لا طفل ينام جائعاً

لا طفل ينام جائعاً
  • 28 سبتمبر 2019
  • لا توجد تعليقات

عواطف عبداللطيف

ديفيد بيسيلي مدير برنامج الغذاء العالمي مغرداً على حسابه في “تويتر” بعد لقائه د. حمدوك في نيويورك:
“نؤكد بأننا نتطلع للعمل مع حكومة حمدوك من أجل ألا يذهب طفل سوداني إلى فراشه وهو جائع”.

إن كان هذا ما يتطلع ويطمح إليه” ديفيد ” الذي سيسعي لهذا الفعل الانساني “إطعام الجائع”، لا ليس هذا فقط، بل قال سنسعي من أجل ألا يذهب طفل جائع لفراشه… انها العبارة الاكثر عمقاً.. إها الانسانية بذاتها ستمشي بأرجلها بين أطفال السودان فليس أوجع للقلب من أن تهدهد الامهات اطفالهن ليلاطف النوم أجفانهم المرهقة وبطونهم الفارغة، وهي “تصوص وتكركع” الهواء وليس غيره.

صحيح أن مواقع التواصل تتدفق بين جنباتها وضمن متونها الأحاسيس والتفاعلات والحكايات والصور والكلمات لكن ما قاله وما غرد به مدير برنامج الغذاء العالمي يلامس شغاف القلوب، ويدمع العيون، وبجعل ايادينا ترتجف، وهي تحمل اللقمة لحلاقيمنا التي لا تحتمل الجوع والعطش ولو لسويعات.

ونحن نتابع الحراك السياسي والتنويري لوفد رئيس الوزراء السوداني بين منصات وأروقة الامم المتحدة وقاعاتها وضمن لقاءاته مع رؤساء الدول الإقليمية والدولية والنافذين في مفاصل منظمات الامم المتحدة يغامرنا إحساس قوي أن العلي القدير ساق موعد هذا المؤتمر الأممي المهم والمؤثر علي المستوى العالمي الذي تنتظره الدول، وتعد له العدة كمنصة عالمية وسقف للانجازات، وحمدوك ووزرائه لم يغادروا شهرهم الثاني علي توليهم مناصبهم، وأكتافهم تحمل أثقال ثلاثين عاماً من اخفاقات حكومة مقطوع الطاريء التي عزلت السودان عن محيط التقدم والنماء، بل جاع اطفاله ومرض كباره، وهم يمشون على ارض قالت كل كتب التاريخ إنها سلة غذاء العالم.

من يصدق أن هناك أطفالاً رشحت الأخبار أن أمهاتهم ألقمنهم الطين لتمتليء بطونهم، ويسكت صراخهم، وعلي مقربة منهم وفي ذات المدن يتوسد البعض خيرات البلاد وسادات محشوة بالعملات الأجنبية والمحلية، فكيف يا ترى مخازن أغذيتهم وثلاجات مطابخهم، وما كانوا يحشونه في بطونهم، ولخاصتهم ومعارفهم ومن سار في ركابهم مما لذ وطاب من خيرات البلاد وارثها وثرواتها، حتى ضاق الشعب وهب عن بكرة ابيه متحدياً الجبروت والآلة العسكرية التي حصدت أرواح شبابه.

الجوع فتاك وقاتل ويعلم الجميع أن البذور لتدفن وأن البراعم لتنبت والسنابل لتمتليء قمحاً وعدساً وفولاً تحتاج للميكنة وللترع لتشق، وللمياه ان تنساب وللايادي السمر أن تشمر عن السواعد للإنتاج وللحصاد بأحدث ما وصلت اليه تكنولوجيا النهضة والتنمية المستدامة.

إن تغريدة ” ديفيد ” ما هي قدح ممتليء للجوعان، ولا هي كأس الماء والرغيف، ولكن هي الشرارة الاولي لتشتعل وتتحرك آلة الإنتاج الزراعي والغذائي، ولتدار مكائن التصنيع لتعم الوفرة، ويشبع أطفال السودان بعد أن طال بهم الجوع، وأرق أجفان امهاتهم جفاف ضروعهن من الحليب الذي يسكت الجوع.

عواطف عبداللطيف
اعلامية وناشطة اجتماعية

awatifderar1@gmail.com

التعليقات مغلقة.