أضواء من منتدى “الجزيرة” حول أزمة الدولة العربية

  • 28 أبريل 2017
  • لا توجد تعليقات

الصادق المهدي

تردد كثيراً الحديث عن مسؤولية كثير من النخب العربية في الشرق العربي في التفريط في قضية الديمقراطية، هذه النخب في كثير من الحالات تعلقت بأهداف طوباوية ذات اليمين وذات اليسار، ويئست من أن تجد لبرامجها دعماً شعبياً بالانتخابات العادية، لذلك استعانوا بالقوات المسلحة ليتمكنوا من تطبيق برامجهم الراديكالية عن طريق الوصاية على الشعوب.

ولكن في كل الحالات، كما فعل البعثيون والشيوعيون والإسلامويون، فإن السلطة الانقلابية المستعان بها، بعد أن تخلصت من خصومهم السياسيين، استمرأت السلطة وتخلصت من الذين مهدوا لها الانقلاب.

هذه الظاهرة تكررت وسماها منيف الرزاز “التجربة المرة” وما هي إلا صورة للحالة التي وصفها المتنبي:

وَمَن يَجعَلِ الضِرغامَ بازاً لِصَيدِهِ            تَصَيَّدَهُ الضِرغامُ فيما تَصَيَّدا

لذلك تتحمل النخب الأيديولوجية المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع، وظاهرة العجز الديمقراطي في المنطقة.

هذا المعنى ذكره عدد من المتكلمين في المنتدى، وهو نفسه الذي ذكره قبل ذلك جورج طرابيشي عن اكتشاف عدم جدوى الطريق الانقلابي لتطبيق البرامج الفكرية، وأهمية الطريق الديمقراطي.

  1. كانت هنالك تيارات تدعو لتكوين وحدات أكبر تضم أكثر من دولة عربية، أو تضم الأمة كلها في كيان سياسي واحد، ولكن عوامل استجدت تنذر بتفكك الدول التي أفرزها اتفاق “سايس بيكو”، أي خطر تجزئة المجزأ، وهذه الآن من المشاكل الملحة.
  2. قدم السيد أحمد بن عبد الله آل محمود( نائب رئيس الوزراء القطري)  بياناً في الجلسة الافتتاحية لما قامت به دولة قطر بإشرافه من مجهود أثمر “وثيقة الدوحة لبناء السلام في دارفور”. هذه الإفادة التي لم تكن من موضوعات الحلقة الدراسية، لا يبررها إلا أنه منبر أراد أن يوضح فيه هذا الأمر رداً على تساؤلات حول جدوى وثيقة الدوحة.

لا شك أن وثيقة الدوحة كانت مساهمة قيمة في بناء السلام في دارفور، وهي خطوة أكثر جدوى من وثيقة أبوجا (2006م) وأية عملية سلام في دارفور  ينبغي أن تقدرها ولكن:

  • عملية سلام الدوحة أشركت فصائل من المجتمع المدني في دارفور ولكنها عزلت القوى السياسية ذات الوزن في دارفور، كما أن عدداً من الحركات المسلحة في دارفور لم تشترك فيها.
  • افتراض أن وثيقة الدوحة هي الحل النهائي لدارفور افتراض غير صحيح لأنه يلزم بها عناصر لم تشترك فيها.
  • افتراض استمرار دستور عام 2005م دون تعديل لاستيعاب ما اتفق عليه خطأ لأنه جعل الاتفاق معلقاً في الهواء خارج الدستور.
  • لا يمكن تحديد مستقبل دارفور دون أن تؤخذ في الحسبان قرارات مجلس الأمن ذات الشأن. وثيقة الدوحة لم تتطرق لهذا الأمر.
  • ضعف آلية المتابعة لتنفيذ ما اتفق عليه عرضها مرات للانهيار ولم يجذب إليها الذين قاطعوها.
  • وثيقة الدوحة لم تلزم حكومة السودان بسلوك ملائم لبناء السلام، والنتيجة أن المشهد في دارفور تمحور في اتجاهات أفرزت مشاكل جديدة للأمن القومي السوداني: معسكرات نازحين مستعصية على الإفراغ، جماعات ذات إثنيات مختلفة منهم ومن خارج السودان استوطنت مرابعهم، انتشار السلاح بصورة غير مسبوقة ورفض مالكيه أن يسلموه أو حتى أن يحصوه، تضخم النزاع على الموارد الطبيعة بصورة حادة استقطبت عناصر من خارج السودان، وزيادة كبيرة في المواجهات القبلية.
  • إن النزاع في دارفور جزء من فشل قومي في إدارة التنوع، وفي عدالة توزيع التنمية والخدمات، لذلك لا يرجى أن يثمر أي اتفاق لا يتم تعميم مفرداته قومياً وفي إطار اتفاق جامع يحل هذه المشاكل، وهذا ما أثبتته وثيقة الآلية الأفريقية لدراسة قضية دارفور، ولكن وثيقة الدوحة لم تأت في هذا الإطار.

هذه العوامل السبعة تقف الآن عقبة في بسط السلام الشامل في دارفور.

  1. فيما يتعلق بالأوراق المتعلقة بالموضوع برزت الأطروحة التي قدمتها، والتي شخصت الموقف في الدول العربية والنظام شرق الأوسطي بأنه حالة احتضار تتطلب إجراءات أساسية لكي يصير الاحتضار مخاضاً لميلاد فجر جديد. هذه الأطروحة التي ظننتها طائراً في غير سربه صارت دون سابق تنسيق اتجاهاً مشتركاً لكثير من المحاضرات والمداخلات، فقد قدمت 35 محاضرة وكان متوسط عدد الحاضرين حوالي 250 شخصاً.
  2. د. محمد الكوفي قدم إحصاءات ديمغرافية ذات دلالات مهمة. جاء فيها:
  • أن أغلبية سكان المنطقة العربية الآن في سن الشباب، حوالي 70%.
  • أن هذا الشباب يحظى بدرجة مقدرة من التعليم.
  • وأن العطالة في أوساط هذا الشباب تبلغ 30% أي ضعف المتوسط العالمي.
  • إن أغلبية السكان الآن حضريون أي يسكنون المدن، حوالي 56%.
  • الشباب أكثر تعليماً وقدرة على استخدام وسائل التواصل الإسفيري.
  • الدول مهيمنة على الاقتصاد الريعي، وتستخدمه لبث الولاء السياسي، ولكن هذه الإمكانية تراجعت.
  • الدول الكبرى لم تعد تستطيع الهيمنة على المنطقة وفرض الاستقرار فيها.

هذه متغيرات مهمة في السكان والظروف بينما الدول العربية جامدة وهشة لم تتطور.

هذه الصورة تعني أن انفجاراً قادماً حتماً. السؤال ليس هل يقع هذا الانفجار، بل متى يقع؟

الخيار أمام الدول المتحجرة خارج التاريخ هو أن تقوم بإصلاحات جذرية أو أن تواجه ثورات.

إن الربيع العربي هو تعبير عن هذا التطلع ومهما تعثر لن يختفي.

  1. عدد من المحاضرات أشارت لضعف شرعية الدول العربية، ولتقصير المؤسسات الدينية الرسمية كالأزهر عن قيادة الفكر الديني، ما أدى لزحف حركات أهلية في مجال الإسلام السياسي والسلفية.

المطلوب بإلحاح هو ترميم شرعية الدولة الوطنية بمقاييس إسلامية، وتحقيق جدوى الدولة الوطنية بمقاييس العصر، مثل: التصالح بين الحكام والشعوب على أساس يكفل المشاركة، وتحقيق جدوى تنموية وعدالة اجتماعية، وحفظ الأمن، والدفاع عن الوطن دون اعتماد على الخارج، والتماهي مع منظومة حقوق الإنسان العالمية.

الدول العربية الآن بلا غطاء من الشرعية وبلا انتماء للعصر الحديث.

التحدي الذي يواجهه النظام العربي الآن فكري، وفقهي ويتعامل مع الوافد من الماضي ومن العصر الحديث بصورة غير مجدية. هنالك حاجة لوضع أسس لنظام الحكم وللفكر وللفقه وللصحوة الثقافية.

  1. الحركات المتحدية للدولة الوطنية الآن، كالإسلام السياسي والداعشي، تدل على وجود فراغ، ولكن هي نفسها لا تملك تصوراً لبناء الدولة، تتحدى الدولة الوطنية بقدرات بلا وضوح رؤية حول البديل.

الإسلام السياسي يدعم دعواه بأن الخيار هو بين الإسلام السياسي والإسلام الجهادي. كلاهما إن أسساً لدعوة ذات وفاء لا يقدمان دعوة ذات مستقبل.

  1. د. برهان غليون قال: “إن الدولة الوطنية كانت أمنية للشعوب وكانت نداء الشعوب للتحرر من الاحتلال الأجنبي. ولكن بعد الاستقلال تحولت إلى أداة قمع وفساد” هذه ظاهرة عامة والتجربة السورية خير برهان عليها.

قال: “الدولة القومية في الغرب تحمي الشعوب وتوفر لها الرعاية. عندنا تبطش بالشعوب وتقهرهم. أين العطب؟” الامبريالية خرجت لتعقبها نظم أسوأ منها، لقد قسموا المنطقة للسيطرة عليها بعد الجلاء.

لا جدوى للدولة ما لم توفر المعيشة والأمن والدفاع للناس. ولكنها لدينا دولة فاشلة والسلطة محتاجة لدعم خارجي لتبقى. لذلك صارت الدولة عندنا أداة استعباد.

على هذا النمط تحدث آخرون. وعلى حد تعبير طارق يوسف “فإن حالة التفكك في البلدان العربية قائمة ومستمرة والنظم الحالية إما دول فاشلة أو في طريقها للفشل”.

التفكيك مستمر في كل المجالات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.

أمام الدول مطالب شعبية بالحريات، والعدالة، وسبل المعيشة لترتيب البيت الداخلي والتفاعل مع المتغيرات الدولية.

يقول: التغيير سوف يحدث فما هو دور النخب حول هذا المخاض.

أهم أسباب إخفاق الربيع العربي عجز النخب الفكرية في استشراف المستقبل.

  1. مع كثرة الأصوات التي عبرت عن سوء حالة الدولة الوطنية العربية، فإن صوتاً واحداً خالف التيار وأشاد بذكاء الدولة الوطنية العربية وقدرتها الفائقة على البقاء ومواجهة التحديات. وحتى موجة الربيع العربي فإن هذه الدول تصدت لها بكفاءة وهزمتها وأعادت الحالة لما قبل الربيع العربي. قال: إن الدولة الوطنية في الشرق العربي قد أتقنت وسائل البقاء في السلطة.
  2. عقدت جلسة خاصة للشباب ركزت على الربيع العربي وماذا بعد؟
  • الربيع العربي بدأ نتيجة لحالة يأس “استقتال البوعزيزي” وواجهته ثورة مضادة مكرسة يأس الشباب من الخلاص. هذا اليأس دفع كثيراً من الشباب إلى الجنون فالالتحاق بداعش، أو المجون فأدمن المخدرات.

وقال المتحدث الأول: الخيارات أمام الشعوب: إما إصلاحات جذرية تحقق أهداف الربيع العربي أو الثورة والثورة عادة تكون مصحوبة بالتطرف والعنف وتقتل الاعتدال.

  • وفي المنتدى تطرق محاضرون لظاهرة أن أية مساحة للحريات تكون النتيجة انتخاب إسلاميين. ولكن علة الإسلاميين الذين يتحدثون بأساليب حديثة لا يملكون تصوراً للدولة المراد إقامتها. شعارات الحاكمية، والتطلع للخلافة خالية من المحتوى ولا تحدد ماهية نظام الحكم المنشود. في الحقيقة تتحول فكرة الدولة الإسلامية إلى تحول السلطة للإسلاميين.
  • التيارات السلفية تحظى بشعبية نتيجة للدعوة الدينية والنشاط الاجتماعي، وهم يقولون إن دعوتهم تستند لنصوص الوحي، ولكن الحقيقة أن دعوتهم تقود لاجتهادات تاريخية معنية.
  • في حالة أن الشعار الإسلامي لدي القوي الإسلامية الحديثة ولدي القوى السلفية لا يقدم بدائل مجدية فان هذا يفسح المجال للإسلام الجهادي كما تقول به القاعدة وداعش، هؤلاء يعتمدون نفس مرجعيات السلفية كالوهابية ولكنهم ينادون بالتفعيل الحركي. إن أساليبهم وسعت العداء ضدهم وكذلك فان تجربتهم في الحكم فاشلة.
  • مدارس العلمانية المختلفة التي تبعد الدين من المجال العام مهما كانت فيها من حجج نظرية، فإنها غير قادرة علي الحصول على التأييد الشعبي، فالشعوب مشربة بتطلعات إسلامية، ومحاولة القفز فوق الواقع الاجتماعي بالوسائل الانقلابية ثبت عدم جدواها.
  1. تطرق المنتدى لمسالة العدالة الانتقالية، وأن خبراء الأمم المتحدة خاطبوا سلطات الاحتلال الأمريكي في العراق بتطبيق ضوابط عدالة انتقالية تراعي حقوق الإنسان، ولكن في أكثر من مرة رفض الطلب وطبقت سلطات الاحتلال عدالة المنتصر.

هذا النهج هو الذي صنع مظلومية في أواسط أهل السنة في العراق، وهو سبب مهم في تغذية الداعشية، وقال المؤرخ غانم النجار: “أن مراعاة حقوق الإنسان في كل حالة ضرورية لأن إهدار حقوق الإنسان من شأنه دائماً أن يولد ردة فعل من تطرف وإرهاب.

وانتقد اعتبار منظومة حقوق الإنسان التي تبنتها الأمم المتحدة غربية المصدر، بل قال إن الدول في أمريكا الجنوبية وقد عانت المظالم هي التي حرصت على حقوق الإنسان. قال إنه كمؤرخ أثبت ذلك، وأن الدول الغربية بسبب ارتكابها للمظالم  ليست المبادرة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان. المهم في نظره أن لمراعاة حقوق الإنسان أهمية كبيرة ولا ينبغي الاحتجاج ضدها بالخصوصية الثقافية.

وقال رفيق هوديتش، وهو من البوسنة، إن هدف العدالة الانتقالية هو عدم التركيز على الانتقام في المحاسبة بل أن تؤخذ في الحسبان ألا يقفل الباب أمام شروط الاستقرار في المستقبل، أي ألا تكون العدالة عقابية بل أن تكون العدالة ترميمية. ذكر  أسلوب العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا عن طريق مفوضية الحقيقة والمصالحة. وقال العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا مكنت القوى السياسية من اجتياز عقبة بين الظلمة والمظلومين ولكنها لم تقض على الغبن في النفوس تماماً.

التحدي الذي يواجه مسألة العدالة الانتقالية هو: هل يمكن بعد الفظائع التي ارتكبها  حكام ظلمة التعامل معهم بصورة تمكن من المحافظة علي حقوق الإنسان والاستقرار في البلاد؟

في الواقع تجربة العدالة الانتقالية في المغرب مع تفردها في البلدان العربية كانت ناقصة لحجب أسماء الجلادين، ما نشر ثقافة الإفلات من العقوبة.

المهم في كل عمليات السلام أن يكون عادلاً، إذ دون العدالة لا يستقر السلام.

  1. وتطرقت الدراسة لمسألة الإرهاب وركزت علي أمرين هما:

الأول: لا جدوى لمحاربة الإرهاب بالوسائل الأمنية وحدها، فإن للإرهاب والتطرف المصاحب له أسباباً يرجى تحديدها وإزالتها، فإن بقيت فإن إزالة الظاهرة مع بقاء الأسباب تغذي ظواهر أخرى.

وذكرتُ أهمية تعريف الإرهاب حتى لا تسمى كل معارضة إرهاباً، وذكر الأستاذ فهمي هويدي أهمية إزالة المظالم لكيلا تساهم في تفريخه. إذن محاربة الإرهاب مع وجود مظالم فادحة لا يجدي.

الثاني: أن محاربة الإرهاب دون مراعاة لحقوق الإنسان تصنع ردة فعل من تطرف وإرهاب جديد. كثير من الأنشطة الإرهابية بادر بها عناصر اضطهدت بقسوة في السجون. هذا المعنى ركز عليه الأستاذ عبد الوهاب بدر خان.

  1. القضية الفلسطينية: أهم ورقة في هذا المجال هي التي قدمتها الأستاذة أماني السنوار. قالت إن اليمين الإسرائيلي صار مسيطراً على البلاد منذ عام 2009م. برنامجهم لا مكان فيه لسلام عادل .وهو الآن يحظى بدعم الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.

قالت ولكن ما ارتكبت إسرائيل من فظائع أدى لأن أوساطاً كثيرة في الغرب بدأت تراجع موقفها من إسرائيل وتنتقد مواقفها.

ولكن بصورة مدهشة صارت هنالك دول عربية بذرائع مختلفة تتجه للتحالف مع إسرائيل رغم سياستها العدوانية، حدث هذا لدرجة أن دولة عربية أجرت مناورة عسكرية مع إسرائيل في اليونان.

هذا التخلي عن المصالح الوطنية والقومية وُوجِه بإدانة واسعة، وإجماع على أنه مهما كانت الأسباب، لا علاقة مع إسرائيل إلا في إطار حل عادل للقضية الفلسطينية والعربية.

لذلك ركز على القزق على هجوم على الدول العربية التي تحمي إسرائيل وتحمي عدوانها. مؤكداً أن التناقض الأساسي في المنطقة هو مع إسرائيل. وقال: ليس المطلوب أن تشن الدول العربية حرباً عسكرية على إسرائيل، بل توضح موقفها، وأن تستخدم أساليب القوة الناعمة ضدها.

  1. خالد الدخيل تطرق للسياسة التوسعية الإيرانية، وأن تدخلاتها في البحرين، ولبنان، والعراق، وسوريا، واليمن جعلها هاجس الأمن القومي العربي الأول. فلا يمكن للدول العربية أن تقبل هذا التدخل الذي يزعزع الأمن الوطني والقومي في البلدان العربية.
  2. حضر المنتدى شخص واحد إيراني هو عباس خامه يار، وقال إن إيران منذ ثورة 1979م خرجت من مخطط الهيمنة الغربي الصهيوني، وهذا هو سبب شيطنة إيران بعد الثورة، وقال إنها صارت الداعم الأكبر للمقاومة لإسرائيل، ونادى بضرورة التوافق بين أهل السنة والشيعة.

الأستاذ حسن نافعة قال إن في العالم العربي فراغاً هو الذي يغري بالتدخلات الإقليمية والدولية. وأنه بالنسبة للعلاقة مع إيران فالعلاقة ليست حتماً صفرية. إذا زال الفراغ العربي حينئذٍ يمكن إيجاد معادلة تعايش.

  1. تطرق المنتدى للمحيط الإقليمي المكون من ثلاث دول مهيمنة: إيران، تركيا، وإسرائيل. ههنا تساءل الأستاذ حسن نافعة: هل لإيران مشروع طائفي لقيادة العالم الإسلامي؟ أم مشروع فارسي إمبراطوري؟ أم مشروع مقاومة إسلامية؟

وتركيا هل مشروعها هو أن تصير قيادة معتدلة لعالم السنة؟ أم هي تسعي لمشروع عثمانية جديدة؟ مهما كان الرد علي هذه الأسئلة فإنها سوف تكون على حساب المحيط العربي، لأن فيه فراغاً يغرى بالتمدد على حسابه. وقال: إن لإسرائيل مشروعاً توسعياً لكيان فلسطيني من كانتونات، أو لدولة واحدة عنصرية. هذان الأمران ينبغي أن يقاوما لصالح دولتين قابلتين للحياة أو دولة واحدة ديمقراطية تكفل المساواة في حقوق المواطنة.

  1. أي مصير ينتظر الشرق الأوسط؟ كان رد الأستاذ حسن نافعة: العالم العربي كبير جداً يبلغ عدد سكانه 400 مليون نسمة، أكبر من سكان الولايات المتحدة ومن سكان روسيا. ومساحته 13 مليون كيلومتر مربع. ومع هذه المقومات فانه الآن الأضعف في العالم، والأكثر خضوعاً لإرادات خارجية إقليمية ودولية.

هذه الحالة المتردية عرض لمرض. المرض هو نظامه السياسي: يعاني من نظم حكم استبداد وفساد وغياب آلية للتداول السلمي علي السلطة، وغياب لحقوق الإنسان. إنه يعاني من أزمة حكم، ويعاني من أزمة هوية أهي وطنية؟ أم عربية؟ أم إسلامية؟ وأزمة ثقافية في التعاطي مع الوافد من الماضي والوافد من العصر. إنها أزمة بنيوية عميقة ومتلاحقة، وهي التي تجعل القوى الإقليمية المحيطة بالعالم العربي تتمدد في الفراغ.

وعلى الصعيد الدولي فان القوي الدولية موجودة في المنطقة بقواعدها وأساطيلها. وتعمل على الوصاية على دول المنطقة.

العوامل الثلاثة وهي: التصدي للأزمة العربية المركبة، والتعامل مع المحيط الإقليمي،  والتعامل مع السيطرة الدولية؛ تتفاعل لتحديد مصير المنطقة في المستقبل.

وقال طارق يوسف هنالك ضغوط في اتجاه المطالبة بالتغيير لكفالة الحريات، والمعيشة، والعدالة، وترتيب البيت الداخلي علي أساس كفالة هذه المطالب. كانت الهيمنة الأمريكية تكفل وصاية على المنطقة، ولكن الدور الأمريكي الآن إلى انحسار.

هذه التطورات كفيلة بإحداث التغيير ودور النخب هو استشراف المستقبل القادم.

  1. قال د. بشير نافع: الدولة الوطنية الحديثة ولدت كدولة سيطرة. ولكن على طول القرن الثامن عشر الميلادي واجهت الشعوب الغربية هذه السيطرة ما أدى إلى عقلنة الدولة .

وقال: لم يستطع الفكر الإنساني حالياً أن يقدم بديلاً للدولة الوطنية الحديثة. وللديمقراطية كوسيلة لعقلنة الدولة، لذلك حدث التحول الديمقراطي في موجات أولى، وثانية، وثالثة، كانت الموجة العربية في عامي 2010 و2011م ولكنها انتكست. النكسة مؤقتة ودواعي الموجة مستمرة.

قيل لنجاح موجة الديمقراطية ينبغي أن تتوافر شروط: مثل وجود طبقة وسطي قوية، ودرجة من النمو الاقتصادي، كما ينبغي أن توجد عوامل خارجية مساعدة كما حدث لأسبانيا بفضل الاتحاد الأوربي .

ولكن هنالك حالات بناء دولة وطنية وممارسة ديمقراطية دون توافر هذه الشروط كحال الهند في آسيا، والسنغال في أفريقيا.

بالنسبة للمستقبل العربي فإن بناء الدولة الوطنية علي أساس عقلاني ديمقراطي يتطلب وجود تيارات شعبية قوية، ونخب مؤهلة لهندسة هذا التحول.

ختاماً: هذه الخلاصة ليست سرداً حرفياً لمداولات المنتدى، وهي موجودة في موقع المنتدى الإلكتروني لمن يشاء. ولكنها خلاصة لأبرز الأفكار التي طرحت ووجدت تجاوباً واسعاً. علماً بأن المنتدى يفسح مجالاً حراً للتهوية وتبادل الآراء بحرية ولا يصدر توصيات.

الأطروحة التي قدمتها في المنتدى في 17 صفحة نشرت في أكثر من موقع، وسوف يجد القارئ درجة عالية من التوافق بين تلك الأطروحة والآراء الواردة في هذه الخلاصة رغم عدم التنسيق بين المتحدثين.  أَلْسِنَةُ الْخَلْقِ أَقْلامُ الْحَقِّ.

 

 

التعليقات مغلقة.