العنصرية الكيزانية تتجلى مجددًا في مهاجمة الفريق مبارك كوتي

ما قاله القيادي الكيزاني أمين حسن عمر عن الفريق مبارك كوتي كتمور، الأسير لدى قوات الدعم السريع، لم يكن مجرد انفعال سياسي أو رأي شخصي، بل كشف فاضح عن جوهر الخطاب الكيزاني الذي تغذّى لثلاثة عقود على العنصرية والتهميش والإقصاء.
الفريق مبارك كوتي ليس شخصًا عاديًا، بل هو المفتش العام للجيش، وكان في طريقه لأداء عمله حين اعتقلته قوات الدعم السريع في الساعات الأولى من الحرب، كما حدث مع كثير من ضباط الجيش غير المنتمين للحركة الإسلامية، الذين لا يعرفون مواقيت إشعال الحرب بواسطة الكيزان. ومع ذلك، ظل الرجل أسيرًا محترمًا، لم نسمع أنه تواطأ أو خان. بل خرج لاحقًا بفيديو تحدث فيه عن معاملة طيبة وجدها كأسير حرب. وهنا ثارت ثائرة الكيزان.
أمين حسن عمر لم يناقش المضمون، ولا اعتبر كوتي ضابطًا في موقف إنساني صعب، بل أطلق عليه حكمًا أخلاقيًا عنصريًا ساقطًا:
“المال لا يشتري الرجال، وإن رأيت رجلًا يلبس كاكي العزة يُباع بالدراهم، فهو بضاعة وليس رجلاً!”
هذا الهجوم الفج ليس موجّهًا فقط لكوتي، بل هو استمرار في النظرة الفوقية التي يحملها الكيزان تجاه أبناء جبال النوبة ودارفور وكل من لا ينتمي للدوائر القبلية الضيقة للحركة الإسلامية. هذه العقلية هي ذاتها التي اخترعت “قانون الوجوه الغريبة” ، وقتلت على أساس اللون والملامح في الجزيرة سكان الكنابي وبالخرطوم السكان في جنوب الحزام..
ما فعله أمين حسن عمر يذكّرنا بأن العنصرية ليست زلة لسان لدى الكيزان، بل هي جوهر فكرهم. الكيزان لا يؤمنون بالمساواة، ولا بوطن يسع الجميع، بل بوطن يخصهم وحدهم. وطن تحكمه القبلية، وتُوزّع فيه الوظائف والثروات بحسب الولاء والانتماء العرقي.
الفريق مبارك كوتي، بكونه أحد كبار قادة الجيش، ومن جبال النوبة، هو في حد ذاته نقضٌ لكل مشروع الإقصاء الكيزاني، الذي جعل من الجيش أداة حزبية، لا وطنية، ثم انقلب عليها حين خرجت الأمور عن السيطرة.
أمين حسن عمر والذين يفكرون مثله، يجب أن يحاسبوا ليس فقط على جرائم الحرب والانقلابات، بل على الخطاب العنصري المتكرر الذي كان ولا يزال السبب في تمزيق السودان.
السودان وطن متعدد، ولن يعود لوحدته ما لم يُعزل الخطاب الكيزاني العنصري، ويتم تأسيس دولة تقوم على المواطنة لا القبيلة، وعلى المساواة لا التمييز، وعلى المحاسبة لا الإفلات من العقاب.