جبريل إبراهيم محتار أم خائف؟

جبريل إبراهيم محتار أم خائف؟
  • 12 يناير 2021
  • لا توجد تعليقات

أسماء جمعة


استضاف منبر كباية شاي بمبنى صحفية التيار يوم الخميس الماضي جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، وقد ذهبت لحضوره وتفاجأت بالحراسة المشددة التي يحيط بها نفسه، فالحراس يتوزعون على الشارع وأسقف مبنى الصحيفة، وعلى الأرض هناك أربعة حراس اثنين على يمينه وشماله على بعد متر تقريباً واثنين آخرين على بعد ثلاثة أمتار تقريباً، وهناك عدد آخر عند مدخل الباب الذي يبعد حوالي 6 أمتار من المنصة، ثم على المدخل من الخارج، وأخبروني أنه قبل حضوره جاء حراسه وقاموا بتفتيش المنطقة والمبنى تفتيشاً دقيقاً.

وحقيقة شعرت لأول وهلة كأنني أشاهد فيلماً ووقفت مندهشة أتأمل المشهد الغريب فلم أر في حياتي شخصاً في داخل الخرطوم محروساً بمثل هذه الطريقة حتى البشير المجرم الكبير والذي حمل جبريل السلاح ضده وأعلن أنه نصير الذين ظلمهم والمهمشين، وكان في مخيلتي أنه مثل كل المناضلين سأجده (بتونس) مع المظلومين المهمشين الذين حضروا ليسألوه ماذا قدم وماذا سيقدم، لأكتشف أنه لا يمكن الاقتراب منه حتى، وإن حاولت ستجد يداً امتدت إليك لتمنعك وقد جربت ذلك بنفسي.

أول سؤال تبادر الى ذهني بعدما فقت من دهشتي تلك وأيقنت أن الأمر مشهد واقعي وليس فيلماً، هو كم تكلف كل هذه الحراسة علماً بأن هناك عدد آخر لزوم الورديات، ومن أين يأتي جبريل بالأموال ليصرف عليهم؟ وحين يصبح وزيراً هل ستستمر هذه وتنتقل التكلفة الى عاتق الدولة، أي سيدفع ثمنها المظلومون والمهمشون أم سيتحملها هو؟ وإذا أصبح وزيراً كيف سيتسنى إدارة الوزارة وإدارة وضعه الخاص كرئيس حركة فيها ما فيها وعليها ما عليها؟ .

جبريل نفى في اللقاء انتماءه للحركة الإسلامية التي قال إنه التحق بها عام 1972 أي قبل 48 سنة وقال بنفسه إن أغلب الحضور هنا لم يكونوا موجودين وهذا صحيح فهناك خمسة أجيال وُلدت بعد هذا التاريخ، ولكنه نفى انتماءه لها حالياً وقال انه لا يطمح في ذلك ، وأعتقد أنه لم يكن صادقاً وقد اكد هذا بنفسه لأنه يصر على عدم إبعاد أو إقصاء جميع الإسلاميين من المشهد السياسي، كما انه لم ينصح الإسلامين بالاعتراف بما فعلوا والاعتذار وإعلان التوبة.

جبريل قال إنه عرض عليه أن يتقلد منصب وزير المالية في الحكومة الجديدة ولكنه متردد في الأمر، وتلقى عددًا كبيرًا من الرسائل أغلبها يطلب منه عدم قبوله، بحجة أن المنصب سيحرقه، وآخرين يطالبونه بالموافقة، ولكن حتى الآن لم يحسم موقفه، أنا أيضاً أقف مع الذين نصحوه بعدم الموافقة، ولكن ليس لأن المنصب سيحرقه فهو حرق نفسه زمان وانتهى الأمر وما يؤكد ذلك الحراسة المشددة التي يحيط بها نفسه، ولكني أرى أنه سيفشل كوزير لتعقيدات المشكلة الاقتصادية في السودان، لذلك المنصب يحتاج الى شخص ليس له هم غير الوزارة ، يمشي في الشارع بلا حراسة يزور الأسواق والمصانع والمزارع والمشاريع بلا حراسة ودون أن يخاف من الناس أو يشعرهم بوجوده حتى .

عموماً ننصح جبريل بعدم إنكار انتمائه للحركة الإسلامية بالكلام وإذا أراد أن يثبت ذلك فليفعل عملياً وهو يعلم كيف يفعل، وبالنسبة للمناصب الأفضل له أن يعتذر عنها جميعاً ويتفرغ لعلاج مشاكله مع أهل دارفور والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها الحركات عموماً ومعالجتها من خلال العدالة الانتقالية، حتى يتحرر هو من قيود الخوف من المظلومين والمهمشين التي تجعله مكبلاً بحراسة مشددة وغير قادر على قبول المنصب وهذه هي الحقيقة ولا داعي للمكابرة. وهو حر فيما يختار طبعاً، ولكن عليه أن يكون مستعداً للثمن.

الوسوم أسماء-جمعة

التعليقات مغلقة.