سفينة بَوْح –لُغة الثورة ..!

سفينة بَوْح –لُغة الثورة ..!
  • 16 أبريل 2020
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل


معايير العدالة في إنصاف الخصوم ، ومحاسبة الذات وإذلالها وقهرها بنُصرة (الآخر) إذا إقتضى الحقُ ذلك ، لا تتوافق ولا تنسجم مع أمثال الطيب مصطفى وغيره من الإعلاميين الذين ما زالوا حتى يومنا هذا غير قادرين على تحمُّل تبعات الفطام من ثدي السُلطة وعطاياها وإمتيازاتها ، ذلك لأن مفهوم العدالة لمن يُريد إعماله في الأرض (لوجه الله تعالى) دون طمعٍ في منفعة أو عائد يطالهُ جراء ذلك لا يستقيم دون الإيمان بفكرة وضع النفس مكان الآخر لتستطيع أن ترى (عيوبك) بعين (البصيرة) وتجيب على السؤال العدلي الإستراتيجي (ماذا كنت ستكون فاعلاً لو كنت مكانهم ؟) ، هذا المبدأ الأخير لا يمكن أن يقوم بتطبيقه شخصٌ يولي ذاته قدراً ولو يسيراً من (العُلو) على الآخر والشعور بالأفضلية مهما كانت أبواب هذا التمييز الذي طالما (زيَّنهُ) الإسلامويون من أمثال الطيب مصطفى بشعارات وهتافات التحيُّز للدين و(إتهام) الآخرين على شتى منابعهم  وإتجاهاتهم بمعاداته والعمل على محو تعاليمه وآثاره في الحياة.

أمثال الطيب مصطفي وبالرغم مما (حدث وما سيحدث) غير قادرين على رؤية حقيقة (معركتهم المُقبلة) في ساحة العمل السياسي بعد إنتصار ثورة ديسمبر المجيدة ، هم ما زالوا يعتقدون أنهم سيواجهون أحزاب اليسار واليمين الإسلامي المُضاد ، ولا يلتفِتون أو يتعامون فزعاً عن رؤية الأغلبية العُظمى من الشباب الذي أشعلوا مِرجل الثورة  وهُم (مُجرَّدين) من أيي إلتزام آيدلوجي أو تنظيمي لأييٍ من التيارات التي تقود البلاد الآن إلى بر الأمان وإستتباب مسارها الديموقراطي ، حينما يتباكى الطيب مصطفي على الحرية والعدالة إستنكاراً لتصدي الشرطة (الحنون) لمواكب الزحف الأخضر التي ما زالت فلول الإنقاذ تتخذها منبراً لإستدراج تعاطف الشارع الذي لم يعُد يُلدغ من ذات الجُحر مرتين ، يكون قد رفع من أسهُم الفلول وقيمتهم الإنسانية بإعتبار أنهُ لم يستنكر (بطش) الشرطة والأجهزة الأمنية على شرفاء بلادي الذين أسقطوا حكم الإنقاذ البغيض. 

لما يقِم الطيب مصطفي ميزان العدالة والإخلاقيات والقيِّم الإسلامية السمحة التي تنبذ الفساد والسطو على مال الدولة والشعب والتنَّكُر للمواثيق يوم تدبير خيانة الأمة السودانية ودستورها عبر إنقلاب 89 المشئوم ، ولم يطرف لهُ جِفن حينما شُرد الآلاف من شرفاء هذا الوطن في أصقاع الدُنيا بفعل مجازر التمكين ، ثم رأى بأم عينيه كيف يُطارد نظامهُ القمعي المعارضين ويقتلهم في السجون والمعتقلات بعد تعذيبهم في بيوت الأشباح ، ثم تابع يوماً بيوم مواكب شهداء ثورة ديسمبر المجيدة التي تُوجِّت بمجزرة 29 رمضان إبان إعتصام القيادة العامة ولم يقُل شيئاً في مضمار العدالة والقيِّم والأخلاقيات التي يزعم أنهُ يستمدها من دائرة إنحيازه للإسلام الذي هو منهُ ومن أقوالهِ  وأفعالهِ بريء ، الطيب مصطفي بين كل فينةٍ وأخرى يستنجد بالمكوِّن العسكري في مجلس السيادة الإنتقالي ويستجديه أن ينقلب على الحكم الراهن ، هل يعلم الرجل أنهُ يدعو لإنقلاب على الشعب السوداني ؟ ، هل ما زال لدى الرجل (أمل) في أن يستكين هذا الشعب لإنقلاب عسكري ولو قبلت به قوى الحرية التغيير ؟ ، لن أقول أن قراءتهُ لواقع التغيير (خاطئة) لأنهُ بما في نفسهِ  من وجلٍ وذُعرِ وإرتجاف سيظل غير قادر على التحليل والقراءة والكتابة بلُغة الثورة هو بالفعل يحتاج (لمُترجِم ).

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.