ما كان للعدالة أن تتحقق

ما كان للعدالة أن تتحقق
  • 01 يناير 2020
  • لا توجد تعليقات

د. بشير إدريس محمدزين

• لو لم تتم إزاحة نظام الفاسد البشير بكل تجبره، وعنجهيته تماماً لَمَا سمِع الناس بتفاصيل جريمةِ القَتَلة الثلاثين الذين تمت إدانتهم في محاكمة الشهيد أحمد خير.. ولَمَا جرى إعتقالُهم أصلاً إعتقالاً جِدِّياً، ولَمَا تمّ استجوابهم قط إستجواباً جِدياً بقصد تحقيق العدالة، لأن حُكَّام الفساد كانوا قد أعدُّوا سلفاً خطة إفلات جلَّاديهم من جريمة الإغتصاب والقتل بحق الشهيد، واستخرجوا لهم التقارير الطبية اللازمة، ولقَّنوهم أن يدَّعوا أن موت الشهيد كان محض تسممٍ غذائيٍ عادي، بطبق فولٍ مدمسٍ عادي، تناوله مع الشهيد، ومع الموقوفين في -أُخوةٍ حانية- أخوانُهم النظاميون الذين كانوا (يشرفون) عليهم، وتسمَّموا مثلهم، ومعهم !!

• ما كان للعدالة قط أن تتحقق في جريمة إغتيال الأستاذ أحمد خير لو بقيَ البشير حتى الآن رئيساً للجمهورية، وصلاح قوش مديراً للأمن، وأحمد هرون رئيساً لحزب الفساد، والقمع، والترويع، وآدم جماع والياً لكسلا، واللواء ياسين محمد الحسن مديراً لشرطة ولاية كسلا !!

• بل ما كان للعدالة لتتحقق قط لو بقيَ في مواقعهم أمثال من يُسمّى (بروفيسور جمال خالد) عميد كلية طب القضارف الذي أرسل تسجيلاً يطالب فيه الناس بتقوى الله في الأموات، ويُقسم بأغلظ الإيمان أن الشهيد أحمد خير ما مسَّه من ضُرٌّ قط، ولا أذى، ولا تعذيب، لا مِن قُبُل ولا مِن دُبر من (إخوانه) رجالات الأمن، وهو على ذلك من الشاهدين !! وكل ذلك ما كان من البروف إلا تدنيساً، وتدليساً، وكذباً صُراحاً، وتضليلاً للعدالة باسم الطب، والعِلم، ومنعاً لها من أن تتحقق !!

• ما كان للعدالة قط أن تتحقق في ظل نظام البشير (الإسلاموي) والبشير على رأسه، وقد سخّر كل أجهزة الدولة للإغتصاب، والتعذيب، والقتل، ثم (لدرفسة) كل ما من شأنه أن يحقق العدالة، وكل ذلك كان باسم الدين، ومن أجل (الحاكمية) العليا لله!!

• كم شهيداً آخر غير الأستاذ أحمد خير تم إغتصابه، وتعذيبه، ثم قتله، ورميه في العراء طوال الثلاثين سنة من حكم البشير، وقبل أن تتحقق العدالة آخيراً لشهيدٍ واحدٍ هو أحمد خير؟!

• وكم زوجةً رمّلها نظام الإغتصاب، وكم أماً ثكّلها، وكم أسرةً يتَّمها ذاتُ القَتَلة، تحت حماية ذات الفاسد البشير قبل أن تتحقق العدالة آخيراً في محكمة الشهيد أحمد خير؟!!

• كم من قاتلٍ آخر، وكم من مغتصب، وكم من جبّارٍ عنيدٍ ومُفترٍ، كان قد عاث، وأفسد، وقتل، وسحق، ودهس الأحرار، وأنتهك حرمات الحرائر تحت حماية الفاسد البشير، وبتصفيقٍ ومباركة، وصمت من (فلول الإنقاذ، وشيوخها الذين يتظاهرون الآن بالتباكي على الدين) قبل أن تتحقق العدالة في محكمة الشهيد أحمد خير؟!!

• إنّ على الشعب السوداني، وعلى شباب الثورة خاصةً أن يعلموا أن كلَّ محاكمةٍ تتم من أجل شهيدٍ أغتاله زبانية النظام البائد، وأياً كان إتجاهه، هي في حقيقتها محاكمةٌ (لفكر الإسلامويين المنحرف) الذي لا يتورّع عن القتل، والسحق، والإنتهاك، وبدمٍ بارد، وهو يهتف (هي لله، هي لله)..

• إنَّ على شباب الثورة، وعلى الجميع أن يعلموا أن كلّ عدالةٍ تتحقق في ذلك هي في حقيقتها إقتصاصٌ من فكرٍ دخيلٍ، دمويٍ فاشيٍ منحرف، لا يعرف الأخلاق، ولا الدين، ولا الفضائل، ويجب دحرُه، ومنعه من أن يسود مجدداً !!

• إن العدالة لا تتحقق حتى تُرى على الأرض تتحقق.. وإنَّ العدالة البطيئة هي في حقيقتها ظلمٌ بطئ..ولن تتحقق العدالة إلا عندما يحسُّ الذي لم يمسُّه أذى الظلم بذات الأذى الذي يحسُّه من مسّه الظلم !!
ولا أرى شخصياً، أن ضمير الشعب السوداني سينفر، أو يتأفَّف من توقيع عقوبة (الإعدام بالخازوق) على قتَلة الشهيد أحمد خير، فالأصلُ أنّ الجزاءَ من جنس العمل، وستكون تلك عقوبةً عادلة، تشفي صدور قومٍ مؤمنين، وستشفي مرضى القتلِ بالخازوق حاضراً ومستقبلاً، ثم هي ستكونُ (جزاءً وِفاقاً) بنص القرآن الكريم، من الربِّ الحكمِ، العدلِ، الرحيم !!
•••

التعليقات مغلقة.