يحيى فضل الله.. لسان حال بروفيسور أبشر حسين

فى فترة الشباب وعنفوان المد اليسارى، كنا نحب صنع الله إبراهيم (روائي مصري)، وعبد الرحمن منيف (كاتب سعودي)، وجبرا إبراهيم جبرا (فلسطيني)، ونعشق غابرييل غارسيا ماركيز وبابلو نيرودا.
كنا نموت في أشعار محمود درويش وسميح القاسم (الفلسطينيين)، وسليمان العيسى وبدر شاكر السياب (العراقيين).
وفي السودان، كنا معجبين بكجراي، وجيلي عبد الرحمن، ومحمد الفيتوري، ومدرسة الغابة والصحراء، وصلاح أحمد إبراهيم وغضبة الهبباي، ومحمد عبد الحي و”العودة إلى سنار”، ومحمد المكي إبراهيم و”أمتي” و”بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنتِ”.
وكان لنا عشق شديد للنور عثمان أبكر، و”غناء للعشب والزهر”، و”صحو الكلمات المنسية”.
كشباب، كنا نكن شعورًا خاصًا لأولئك الذين يعبرون عن مشاعرنا: محجوب شريف، وحميدة، وقدال عبد المنعم رحمة الله، ومحمد عبد الخالق.
وكنت أحب يحيى فضل الله شديدًا.
كنا أكثر سعادة بعروض تخرج معهد الموسيقى والمسرح، ولنا معزة شديدة لمجموعة “السديم”، ومحمد محيي الدين، والسماني “موال أرو”.
وكنا أكثر نشوة بأعمال التخرج في كلية الفنون الجميلة: عصام عبد الحفيظ، ومعتصم حسين، والهادي، وبدر الدين، امتدادًا للمدارس الجميلة: الخرطوم، والصَلحي، وشبرين، والعوام، وآبادماك، وبولا، والبلورية، وكمالا إسحق، والواحد، وأحمد عبد العال، والعتيبي.
للنور عثمان أبكر ويحيى فضل الله مكانة خاصة عندي،
أشعر بأني أحمل نفس المشاريع المشتركة، والمساحات العاطفية، والرؤى الحياتية.
كان صديقي عبد الله يقول لي: “عندما يلقي يحيى القصيدة، يفضح مشاعره أكثر من الكلمات”.
(أحب كثيرًا النواح والبوح عند إلياس فتح الرحمن وود بادى).
بعض الزملاء جعل من قصائد يحيى عناوين لفضح المشاعر.
أذكر أن صديقي “ع. س” قد وصل إلى نفق مظلم في علاقته العاطفية، فكان عندما يذكر حبيبته، يستدل بقصيدة يحيى: “إلى التي فقدت حتى الملامح”،
وكان صديقنا جعفر يرد عليه بلسان محمد المكي:
“مع الزمن الماري نشفى من الوجد والدمع والذكريات”.
مرت على خاطري هذه الذكريات، وأنا أستمع إلى الأستاذ يحيى فضل الله، بصوته الفخيم، وهو يحكي قصته مع خاله، وأغنية “يا ضلنا”، التي أمتعنا بها الأستاذ مصطفى سيد أحمد.
تحية لكل زملاء الزمن الجميل،
الذين شكّلوا ملامحنا، وأعطونا القدرة على امتصاص صدمات الحياة، والسير في دروبها بخطى مطمئنة.
بروف. أبشر حسين