصاد السودان، وبالتالي فإن أي حكومة ديمقراطية تأتي للحكم عبر صناديق الاقتراع ستكون تحت رحمة العسكريين، وسيكون الأمر والنهي بأيديهم، والحكم المدني سيظل مجرد ديكور او دمية تحركها الجنرالات كيفما شاؤوا .

فرضوا سيطرتهم على الصناعة والزراعة والبترول … اذا ماذا تركوا للحكم المدني؟ فقط مجرد مباني مجلس الوزراء ..؟؟!

لن ينصلح الحال طالما العسكريون يعتقدون انهم هم الاقدر للحكم وادارة البلاد عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، وعلى المدنيين الانصياع لرغبات العسكر ونزواتهم نوان يظل المدنيون تحت أحذيتهم الثقيلة.
لا حول ولا قوة إلا بالله.

الوسوم رمزي-المصري

التعليقات مغلقة.