سفينة بَوْح –نحنُ لهُ من الشاهدين ..!

سفينة بَوْح –نحنُ لهُ من الشاهدين ..!
  • 23 سبتمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل



على خلفية تشكيك هيئة الدفاع عن المُتهمين في محكمة إنقلاب الثلاثين من يونيو 89 المشئوم ، في أحد أعضاء هيئة قُضاة المحكمة ، موجِّهين لهُ إتهاماً يفيد تواجدهُ بساحة الإعتصام وهو يهتُف مع الجماهير (أيي كوز ندوسو دوس) ، ورغم عدم إرتياحي الأخلاقي والأدبي لصيغة الهُتاف إنحيازاً لأعرافنا وتقاليدنا السودانية الأصيلة التي تحثُ على فضيلة عدم الفجور في الخصومة ،

إلا أنني وفي ذاك الإطار الذي تناولت به هيئة الدفاع عن المُتهمين إتهامها وتشكيكها في حيادية عضو هيئة المحكمة الذي لا أعرف أسمهُ ولا موقعهُ ، أُعلن (إحترامي) لهُ لمُجرَّد وجودهِ في زمانٍ ما ومكانٍ ما (يُمارس) فضيلة الإنتماء إلى هذا الوطن وهذا الشعب وفاءاً وإخلاصاً ومؤازرة ، وبعيداً عن المنظور العدلي الذي ربما أقّرتهُ (سوابق) قانونية داخلية أو عالمية ، أؤكِّد عبر المنظور الثوري أن وقفتهُ تلك وهُتافه ذاك هو أصدق دليل على النزاهة والحيادية وإستحالة وقوع أمثالهُ في مغبة ظُلم الآخرين وسلبهم حقوقهم ولو كانوا خصوماً لهُ ، أو لم يكُن ذاك الهُتاف إذا إستبعدنا شكلهُ وغُصنا في مضمونهِ هُتافاً ضد الظُلم ودحر العدالة ؟.

شخصي وربما معي آخرون لا أؤمن بتاتاً بـ (الإنتفاء) الكُلي والمُطلق للميول والرغبات والتوجُّهات والعواطف التي هي من ضمن الغرائز الطبيعية و(القهرية) التي يُولد بها البشر ، حتى عند أولئك الذين تتطلَّب مبادئهم المهنية الحياد وإعمال العدالة التي لا تقبل التشكيك ، بدءاً بُحكام المباريات الرياضية ومُراقبي الطلاب في الإمتحانات ، ونهايةً بالقُضاة على منصات المحاكم ، ما من أحد من وُجهةِ نظري قادر على عدم الإنتماء المُطلق إلى فكرة أو مبدأ أو موقف جماعي أو فردي ، لكن الغلبة في النهاية ستكون للقادرين على (كبح) شهوة عواطفهم ومنعها عن التأثير على إنصافهم للخصوم.

إنتماء القُضاة الشُرفاء إلى فضيلة المُناداة بما تُنادي به شعوبهم ، وإن إختلفنا حول الجُمل وحذاقة تركيب ألفاظها ، هو (وثيقة) إعتماد لا تقبل الجدل حول نزاهتهم وإلتفافهم حول العدالة والقيَّم الأخلاقية لهذه المهنة المُقدَّسة في الأعراف والقوانين والكُتب السماوية ، فأيام الإعتصام كانت هالةً من الوهج الوطني الذي سلب الجميع عقولهم وأفئدتهم ، وكنا جميعاً (سُكارى) ولسنا بسُكارى من فرط إنبهارنا بمثولِ حُلمٍ كنا نظنهُ مُستحيلاً ، لذا لا عتب ولا مؤاخذه لمن إنفرطت زخات مشاعرهِ وهو يُعلي من شأن الوطن ومقام هذا الشعب الجسور و(يتواضع) عن قيمته المهنية ويتحوَّل إلى فردٍ من أفرادهِ ، يحزن لأحزانهم ويسعد لسعدهم ثم يشاركهم شعاراتهم وهُتافاتهم ، في يوم الإعتصام لم يكُن يعلو على هُتاف الوطن والشعب صوتٌ يستحق الإلتفات ، وإن كان صوتُ قاضٍ أو جنرالٍ أو زعيم.

إن صح على المستوى العدلي أن هُتاف ذاك القاضي النزيه الوفي لشعبه وبلادهِ ، فيه شُبهةٌ قد تُشير إلى إمكانية وقوعه في عدم الحيادية ، عليهم أن يثبتوا ما فعل بالصوتِ والصورة وللجهات المعنية أن تحكُم في الأمر ، فإن تمت مؤاخذتهُ فليذهب شامخاً إلى منصة الشُرفاء من باب أن من (عادى وإستعدى) عدو الوطن والشعب إستحق وفاءنا وإكرامنا ، وإن لم تعتد جهات الإختصاصات بإتهامات هيئة الدفاع ، فإنا وِفق ما هتف ، بالنزاهةِ والعدالةِ لهُ من الشاهدين.

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.