بريطانيا: 3 خطوات تدعم الفلسطينيين.. و شارع حيوي

لندن تُعلًق مفاوضات التجارة الحرة مع اسرائيل وتستدعي السفيرة وتفرض عقوبات على مستوطنين وتهدد باجراءات أخرى
أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، في بيان وجلسة ساخنة بمجلس العموم ( البرلمان) 3 خطوات لافتة، في صداراتها تعليق مفاوضات التجارة الحرة مع اسرائيل، واستدعاء السفيرة الاسرائيلية تسيبي هاتوفيلي لابلاغها موقف الحكومة الرافض لتوسيع حكومة نتانياهو العملية العسكرية في غزة، ومنع دخول المساعدات الانسانية، كما فرضت لندن عقوبات على مستوطنين في الضفة الغربية.
تهديد باجراءات اضافية
وأكد رئيس الحكومة كير ستارمر، وهو زعيم حزب العمال، في البرلمان، اليوم 20 مايو 2025، أن المملكة المتحدة مستعدة لاتخاذ خطوات أخرى بالتعاون مع فرنسا وكندا.
ووصف ستارمر إعلان “إسرائيل إدخال قدر يسير من المساعدات إلى القطاع بأنه أمر” غير مقبول”، ودعا إلى زيادة حجم المساعدات الإنسانية المقدمة إلى غزة بشكل عاجل.
وقال نحن “مصدومون من مشاهد العنف والجوع في غزة”، مؤكدا أن مستوى المعاناة وصل إلى مستوى لا يمكن تحمّله.
وكان رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أصدوار بيانا أمس ( 19 مايو 2025) شددوا فيه على أنهم لن يقفوا “مكتوفي الأيدي” تجاه “الأفعال المشينة” التي ترتكبها حكومة إسرائيل في غزة، وهددوا باتخاذ “إجراءات ملموسة” في حال لم تبادر بوقف عمليتها العسكرية وإتاحة دخول المساعدات الإنسانية.
وقال بيان الدول الثلاث “نحن مصمّمون على الاعتراف بدولة فلسطينية في إطار حل الدولتين، ومستعدون للعمل مع الآخرين لتحقيق هذه الغاية”.
لامي يشدد على ادخال المساعدات الانسانية
في جلسة البرلمان البريطاني،ركز وزير الخارجية البريطاني وعدد من البرلمانيين على رفض السياسة الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وتميزت الجلسة بخطاب حكومي ندد بوضوح بسياسات الحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو، بشأن الانتهاكات الحقوقية في غزة .
وخاطب لامي أعضاء البرلمان، بتعابير قوية، وغاضبة، وأكد ” معارضتنا لتوسيع الحرب التي قتلت آلاف الأطفال في غزة” و ” فرضنا عقوبات على اسرائيل لبعث رسالة بضرورة ادخال المساعدات” ( الانسانية) .
وقال إننا ” ملتزمون باتخاذ إجراءات أخرى اذا وسًعت اسرائيل عملياتها ومنعت ادخال المساعدات ” وأوضح أن”الاجراءات التي اتخذناها محاولة لاستخدام تأثيرنا لوقف ما يحدث في غزة”..
وشدد على أن منع دخول المساعدات الانسانية انتهاك للقانون الدولي، وأشار إلى أن بريطانيا هي أحد مهندسي القانون الانساني الدولي ، وعلينا رفع صوتنا للتنديد باي انتهاك لهذا القانون.
129 مليون استرليني مساعدة انسانية
اللافت أن رئيس الدبلوماسية البريطانية انتقد وزير المالية الاسرائيلي سموتريش الذي قال إن غزة ستدمر بالكامل، ويعكس هذا الانتقاد مدى القلق والانزعاج البريطاني من سياسة الحكومة الاسرائيلية تجاه غزة والانسان الفلسطيني، وشدد الوزير البريطاني على أننا ” نريد وقف اطلاق النار في غزة والعودة للدبلوماسية” وأفاد أن لندن قدمت 129 مليون استرليني مساعدة انسانية لغزة.
ورأى أن “ما يحدث في غزة لا يمكن تبريره ويجب أن يتوقف، وقال” علقنا مبيعات الاسلحة التي يمكن استخدامها في غزة” ، وخاطب الشعب الاسرائيلي قائلا إن “حكومة نتانياهو تعزل اسرائيل عن اصدقائها وشركائها”.
تشاور مع فرنسا والسعودية بشان الدولة الفلسطينية
سئل لامي : متى تعترفون بالدولة الفلسطينة؟ رد بقوله “سنختار الوقت الصحيح بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، سيعقد مؤتمر دولي في يوليو المقبل، وسنتشاور مع شركائنا في فرنسا والسعودية”، وشدد ” لن نتخلى عن حل الدولتين( دولة اسرائيل ودولة فلسطينية)، وسيبقى الإطار الوحيد للسلام”.
برلمانيون ينتقدون سياسة الابادة الجماعية
كان لافتا في جلسة البرلمان البريطاني أن عددا من البرلمانيين رحبوا ببيان وزير الخارجية ترحبيا حارا، وانتقدوا سياسة “الابادة الجماعية” والتجويع التي تمارسها اسرائيل في غزة، وانطلقت دعوات لفرض عقوبات على اسرائيل، وأيضا على رئيس الحكومة نتانياهو.
انتقاد موقف حكومي ” متأخر”
انتقدت أصوات برلمانية موقف الحكومة البريطانية الذي ” جاء متأخرا” في رأي بعض النواب بشأن ما يجري في غزة من انتهاكات حقوقية ، ورأوا أنه كان ينبغي اتخاذ مواقف داعمة لحقوق الفلسطينين في وقت سابق، كما دعوا إلى اتخاذ عقوبات أشمل على اسرائيل.
في ضوء كل هذه التفاعلات والخطوات الحكومية يبدو واضحا أن الحكومة البريطانية – وهي حكومة حزب العمال- في مقدورها اتخاذ قرارات جريئة، تدعم حقوق الانسان الفلسطيني، وتؤكد عمليا التزامها بالقانون الدولي الانساني، وتعزيز التفاهمات مع شركاء أوروبيين، وفي صدارتهم فرنسا وكندا، في مواجهة أية انتهاكات حقوقية في غزة و فلسطين بشكل عام.
شارع بريطاني حيوي
يُشار في هذا السياق إلى أن شوارع لندن ومدن بريطانية تشهد منذ بدء الحرب الاسرائيلية على غزة تظاهرات حاشدة، عنوانها الأبرز ادانة الحرب الوحشية، و التنديد باراقة دماء الفلسطينيين، المدنيين ، وتدمير بيوتهم ومستشفياتهم ومخيماتهم، ومدارسهم.
وكانت لندن شهدت في ذكرى النكبة تظاهرة مليونية، متضامنة مع الفلسطينيين، ومنددة بالابادة الجماعية وداعية لوقف اطلاق النار .
هذا التفاعل، الحيوي، المتضامن، مع الحقوق الانسانية للشعب الفلسطيني والرافض لسفك دماء الأبرياء، يؤشر إلى أن الشارع البريطاني حيوي وحقوقي، ويتميز حراكه بالسلمية ،ومشاركة متظاهرين من كل لون وجنس ودين، في سبيل اسماع صوتهم بقوة للعالم ، وأيضا رفع نداءات متكررة تخاطب الحكومة البريطانية ، كي تتخذ قرارات عملية وفاعلة ، تنتصر لأطفال فلسطين، ونسائها، وشيوخها، وشبابها، وللقيم البريطانية، و الانسانية ، و حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي.