نعم زملاء ، لكن الوطن اولا

نعم زملاء ، لكن الوطن اولا
  • 30 مارس 2020
  • لا توجد تعليقات

عبدالرحمن الامين


قل لي ولزملائك في هذا القروب : لماذا نرضي بك وزيرا للدفاع ياسعادة الفريق ركن محمد عثمان علي البدري ؟ !


aamin@journalist.com

الاخ الكريم الفريق ودالبدري،
تحيات طيبات وبعد
جدية هذه الرسالة إستلزمها الموقف العام في شأن عام . لكن لابأس من القول أنني سعدت كثيرا بالتعرف عليك وبقية الزملاء الأفاضل من خريجي ” غابة الصندل ” كُنيتنا المحببة التي إبتدرها زميلنا عبدالغني الحاج لوصف مدرسة بورتسودان الثانوية الحكومية .
لقد ظلت هذه المنصة توفر لنا ، وبأريحية ، تقاربا إفتراضيا هزم التباعد الجغرافي والتوقيت بل وحتي العمر فأعدنا عقارب الذكريات لأيام ذلك الزمان الزاهي بين الداخليات والفصول والمشوار الي السفرة ” ام المؤمنين ” وجلسات الشاي في مقهي المسرح وجنة الشاطئ ، لمن إستطاع اليها سبيلا . وفي هذه المنصة عرضنا مرئياتنا في الشأن العام وما يتصل بإنفعالنا الوجداني بما يجري في بلادنا من أحداث وأهوال متشابكة . فناقشنا الثورة ومآلاتها ، وعلّقنا ، ناقدين أو مؤازرين ، أفعال النظام السابق والأمل المرتجي لانتشال بلادنا من نفق الديكتاتورية المظلم الي رحاب الحربة والكرامة.
وبالرغم من ان العضوية في هذه المجموعة مقيدة ومشروطة بمن تتلمذ في بورتسودان الثانوية الحكومية ، غض النظر عن سنوات الدراسة ، إلا ان الموضوعات المطروقة والمنقولة كبوستات من هذا القروب واليه ، ظلت منسابة شريطة إلتزامها بضوابط الآداب العامة في مثل هذه المحافل الجامعة . هذه الحقيقة تعني أننا قروب مغلق العضوية لكنه ، مثل غيره ، مفتوح المحتويات والمنقولات .
بعد هذه المقدمة أقفز لنصف الدائرة .
إطلعت كغيري علي سيرتك المهنية الناصعة التي تتزيّن بها الاسافير هذه الايام كمرشح لتولي حقيبة وزارة الدفاع . ولأنني سبقتك في غابة الصندل ، ولم أتزامل معك فيها ، فقد بهرني محصولك الفني الاحترافي في الحقل العسكري فلك التهنئة علي تلك الإنجازات المتميزة التي إمتدت لستة وعشرين عاما ( 1978-2014) كما تبين سيرتك الذاتية . وبالرغم انني اجهل أسباب احالتك للمعاش لخمسة سنوات ، بيد انني علمت من ذات السيرة انه تم ارجاعك للخدمة وترقيتك لرتبة الفريق في شهر اكتوبر 2019 ، اَي بعد الثورة .
إذن عدت رجلا عسكريا تتزيا بزي تشرفت به لسنوات عديدة والتزمت بقسمه وشروط خدمته وأهمها الدفاع عن بلادنا ودستور ورموز سيادتها .
قرأت لك عددا من المداخلات في هذا القروب التي عبّرت فيها علنا ، وبجرأة وصراحة، عن حزنك لفشل مقتل السيد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك يوم الاثنين 9 مارس. فقد نقلت رأيك في محاولة الاغتيال في عدد من البوستات كان أكثرها غرابة قولك في مداخلة مكتوبة (جَلّتْ )! عندما استوضحك عدد من الزملاء عن تلك الكلمة وأنكروا عليك تلك اللغة الشامتة ، قلت مانصه ( بقصد ماخاتي الناشناكاه في المسافة الصحيحة ) !! هذا التعليق الصادم ، إخترته كبديل للإعتذار العلني عن سقطة شهدها الجميع في هذا المنتدي الإسفيري ، فتسبب في المزيد من امتعاض زملائك المستنكرين !
أيضا ، عندما واجهك أحد الزملاء معترضا وأبلغك ان الحكومة الحالية تحظي بتأييد غالب أهل السودان ، قلت مانصه عن الحكومة ( ضعيفة في اتخاذ القرار ..شغالين بدون هدف.وعود لا تفنذ.آخر فرصة عشان يعجبوني نشوف مرتبات أبريل ..بس انا خايف من اكذوبة أبريل …دا بيكون عيدا لأهلنا وأخرنا . تحياتي )

خلال الايام الماضية ، لاحظنا في هذا المنبر وغيره تطاير سيرتك الذاتية للتعريف بك ، ولترشيحك لشغل منصب وزير الدفاع بعد الرحيل المفاجئ للفريق جمال عمر ، رحمه الله .
بصراحة هالني كثيرا ان أقرا انك تنتظر (الاتصال الرسمي) لتصبح وزيرا للدفاع !! تساءلت ، من أين تأتي هذه الجرأة الشاطحة وهذه الماسحة الخرافية للذاكرة التي تنسيك ماقلت قبل اقل من ١٠ ايّام فقط عن حكومة وصفتها بالفشل وأنها ( الاسوأ في تأريخ السودان القديم والحديث) إلا انك تنتظر الإشعار الرسمي للانضمام لها !! من الذي يريد دفن نفسه مع ميت ؟؟
هذا الكلام المتناقض أخافني كثيرا وجعلني أتشكك في نواياك المبيتة حكما علي مواقفك المدونة بخط يدك في هذا القروب . تساءلت أسئلة مشروعة : لماذا نأتمنك علي وزارة الدبابات والرشاشات وانت لا تري من هذه الثورة الا الفشل ؟ لماذا نبصم ، ونفرح ونبارك ونهنئ علي توليك وزارة الدفاع وانت لا تشاركنا فرحتنا بثورتنا وإنتزاعنا لحرية وكرامة شعبنا من سيطرة نظام حكم عسكري عقائدي غاشم فتك ببلادنا لثلاثين عاما ؟ ان منصب وزير الدفاع ، الذي لا تمانع في شغره ، نعلم كما تعلم ، انه أنه ليس منصب تشريفات بل منصب قيادي خطير يتحكم بشكل مباشر في قرارات الحرب والسلام ، الحربة والديكتاتورية وتترتب علي قرارات من يجلس علي كرسي وزارته ادق تفاصيل مصير ثورتنا وبلادنا .

أدرك أن من حقي كمواطن سوداني ، أولا ، وكصحفي ، ان أتوجه بالسؤال لأي رجل عام في جمهوريتنا . منطلقا من هذا الحق ، الذي لم أتقاعس من ممارسته علنا طيلة حياتي ، فإنني اخاطبك اليوم ياسعادة الفريق الركن محمد عثمان علي البدري لا بصفتك كزميل خريج من “غابة الصندل” وإنما بوصفك رجلا مسؤولا وعاما ، حتي وبدون أن تتولي منصب وزير دفاع فبزتك العسكرية التي أعيدت لك بعد 5 سنوات من المعاش ، كافية بأن تجعلك رجلا عاما مسؤولا ومساءلا .
هل تري ان تعليقك عن حادثة اغتيال الدكتور حمدوك كان ملائما ؟

إذا لم يكن ملائما ، لماذا لم تعتذر عنه حتي بعد ان انتقدك زملاؤك ؟

لماذا نثق فيك كوزير للدفاع وتتناسي انك ، تصريحا وتلميحا ، تعادي حكومة الثورة وترميها بالفشل وتتهكم علي قدرتها في توفير رواتب شهر ابريل ؟
ماهي الدوافع التي تجعلك ترضي بالانضمام لحكومة فاشلة ، أليس في هذا ما ينبئ عن نوايا اخري لا نعلم بها ، وبالتالي ، لايمكن ان نستبعد قيامك بعمل عسكري تسحق فيه بدبابات وزارة الدفاع آمالنا المشروعة والسلمية في حكومة مدنية دورك ان تحرسها لا أن تفترسها ؟

أخيرا ، لنفترض ان حملة ترشيحك المحمومة نجحت في تسويقك وتم إختيارك وزيرا للدفاع ، وبمنظور ما تعلمه من السلوك النموذجي الذي يفترض ان يكون عليه الضابط العسكري المحترف ، ماهي العقوبة التي كنت ستوصي بها علي ضابط برتبة فريق ركن في الجيش الذي تقوده كتب مثل ما كتبت عن رأس الدولة ؟

وختاما ، تقبل تقديري واحترامي
سأكون في انتظار ردك لأقرر موقفي الاخلاقي والمهني من مسألة ترشيحك قبل المجاهرة برأيي في العلن .
مودتي
عبدالرحمن الامين aamin@journalist.com

التعليقات مغلقة.