امل هباني

امل هباني
  • 15 يونيو 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

انتشر بصورة واسعة في الوسائط منشور قيل انه للصحفية امل هباني تحرض فيه النساء على الاستعانة بصديق في حال تزوج زوجها عليها، وهذا بالتأكيد فكر منحرف ومشوه وشطط بعيد في مسألة الحقوق الاجتماعية وخطأ كارثي في تناول أمر في غاية الأهمية والحساسية في مجتمع محافظ وبيئة مسلمة كالمجتمع السوداني، بيد أن الأمر يمكن أن يكون مدخلا لمناقشة قضية الأسرة والزواج بعيدا عن الغلو والتمرد، والبحث فيهما عميقا من أجل الاستفادة من الفقه الديني فيما يختص بالتحولات التي حدثت في المجتمع وفي مكانة المرأة مع تقادم السنوات وتوالي الازمان والاحداث، كمثال خروج المرأة للعمل وتفوقها على شقيقها الرجل في ميادين عديدة لم تكن تدخلها المرأة في الماضي، قاد هذا الامر الطبيبات والموظفات عموما في السودان إلى إعالة أسرهن من الألف إلى الياء، وهو دور كان حصرا على الرجل في الماضي، وبما أن الأدوار تغيرت فالطبيعي ان يتغير التكليف، وإلا عد هذا جمودا وظلما، وهذا هو بالضبط ما يسوق كثير من النساء إلى التمرد والخروج عن الدين بحجة انغلاق الابواب امامهن، ومنشور الصحفية امل هباني خير دليل على ذلك.

لا يمكن انكار حق الرجل المسلم في التعدد، ولكن التعدد هذا مشروط وليس مطلق، هو ليس نزعة مزاجية متروكة لتقييم الرجل، وإنما هو دستور قانوني تترتب عليه مسؤوليات وواجبات، وليس من الطبيعي أن توكل هذه المسؤوليات والواجبات للجميع بلا تمييز وبلا تمحيص وبلا تأكد من الاهلية والكفاءة، فالرجل الذي لا يستطيع أن ينتقل بزوجته الاولى وأطفالها إلى مستوى معيشي يكفيهم ذل السؤال وهم المعيشة ويوفر لهم تعليما وصحة، ليس كفء للزواج باخرى، وواجبه ليس البحث عن اضافة ضحايا جدد لقائمة البيوت الضعيفة وانما ان يسعى ويكد ويشقى حتى يوفر لرعيته في اسرته الاولى ما يجعلهم في سعادة واكتفاء. كذلك الرجل الذي لا يحسن معاشرة زوجته واطفاله ولا يتمتع بالأخلاق التي تجعله كفء لبناء أسرة، لا يجب ان يسمح له بالزواج مرة أخرى مالم يحمل شهادة أهلية وحسن سير وسلوك من مؤسسات الرعاية الاجتماعية.

على ذات المنوال فالطلاق ليس مزاجا ولا مزحة، بل هو فك رباط مقدس لا يجوز وقوعه الا باستفياء شروطه، التساهل الموجود في وقوع الطلاق في السودان هو تساهل لا يخدم رغبة الشرع في بناء الاسرة، ويساهم في تفكيك المجتمع وتهاويه نحو القاع، ومن أجل استيفاء شروط اكتمال الطلاق مطلوب وبشدة ان لا يقع الطلاق الا امام قاضي شرعي او محكم شرعي، وهذا لضمان النص قانونيا على حقوق المرأة بعد وقوع الطلاق حتى لا يظلمها طليقها او يظلم أطفالها او يمنعهم عنها او يمنعها من السفر بهم او غيره، كما دخل الرجل على زوجته بواسطة عقد شرعي امام الجميع، فعليه أن يخرج من ذات الباب الذي دخل به، فيوقع عقد الطلاق امام الجميع، إن كان الزواج لا يتم إلا برضا المرأة وعلمها فالطلاق يجب أن لا يتم الا برضاها على الفراق او إقرار القاضي او المحكم بعدالة الطلاق،كما وقعت الزوجة او وكيلها على عقد الزواج ليصح اكتماله، فالطلاق لا يكتمل ان لم توقع المراة على عقد الطلاق بعد ان تتأكد من ان عقد الطلاق حوى جميع شروط التراضى المتفق عليها والتي تحفظ لها حقوقها بعد الطلاق، وإن كان ثمة طلاق معلق نتيجة رفض الزوج التوقيع على اوراق طلاق زوجته فلا يجب أن يسمح له بالزواج من إمراة اخرى حتى إنهاء اجراءات الطلاق. طريقة الطلاق بالتلفون او ارسال ورقة من على البعد هذه إهانة لمؤسسة الزواج ورباطها المقدس وعبث يجب أن يتوقف حماية لمؤسسة الزواج من الاستهتار و(السبهللية). 

حكمة الشرع من الزواج بناء اسرة مستقرة وسعيدة، وهذه الحكمة تتوفر في حالة تيسير الزواج وتعسير الطلاق، تيسير الزواج المقصود هو عدم المغالاة في المهور والبهارج في الزواج وما حوله، وهذه قضية يجب أن لا تترك للمبادرات الفردية وانما يجب ان يخرج فيها تشريع قومي من المجلس التشريعي للدولة يمنع هذه الأساليب الغريبة في الزواج والتي جعلت الشاب الراغب في الزواج يحتاج لمليارات الجنيهات للوفاء بتكاليف ليلة الزفاف فقط، وتعسير الطلاق بمعنى جعله امام قاضي وبحضور الزوجة والشهود وباسباب صحيحة ومقنعة تجعل الاستمرار في الزواج عسيرا ولا يخدم الهدف من كونه وسيلة لبناء أسرة سليمة، والصورة هنا شبيهة بصورة طلب الطلاق بواسطة المرأة، فهي حين تطلب الطلاق تتجه إلى القاضي وتذكر الأسباب لذلك، بنفس الطريقة ان أراد زوجها طلاقها فعليه أن يذهب بطلبه هذا للقاضي ومعه الأسباب،( بنات الناس ليس لعبة) تاخذونهن من بيوت اهلهن ثم ترمونهن في الطرقات، اكرموهن ففي اكرامهن بناء مجتمع سليم ونمو أجيال سليمة.

يوسف السندي
sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.