كيف تتخلّص من الدوائر السلبية المحبطة؟

كيف تتخلّص من الدوائر السلبية المحبطة؟
  • 19 يوليو 2025
  • لا توجد تعليقات

نجيب عصام يماني (كاتب صحفي سعودي)

في لحظات التعب الذهني، والإعياء الجسدي، والخذلان المتكرر، تتسلل إلى أرواحنا دوائر خبيثة من السلبية والإحباط، تحاصرنا كأشباح لا تُرى، لكن آثارها تبدو واضحة في وجوهنا، في نظراتنا، في انحناءة أكتافنا، وفي ذلك الصوت الداخلي الذي يهمس لنا: “لا فائدة… لن تنجح… ما الجدوى؟”.
هذه الدوائر ليست قدراً مكتوباً، وليست قانوناً أزلياً، بل هي مثل قيود من دخان، تتبدد متى ما قررت أن تنهض، وتؤمن، وتقاوم.
دعني أخبرك شيئاً صادقاً، قد يهز فيك ساكنًا:
التمارض المستمر هو أقسى أنواع الإيذاء الذاتي.
أن تلبس ثوب المرض وأنت سليم، أن تبرر الكسل بالعجز، أن تعتاد الشكوى وتعلق مشنقة فشلك على حائط “القدر”… هذه كلها ليست إلا محاولات فاشلة للهروب من مسؤولية ذاتك.
▪️أتعرف الحديث الشريف الذي يقول:-
“لا تَمَارَضُوا فتَمْرَضُوا فتَمُوتُوا”؟
هذا التحذير النبوي البليغ، ليس فقط عن التمارض الجسدي، بل يشمل ذلك التمارض النفسي والعقلي. من يستسلم للحزن يتمرّض، من يسكن الخوف صدره يتآكل، ومن يعتقد أن مصيره هو الفشل فإنما يحكم على نفسه بحياة ضائعة.
كسر الدائرة يبدأ من الداخل
———————————-
أول خطوة، وأعظمها: الثقة بالله.
حين تؤمن يقيناً أن الله لطيف، وأن كل ما كتبه لك فيه خير، وأن ما يُؤخَّر عنك إنما يُؤجَّل لحكمة، تتبدّل نظرتك للحياة.
قل لنفسك كل صباح:
“ربي كتب لي الخير، وأنا أستقبله بكل حب.”
“ما أخطأني لم يكن ليصيبني، وما أصابني لم يكن ليُخطئني.”
بهذا اليقين، تكسر أول حلقة من حلقات الإحباط.
املأ قلبك بالنور
تفاؤل. تفاؤل. ثم تفاؤل…
—————————–
لكن ليس تفاؤل الكسالى الذين يجلسون في العتمة ينتظرون شعاع الشمس، بل تفاؤل العاملين الذين يشعلون مصابيحهم وسط الظلام.
اصنع مستقبلك بأوهامك الإيجابية!
نعم، تخيّل نفسك ناجحاً، محبوباً، متعافياً، مُلهماً… وكرّر هذه الصورة في ذهنك كل يوم، حتى تصبح واقعاً.
احذر من الأشخاص “المُعدين” سلبياً:-
—————————-
هؤلاء الذين ينقلون لك فشلهم مثل عدوى، يُقنِعونك أن لا أمل، وأن النجاح وهم، وأن العالم ينهار.
هؤلاء سُمّ بطيء، تجنبهم كأنك تتجنب طاعوناً.
قصص من كسروا الدائرة:-
——————————
لنأخذ جولة في قصص حقيقية لأشخاص كانوا يوماً ضحايا للإحباط، ثم صاروا ملهمين للعالم:
▪️توماس إديسون
فشل في اختراع المصباح 999 مرة.
قيل له: “ألم تُدرك أنك فشلت ألف مرة؟”
قال: “بل اكتشفت ألف طريقة لا تؤدي إلى النجاح.”
هذه ليست نكتة، بل قناعة رجل حطم دائرة الفشل بذكاء تفاؤله.
▪️ستيفن هوكينغ
أصيب بمرض العصبون الحركي في سن 21، وأخبره الأطباء أنه لن يعيش أكثر من سنتين.
لكنه عاش أكثر من خمسين سنة بعدها، وحبس الكون في معادلات، وأذهل العقول بنظرياته، وهو على كرسيه المتحرك، لا يتحرك فيه إلا لسانه.
▪️أوبرا وينفري
وُلدت فقيرة، وتعرضت لاعتداءات في طفولتها، وتم طردها من أول وظيفة لها كمذيعة لأنها “غير مناسبة للتلفاز”!
واليوم؟ اسمها يلمع كأحد أنجح الأسماء في الإعلام الأمريكي والعالمي، ومصدر إلهام لملايين النساء.
▪️نجيب محفوظ
كاتب نوبل العربي، لم يُنشر له أول عمل إلا بعد أن تجاوز الأربعين.
واجه نقداً عنيفاً، ولم يتوقف.
عاش في ظل الحذر الأمني سنوات، ولم يتوقف.
قال: “لا يوجد إنسان فاشل، بل يوجد إنسان بدأ من القاع، وبقي فيه.”
طرق عملية للتحرر من الدوائر السلبية:-
———————————
1- غير بيئتك
لو كانت غرفتك موحشة، اجعلها حديقة.
لو كانت أيامك متشابهة، اكسر الروتين.
ابدأ بشيء بسيط، حتى لو كان تغيير ترتيب السرير.
2- مارس الامتنان
اكتب كل يوم خمسة أشياء جميلة في حياتك.
الهواء، الأهل، صديق صادق، كتاب مفيد، أو حتى كوب قهوة.
3- تحرك
حتى المشي ربع ساعة يومياً يوقظ روحك.
الكسل يغذي الحزن، والحركة تطرد الاكتئاب.
4- توقف عن الشكوى
كل شكوى تأكل من طاقتك.
كل تذمر يمنح السلبية فرصة لتنتشر.
5- احط نفسك بالمُلهمين
استمع لبودكاست إيجابي.
تابع سيرة شخصية ناجحة.
تحدث مع صديق متفائل.
6- اجعل الدعاء طريقتك اليومية للخروج من الطوق
قل: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل…”
هذا الدعاء النبوي هو دستور التحرر من السلبية.
اصنع مصيرك بيدك
———————-
▪️لا تنتظر الفرج على قارعة الطريق.
انهض، تبسّم، قاوم، وتقدّم ولو خطوة.
قد تُهزم مرات، لكن لا تستسلم.
تذكّر، الشمس لا تشرق إلا بعد ليلٍ طويل… لكنها تشرق حتماً.
▪️وكما قال أحدهم:-
“إن كنتَ في حفرة، فأول ما عليك أن تفعله هو أن تتوقف عن الحفر.”
ابدأ الآن. هذه اللحظة.
ارفع رأسك. خذ نفساً عميقاً.
وقل لنفسك: أنا أستحق السعادة، وهي تتجه نحوي بسرعة ،وعلي الا اقلق لان الطريق ربما به زحاما طفيفا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*