العلمانية: حاو وأوش

العلمانية: حاو وأوش
  • 05 يوليو 2020
  • لا توجد تعليقات

د. عبدالله علي إبراهيم


أكثر ما يزعجني حول موضوع العلمانية (التي هي علاقة غاية التعقيد والتنوع بين الدين والدولة) المثار ما يلي:
1-غرابة أن تكون هذه العلاقة ما تزال إشكالية لمعارضة مدنية ومسلحة لم تغادر مدينة في الدنيا عبر 30 عاماً ولم يصدر عنها ميثاق فيها تناول قضية الدولة والدين. لماذا الحجاج حول هذه العلاقة التي أوسعتها المعارضة اتفاقاً؟ ففتح النقاش حولها كعقبة دون السلام الآن يعني أن الذي ظمرناه لله.

2-توقفت عند إصرار الحركة الشعبية (الحلو) على أن يقع فصل الدين عن الدولة باسم العلمانية لا تنقص إن لم تزد. ولم نسمع منها هذا الجهر في المواثيق التي وقعتها بكافة بلاد الله مع معارضين آخرين واكتفت فيها بصيغة فصل الدين عن الدولة أو “الدولة المدنية” في أحسن الأحوال كما في وثيقة الفجر الجديد (يناير 2013). ولم اسمع بالحركة الشعبية أذاعت مفهوم العلمانية تعريفاً ومفهوماً بين كادرها ناهيك عن سائر السودانيين. وتواعدت الجبهة الثورية وحزب الأمة على مناقشة أعمق لموضوع الدولة والدين في إعلان باريس (أغسطس 2014). ولم يتنزل من ذلك معارف تكيف المفهوم وتبذله للناس. فلم تنعقد حوله ندوة مذكورة، ولا رسائل مطبوعة أو على الفيديو تؤمن نفاذ المصطلح إلى افهام الناس. وهذه مهمة جليلة لإزالة الكدر الذي ران على المفهوم منذ نهوض الثورة المضادة لثورة أكتوبر التي حلت الحزب الشيوعي على بينة علمانيته وإلحاده. ألا يستحق مطلب مثل العلمانية “المستورد” هذه النباهة من دعاته حتى يسلس في الأفهام ويأمن إلى الأفئدة؟

3-بدا لي عوار في استجابة الجماعات السياسة الأخرى لمطلب الشعبية. فصار موضوع العلمانية بعضا في تصفية حسابات بايتة في سياق نزاع الشعبية الحلو والشعبية عقار. وفي هذا رهق للخطاب حول المسألة. كما بدا لي أن المؤتمر السوداني كمن يجامل في تفهمه للمطلب من غير نهج واضح مستقل.

4-وددت لو ن الشعبية الحلو تمتعت بنفس لوامة. فمن أفسد عليها الدعوة للعلمانية وتقرير المصير معاً هم رفاقها في الحركة الشعبية الأم. فجاء اتفاق السلام بين الحركة الشعبية وحكومة السودان في 2005 بالعلمانية وتقرير المصير للجنوب في حين لم ينل “الجنوب الجديد” سوى وضع مرتبك هو “المشورة الشعبية”. ولما بقي هذا الجنوب في الشمال انتمى لدولته الدينية. فإن اشتكت الشعبية الحلو من نقض العهود من حكومة الخرطوم وأرادتها علمانية فاقعة للضمان باكر باكر فمن باب أولى أن تعرف من نقض عهودها وأخذ كامل حقه بتضحيات الجنوب الجديد.
هذه مسائل وجب فيها التداول لأنها بمثابة تسوية لحقل النقاش leveling the field of discussion قبل أن نتماسك الحزز حول المفهوم.
IbrahimA@missouri.edu

التعليقات مغلقة.