مسار الشرق .. بين التجميد والوعيد..!

مسار الشرق ..  بين التجميد والوعيد..!
  • 27 أبريل 2021
  • لا توجد تعليقات

نوره محمود مجزوب

منذ اندلاع شرارة ثورة ديسمبر المجيدة العام ٢٠١٨، ونجاحها في إسقاط نظام البشير، ظل شرق السودان يعيش مآلات ما بعد الثورة نتيجة للثورة المضادة حيث هيمنت الأخيرة بقبضة من حديد مسار الأحداث بشرق السودان، وأدى ذلك اإلى احتدام قتال قبلي هناك، إذ وجد صانعو الفتن مرتعا خصبا في الشرق مستغلين جهل وبساطة الكثيرين هناك، فامتدت مساحات لبث خطاب الكراهية من بعض ضعاف النفوس عبر مواقع التواصل الاجتماعي مما تسبب في اندلاع المشاكل والاقتتال القبلي بين بعض مكونات الشرق، وذلك في ظل حكومة الحكومة الانتقالية التي تشكلت من شقيها العسكري والمدني.
وبحسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية (التي تحكم السودان اليوم) في بعض بنودها، من دعوة للمصالحة الوطنية وارساء دعائم السلام؛ تكللت مفاوضات السلام في دولة جنوب السودان باتفاقية جوبا في أكتوبر٢٠٢٠اثر التفاوض بين الحركات المسلحة والحكومة الانتقالية، وكان الطرح المتفق عليه معالجة الحلول عبر بعض المسارات في الاتفاقية، من ضمنها بالطبع مسار الشرق الذي وقعه من جانب الحكومة الاستاذ محمد حسن التعايشي، فيما وقع عن المسار من جانب الجبهة الثورية كل من أسامة سعيد رئيس مؤتمر البجا المعارض، وخالد شاويش رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة.
وبالرغم من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ منذ ٤ أكتوبر ٢٠٢٠ الا أن مسار الشرق لم تنفذ بنوده
لأسباب لم تفصح عنها الحكومة. لكن مؤخرا صرح الوسيط الجنوبي توت قلواك لوكالة الأنباء السودانية (سونا) بأن تعليق مسار الشرق جاء لإتاحة الفرصة وحسم الخلافات بين أحزاب الشرق، كما نقلت (سونا) تصريحا لضيو مطوك عضو لجنة الوساطة الجنوبية؛ قال فيه: (أن قرار تعليق مسار الشرق جاء بعد تشاور بين الجبهة الثورية والحكومة السودانية) .
نظرا لأنها بنيت على نصوص جيدة ومرضية لأهل شرق السودان فإن اتفاقية مسار الشرق عالجت المشكلة من جذورها واعترفت بما لحق شرق السودان من تهميش سياسي واقتصادي بحيث لم تطاله يد التغيير والتطور، وأرجعت الحكومة الانتقالية كل أوجه التقصير الذي حدث إلى الحكومات المتعاقبة منذ استقلال السودان.
وعليه فقد نصت اتفاقية مسار الشرق على نسبة30 لتمثيل أهل الشرق عبر؛ مؤتمر البجا المعارض والجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة على الصعيدين التشريعي والتنفيذ ي في ولايات الشرق الثلاث. كما أن الاتفاقية تضمنت قيام مؤتمر تشاوري لأهل شرق السودان لاستكمال ما لم تتطرق اليه الاتفاقية. هذا الى جانب أن اتفاقية مسار الشرق تضمنت بنودا قوية تصب في مصلحة شرق السودان لأول مرة. كإجراء المحاكمات العادلة وضرورة تشكيل لجان تحقيق مستقلة في كل جرائم نظام الانقاذ منذ انقلاب البشير في العام ١٩٨، تحت مسمى (حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية) شملت مذبحة بورتسودان التي ارتكبها النظام في العام 2005 ووصولا إلى أحداث الاقتتال الأخيرة في مدن الشرق الخمس: بورتسودان، القضارف، كسلا، القربة، حلفا وكسلا. وهي أحداث راح ضحيتها نفر عزيز من ابنا ء الوطن بكافة مكوناته وأخيرا ؛ مجزرة كسلا في ١٥ أكتوبر ٢٠٢٠ التي راح ضحيتها ٧ من الشهداء في يوم واحد برصاص الحكومة. كما اعتمدت اتفاقية مسار الشرق مبدأ التمييز الايجابي الذي يعطي الأولوية في التنمية للفئات الأكثر تهميشا وضررا، إلى جانب إعادة هيكلة صندوق إعمار الشرق.
إن مخرجات اتفاقية مسار الشرق شكلت حدثا وانجازا تاريخيا غير مسبوق؛ لما اشتملت عليه بنود الاتفاقية من طرق أبواب هامة للعدالة و المساواة وضمان للحريات، إذا ما أصبح واقعا ملموسا وتم تنفيذ بنوده بحذافيرها.
وبالرغم من مضي أكثر من عام على توقيع اتفاق سلام مسارشرق السودان الا أنه لم ينفذ حتى الآن في الوقت الذي نفذت فيه الكثيررمن بنود مسار دارفور.
وبحسب ما ذكر، كان الاتفاق على وشك التنفيذ على الأقل لجهة التمثيل السياسي التنفيذي، إذ خصصت وزارة التربية والتعليم لرئيس مؤتمر البجا المعارض السيد أسامة سعيد باتفاق من الجبهة الثورية الحكومة، ومع ذلك مازال منصب وزير التربية والتعليم شاغرا، أي أنه بشكل أو بآخر ما زال علي قيد التجميد، نظرا لأن الحكومة ومجلس الشركاء يرون أنه لابد من من قيام مؤتمر تشاوري لأهل الشرق يسبق تنفيذ المسار تحسبا لأوضاع المنطقة ذات الحساسية القبلية خاصة و أن هناك فئه ترى أن المسار لا يمثلها ولا تريد الاعتراف به كمنقذ وملبي لتطلعات انسان الشرق، وهذه الفئة تتمثل في (المجلس الأعلى لنظارات البجا)
وفي الوقت الذي ظلت فيه المساعي جارية لتنفيذ اتفاق مسار الشرق وبسطه علي أرض الواقع، تجري تفاهمات أيضا مع القوى غير الموقعة على سلام جوبا، ممثلة بالحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة عبد العزيز الحلو. لكن مؤخرا جرى تفاهم وتوافق مهم في جوبا بين الفريق عبد الفتاح البرهان؛ رئيس مجلس السيادة مع القائد عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال (جناح الحلو) وأعلنا عن وصولهما، بعد مباحثات، إلى اتفاق مبادئ
المبادرات بدأت تضيء الطرق للوصول، لاسيما مع ظهور رئيس الوساطة الجنوبية، توت قلواك مؤخراّ، في الخرطوم برفقة رئيسي الحزبين الذين وقعا على مسار الشرق؛ السيد أسامة سعيد، رئيس مؤتمر البجا المعارض، والسيد خالد شاويش رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة. حيث تعهد الوسيط توت قلواك في تصريح له بحل كافة القضايا العالقة فيما يخص تنفيذ اتفاق مسار شرق السودان.
Nmydwb@gmail.com

التعليقات مغلقة.