ضد إستهداف إفطار الاسلاميين

ضد إستهداف إفطار الاسلاميين
  • 30 أبريل 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

مشهد قمع إفطار الإسلاميين وضربه بالبمبان أعاد إلى ذاكرتنا ما كان يفعله الكيزان بمعارضيهم في أيام الإنقاذ الكالحة، المشهد يخبرنا بأن لا شيء تغير، كما كانت هناك سلطة تقمع معارضيها أيام البشير فهاهي هي سلطة أخرى تقمع معارضيها في عهد الثورة. لن يجد الثوار الداعمين لهذا القمع اي مبرر أخلاقي مهما بحثوا، فقط سيكتشفون انهم دعموا هذا القمع من أجل التشفي والشعور بالراحة بعد العذاب والتعذيب الذي عانوه في عهد البشير، وهذا بالضبط هو المأزق الأخلاقي الذي يغرق فيه الثائر عن استلام السلطة مأزق (دعهم يذوقوا ما اذاقونا) .

لا ندافع عن حرية التجمع والتعبير حبا في الإسلاميين وإنما إيمانا بأن الحرية كل لا يتجزأ، فهي اما ان تعطى للجميع بلا استثناء او لا تعتبر حرية. الباحث عن الحرية والمطالب بها عليه أن يطالب بها لاعداءه ايضا كما يطالب بها لنفسه ولأصدقائه، الدفاع عن الحريات لا يجب أن يخضع للمزاج ولا لهوية او صفة من صودرت حريته، الحرية مبدأ وليست سياسة، السياسة يمكن أن تتلون ولكن الحرية واحدة لا تتغير، اما ان تكون حرا او لا، وأما ان تصنع بلدا حرا او لا، لا توجد حرية (نص كم). فهل اختارت ثورة ديسمبر ان تصنع بلدا حرا للثوار ولغيرهم، ام أرادت أن تصنع بلدا حرا للثوار وقامعا ظالما لغيرهم؟! لا يجب أن نسقط في امتحان الأخلاق كما سقط الكيزان أيام حكمهم، اذا صرنا مثلهم فلننسى اننا قمنا بثورة، ولنصمت عن ترديد شعار (حرية) سلام، وعدالة.

ان كان ثمة نشاط غير قانوني فيجب أن يحاكم بنص القانون، وإذا كان هناك قانون في كل دول العالم يمنع الصلاة والأفطار في الساحات العامة امام (الغاشي والماشي) فدلونا عليه، لن نهزم الكيزان بقمعهم بقوة السلطة، لن نهزمهم بالبمبان والسجون، وإنما نهزمهم بالاخلاق، ببذل الحريات لنا ولسوانا، وليست هذه مثالية بل هذه هي القوة الحقيقية للقادة وللدولة الحرة، الانتقام لا يصنع قادة والقمع لا يصنع دولة حرة، الاخلاق تصنع القادة والحرية تزهو بالبلاد.

قانون حل حزب المؤتمر الوطني ومنع نشاطه المصادق عليه من قبل الحكومة الانتقالية لا يبرر ما قامت به الحكومة من استهداف لإفطار الإسلاميين، فراعي الضأن في الخلا يعلم أن الإسلاميين (خشوم بيوت) وليسوا جميعا مؤتمر وطني، بل بين بعضهم والمؤتمر الوطني ما صنع الحداد، والحقيقة أن ما وحد الإسلاميين في هذا الإفطار هو ممارسات الحكومة الانتقالية الانتقائية السابقة في استهداف الإسلاميين الفاسدين منهم وغير الفاسدين، وهو استهداف صنف الحكومة الانتقالية كحكومة يسارية رغم وجود حزب وسطي عظيم كحزب الأمة القومي ولكنه أصبح مجرد تمومة عدد بعد رحيل زعيمه السيد الصادق المهدي فأصبح وهو أكبر حزب في السودان ينحني لتمرير أجندة تتعارض مع مبادئه وقرارات مؤتمرات العامة مثل التطبيع والعلمانية وهو شريك اصيل في السلطة!!!

ليس هناك مصلحة للوطن في هيمنة الثقافة اليسارية لوحدها على السلطة الانتقالية، وليس هناك مصلحة وطنية في مهاجمة تيار سياسي محدد نعلم جميعا انه تيار موجود وسيظل موجود ولو تتبعناه بالقتل والسجن والبمبان صباح مساء، الصورة العامة لحكومة انتقالية يسارية تصنع وهما اسمه الإسلاميين لتستخدمه وسيلة لتمرير سلطات القمع والاعتداء على الحريات، هي صورة بائسة لثورة كان عنوانها العدالة، استخدام السلطة الانتقالية القمع تحت مظلة تجييش عواطف الثوار بمحاربة الكيزان سلاح خطير لن يقف عند قمع الكيزان بل سيتعداه في المستقبل لقمع كل صوت حر وان كان من ثوار اليسار، لا يجب أن نساهم في بناء دولة قمع، مهما كانت المبررات، بل يجب أن نبني دولة القانون، القانون ينص على منع حزب المؤتمر الوطني من النشاط السياسي فبأي حق يتم استهداف الإسلاميين من خارج المؤتمر الوطني وبعضهم شارك في الثورة وأصيب بالرصاص في المواكب!! هذا درب مكلف للحرية ومهلك للثورة ومبدد لمستقبل الديمقراطية في السودان وعلى العقلاء مواجهته الآن قبل أن يستفحل ويقضي على الديمقراطية الوليدة.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.