فقاعة

فقاعة
  • 07 سبتمبر 2021
  • لا توجد تعليقات

مي عبدالحميد

مازلت أذكر احساسي البشع وأنا اقاوم احتياجي لبعض الأوكسجين، كأن رئتي تتحولان لمرساة سفينة، فتشداني للأسفل، وكلما قاومت اقتربت أكثر.
كنت أقاوم تمدد أوردتي، والألم المتسلل بين خلايا جسدي المنتفض متبرئا من روحي.
حنجرتي لا تصدر سوى بعض الفقاعات التي تؤشر بنفاذ مخزوني من الهواء.
هزات رأسي وجحوظ عينيَّ لم تساعداني على الوصول إلى السطح في الوقت المناسب.
أسدلت شعري واستسلم ذراعاي، واصطبغت بزرقة البحر كمرجانة نادرة.
رغم هذا ومرارة اللحظة، إلا أني ما فتأت أتذكر وجهك، وصوتك يمتد في البحر حتى أعماق شرايني، تلحقني لعنة الاشتياق رغم الموت.
ها قد احكم البحر قبضته على آخر فقاعة.
بعد ذلك الصمت المهيب والعتمة، كيف أقف الآن على سور شرفتي، ومازلت أترقب وصولك؟!
مازالت الجدران تحتريك بصبر فاق عروقي المتصلبة يومها تحت الماء، حتى تشققت بدورها من ظمأ الأحتياج لعطرك الربيعي، الذي يروي الأرض فتخضر، وتزهر.
أتلهف على فراشات كنت تحتفظ بها من أجلي بين كفيك، لتصبغ الحياة بألوان الفرح، وابتسامة حمقاء.
كم اشتاق لخطيئة تعيدني للحياة مجددا.
أين بندق!!
يا بندق !!
ها أنت أيها القط اللعوب !!
لو لم تكن لعينيك نفس بريق عينيه، لكنت تبرعت بك لأحد المارة ليعتني بك.
بعد ايماءة منه، احتضنته بشدة علّي ارغمه على حبي، فلا يعود يهرب مني مجددًا ككل مرة يهرول فيها خائفا.
أ بعد كل تلك السنوات ولم يعتد عليَّ بعد!!
أما تلك الموجة المتمردة، تحاول أن تكسر حواجز حجرية لتصل إلي، لكن منذ تجربتي الأخيرة مع البحر وأنا أخشى الاقتراب منه مجددا، إلاّ شطآنه!!
فالابحار مع أثقال من الندم والحسرة لابد أن تكون نهايته الغرق.
غرقت مرتين ..
مرة فيك!!
ومرة بك!!
وفي المرتين اعادتني الحياة لها من جديد لأتعذب مابين صخرة الانتظار، وأمواج الضمير.
أرمي أحلامي، وأمنياتي كل ليلة في عرض البحر، لتبتلعها موجة تشدها موجة، أليس هناك من يشفق على حالي؟!
لا بأس!!
بعد تنهيدة من الأعماق، استجمعت قواي ونزلت لأتمشى على شاطيء قد هجرته وتخليت عنه بسببك، رغم معرفتي أنك أيضا هجرته، لكن كم أتمنى لو تمر عليه كل عام مرة، لتقف على ذكرى مرت عليها شهور!! بل سنوات!!
حين مر كلب من قربي، ووضعت يدي عليه أربت بهما كمحتاجة للحنان فرّ مسرعاً، يبدوا أنه خاف مني أيضاً حين وجد قدميّ لا تلمسان الأرض.


السودان

التعليقات مغلقة.