اليمن: تصعيد قبلي مسلح يطفئ جذوة الحياة في حضرموت
خلال الأيام الأخيرة، شهدت محافظة حضرموت اليمنية، تحولات جديدة في الأوضاع، بعدما أعلنت مجموعات قلبية عن استنفار مسلح، أعقبه تحرك ميداني.
وتشهد العاصمة عدن ومحافظة حضرموت أزمة كهرباء خانقة، تسببت في انقطاع شبه كامل للتيار عن معظم المديريات، وسط عجز متزايد في منظومة التوليد وغياب حلول إسعافية عاجلة، حسب موقع “4 مايو.”
وفي عدن حسب ذات المصدر، تفاقمت الأزمة بشكل غير مسبوق، حيث وصلت ساعات الانطفاء حتى مساء الأحد إلى أكثر من 13 ساعة مقابل ساعتين فقط تشغيل، بحسب مصادر عاملة في مؤسسة الكهرباء.
وأوضح الموقع نقلا عن مصادر، أن جميع محطات التوليد العاملة بالديزل والمازوت خرجت عن الخدمة بسبب نفاد الوقود، فيما بقيت محطة الرئيس العاملة بالنفط الخام تعمل جزئيًا بطاقة لا تتجاوز 65 ميجاوات، تتحمل العبء الأكبر من الإنتاج.
وأشارت المصادر إلى أن مشروع التوليد بالطاقة الشمسية يساهم جزئيًا في التخفيف من العجز خلال ساعات النهار، لكنه يظل رهين حالة الطقس ودرجة السطوع.
وتابع الموقع: “وتعكس هذه التطورات حجم التدهور المستمر في قطاع الكهرباء، حيث يعيش المواطنون أوضاعًا معيشية صعبة في ظل الانقطاعات الطويلة، فيما يرى مسؤولون محليون أن الأزمة هيكلية تتجاوز نقص الوقود وتعطل المحطات، وتتطلب إصلاحات جذرية لضمان استقرار الخدمة.”
كما تشهد عدن أيضا، أزمة في الغاز، بعد إغلاق عشرات محطات بيع الغاز أبوابها بشكل مفاجئ بدعوى نفاد الكميات، ما أدى إلى ازدحام أمام عدد محدود من المحطات التي واصلت البيع.
وفي تعز، تتواصل الأزمة منذ أيام، نتيجة توقف تموين محطات التعبئة ووكلاء التوزيع، ما تسبب في ازدحام غير مسبوق وطوابير تمتد لمسافات طويلة أمام المحطات. وأكدت مصادر محلية أن المواطنين وسائقي المركبات يصطفون لساعات للحصول على أسطوانة غاز، في ظل شح شديد في المعروض، حسب موقع خبر.
سياق
وجاءت هذه التطورات، بعدما أعلنت ميليشيا قبيلية، سيطرتها على منشأة نفطية رئيسية في محافظة حضرموت 29 نوفمبر 2025، ما يعقد من الوضع الأمني، في واحدة من أهم مناطق الطاقة في البلاد.
وأغلقت الميلشيا، طرقًا رئيسية لنقل الوقود، ونصبت نقاط تفتيش غير شرعية بالقرب من الحقول النفطية في مناطق متفرقة من الهضبة الحضرمية، ما فاقم من حالة التوتر وعرقل حركة الإمدادات الحيوية.
وقال مسؤول محلي، إن مجموعات قبلية مسلحة، انتشرت قرب عدد من المنشآت النفطية وبدأت في محاصرة موقع القطاع 14 التابع لشركة بترومسيلة في حضرموت. وأشار إلى أن المسلحين، ” اتخذوا مواقع حول المنشأة ومنعوا الوصول إليها كلياً، ما يرفع خطر حدوث مواجهة مع قوات النخبة الحضرمية التابعة للحكومة اليمنية.”
وردا على ذلك، حذّر نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وعضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء الركن فرج سالمين البحسني، من تداعيات ما وصفه بـ«التمرد المسلح».
وحذر من أن التصعيد الحالي قد يقود إلى «سفك الدماء وانهيار مؤسسات الدولة»، في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية حساسية للأمن الإقليمي وتدفق الطاقة العالمي. وأدان التحركات التي تقودها مجموعات قبلية بقيادة الشيخ عمر بن حبريش، واعتبر أن محاولة السيطرة على منشآت شركة «بترومسيلة» تمثل «عملاً تخريبيًا وانقلابيًا» أدى إلى انقطاع الكهرباء وتعطيل إمدادات الوقود في مدن الساحل والوادي، ما أدخل مناطق واسعة من المحافظة في حالة شلل خدمي.
تنسيق سري مع القاعدة
ومن جهة أخرى، أفادت وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، نقلًا عن معلومات استخباراتية، بأن بعض الفصائل المشاركة في التصعيد نسّقت سرًا مع عناصر تابعة لتنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، في محاولة لاستغلال التوترات القبلية وضرب قوات النخبة الحضرمية وإضعاف سيطرة الدولة على المحافظة.
وبهذا الخصوص، أشار فرج البحسني، إلى ظهور “بؤر لتنظيمي داعش والقاعدة، بالإضافة إلى تجمعات للحوثيين” في وادي حضرموت، حسب ما أفادت به قناة قناة “عدن المستقلة”.
ورغم أن حضرموت بقيت تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، والمدعومة من تحالف عسكري تقوده السعودية منذ تدخله في الصراع اليمني عام 2015، إلا أن سلطة الحكومة في المحافظة تواجه الآن أخطر تحدٍّ لها منذ سنوات.
وفي سياق متصل، أكد البحسني، عضو مجلس القيادة الرئاسي، أن وجود الجماعات الارهابية في وادي حضرموت “بات يشكل خطرا حقيقيا على أمن واستقرار حضرموت والمنطقة”، مشيرا إلى أن وصول القوات إلى حضرموت جاء لدعم جهود النخبة الحضرمية في مواجهة الإرهاب والتصدي لتغلغل العناصر الحوثية داخل بعض مناطق الوادي.
ويشهد وادي حضرموت تطورات أمنية متسارعة بعد بدء حملة عسكرية واسعة تقودها قوات النخبة الحضرمية بدعم وحدات من القوات المسلحة الجنوبية، في إطار خطة تهدف إلى مكافحة الإرهاب وتفكيك بؤره الخطرة التي اتخذت من مناطق الوادي مركزا لعمليات تهدد الأمن والاستقرار في حضرموت والجنوب العربي والمنطقة بشكل عام، حسب موقع 4 مايو.
ويرى خبراء أمنيون حسب ذات المصدر، أن العمليات الجارية تحمل أهمية إستراتيجية كبرى بالنظر إلى الآثار المتوقعة على أمن ومصالح المنطقة، والمتمثلة بقطع خطوط دعم وتمويل الإرهاب والتهريب باتجاه شبوة والمهرة ومناطق مارب والمناطق الشمالية التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي، اضافة الى حماية الملاحة الدولية عبر البحر العربي وخليج عدن من تهديد التنظيمات الارهايية، وتعزيز قدرات القوات المحلية وإرساء نموذج أمني يعتمد على أبناء حضرموت.
الأمن غاية قصوى
في غضون ذلك، يرى مراقبون أن خطورة التصعيد تتجاوز حدود حضرموت واليمن، لتطال أحد أهم شرايين الملاحة والطاقة في العالم. فالمحافظة تضم حقولًا نفطية استراتيجية مثل المسيلة وعطوف وحلقوظ، يتم تصدير إنتاجها عبر ميناء الضبة (الشحر) المطل على بحر العرب، والمتصل مباشرة بخطوط الملاحة المؤدية إلى باب المندب وقناة السويس.
ويؤكد الخبراء، أن أي تعطيل طويل الأمد للعمليات في هذه المنطقة قد ينعكس على تدفقات الطاقة العالمية، في وقت تعاني فيه الأسواق أصلًا من توترات جيوسياسية متصاعدة.
كما أن حالة الفوضى في حضرموت، قد يحوّلها مجددًا إلى منصة لتهديد الملاحة الدولية وطرق التجارة العالمية، في ظل بحث القاعدة عن موطئ قدم بعد طردها من المحافظة سنة 2016.
ويذكر أ،نحلف قبائل حضرموت الذي أثار القلق بتصعيده المسلح والمتأسس عام 2013، ويضم شخصيات قبلية واجتماعية وأكاديمية ودينية بارزة، ولديه قوات حماية حضرموت، يسعى إلى حكم المحافظة حكما ذاتيا.
وكان زعماء ومشايخ ووجهاء قبائل محافظة حضرموت شرقي اليمن، قد أقرّوا ما سمّوه «المقاومة بكل الطرق والوسائل دفاعًا عن حضرموت وثرواتها»، وذلك خلال اجتماع 27 نوفمبر 2025,.


