بعثة مستقلة لتقصي الحقائق بالسودان: انتهاكات خطيرة تشمل أعمالا انتقامية واغتصابا جماعيا

بعثة مستقلة لتقصي الحقائق بالسودان: انتهاكات خطيرة تشمل أعمالا انتقامية واغتصابا جماعيا
  • 18 يونيو 2025
  • لا توجد تعليقات

لندن- محمد المكي أحمد

دعوة أممية لتنفيذ حظر على الأسلحة ومساءلة منتهكي حقوق الانسان .. وملفات تُحدد هوية الجناة وتعاون سري مع هيئات قضائية

النساء تعرضن لخطر متزايد من العنف الجنسي ( الأمم المتحدة)

أعلنت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان، أحدث النتائج التي توصلت إليها، واستعرضتها أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، و”دعت المجتمع الدولي لتنفيذ حظر على الأسلحة وضمان مساءلة المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان”، وحذرت من تصاعد حدّة الحرب الأهلية في السودان، ما أدى إلى عواقب مميتة لعدد لا يحُصى من المدنيين العالقين في النزاع”.

و أكدت أنها “وثقّت تصاعدا في استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان وارتفاعا حادا في العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي”. مؤكدة أن ” المساعدات الإنسانية تسُتخدم كسلاح وأن المستشفيات والمرافق الطبية تتعرض لحصار”.

النزاع لم يقترب من نهايته

وشدد رئيس بعثة تقصي الحقائق، محمد شاندي عثمان على خطور الأوضاع في السودان بقوله ” لنكن واضحين: النزاع في السودان لم يقترب من نهايته بعد، حجم المعاناة الإنسانية لا يزال يتفاقم، و أيضا تفكّك الحكم وعسكرة المجتمع، وتدخل جهات أجنبية، كلّها عوامل تغُذي أزمة تزداد دموية يوما بعد يوم”.

وأعادت الأمم المتحدة إلى الأذهان أن الحرب – التي اندلعت في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع – أدت إلى مقتل آلاف السودانيين حتى الآن وإلى نزوح 13 مليون سوداني، معرضة إياهم إلى العنف الجنسي والنهب وتدمير المنازل والمرافق الصحية والأسواق وغيرها من البنى التحتية.

جرائم دولية تلطخ سمعة المتورطيين

من جهتها، رأت عضوة بعثة تقصي الحقائق، منى رشماوي: أن ” ما بدأ كأزمة سياسية وأمنية، قد أصبح الآن حالة طوارئ خطيرة على مستوى حقوق الإنسان والحماية وقد شمل ذلك ارتكاب جرائم دولية تلطخ سمعة جميع المتورطين فيها، وأن من الفادح أن تدخل هذه الحرب المدمّرة عامها الثالث دون أي مؤشر على قرب انتهائها، ونحن جميعا نعلم، ولكن ربما يقتضي التذكير، أن المدنيين لا يزالون يتحملون العبء الأكبر من تصاعد العنف والاشتباكات”.

ملفات تحدد هوية الجناة ورفض دخول البعثة

وقالت الأمم المتحدة أن البعثة الدولية منذ تقريرها الأخير لمجلس حقوق الإنسان، قامت بإجراء 240 مقابلة، وتلقت 110 إجابات مكتوبة، وتحققت من صحة 30 مقطع فيديو، محددّة المواقع الجغرافية لثماني هجمات، وهي تقوم بجمع ملفات تحدّد هوية جناة محتملين.

وكشفت البعثة الدولية أنها بدأت تعاونا سريا مع هيئات قضائية معنية، وأنه “على الرغم من رفض السودان السماح للبعثة بدخول البلاد”، ذهبت البعثة إلى أوغندا وتشاد للتحقيق وأجرت أيضا محادثات رفيعة المستوى مع مسؤولي الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، إثيوبيا.

وأضافت أن طرفي النزاع قد كثفا من استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان، حيث تعرض المدنيون في محيط الفاشر للاعتداء والاحتجاز والقتل كما تمت مهاجمة وإحراق قرى ونهب ممتلكات من قبل قوات الدعم السريع، وخلال هجوم واحد لهذه القوات من 10 الى 13 أبريل، قتل أكثر من 100 مدني في حين أسفر قصف آخر لقوات الدعم السريع على الكومة عن مقتل ما لا يقل عن 15 مدنيا.

أعمال انتقامية نفذها الجيش والدعم السريع

وفي المناطق التي استعادت القوات المسلحة السودانية السيطرة عليها كالخرطوم والجزيرة وسنّار، قامت البعثة بتوثيق أعمال عنف انتقامية واسعة النطاق بين أواخر عام 2024 ومنتصف عام 2025. وقد تعرّض أفراد هناك يعتقد أنهم دعموا قوا ت الدعم السريع — بمن فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان وعاملون في المجال الطبي وموظفو الإغاثة — للاعتقال التعسفي والتعذيب وفي بعض الحالات، والإعدام. كذلك قامت قوات الدعم السريع ايضا بهجمات انتقامية مع قتلها لـ 30 مدنيا في حي الصالحة بأم درمان يوم 27 نيسان/أبريل.

استخدام الإغاثة كسلاح

وذكرت البعثة أن الإغاثة الإنسانية اُستخدمت ولا تزال تستخدم كسلاح.، وأن القوات المسلحة السودانية قد فرضت قيودا بيروقراطية؛ فيما قامت قوات الدعم السريع بنهب القوافل ومنعت إيصال المساعدات بالكامل.

(مستشفى الولادة السعودي بعد قصفه)

وحذرت البعثة من أن هذه الأفعال تدفع البلاد نحو المجاعة، خاصة في دارفور. وفي الثاني من يونيو قُصفت قافلة تابعة للأمم المتحدة في الكومة في طريقها إلى الفاشر، ما أسفر عن مقتل خمسة من موظفيها. وقد قصفت قوات الدعم السريع المستشفى السعودي في الفاشر عشرات المرّات. وفي مايو ( 2025) ، قصفت طائرة مسيرة تابعة لقوات الدعم السريع مستشفى الأبيض الدولي في شمال كردفان مما أسفر عن مقتل ستة مدنيين وتسبب في إغلاق آخر العيادات الصحية العاملة في المنطقة.

ارتفاع حاد في العنف الجنسي والاغتصاب الجماعي

وقالت بعثة تقصي الحقائق أنها وجدت ارتفاعا حادا في العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي حيث تتعرّض النساء والفتيات إلى الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والخطف والعبودية الجنسية والزواج القسري في الأغلب في مخيمات النازحين القابعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

المساءلة ليست ترفا

وشددت خبيرة بعثة تقصي الحقائق جوي نغوزي إزييلو على أن “المساءلة ليست ترفا؛ بل هي شرط أساسي لتحقيق سلام مستدام، إذ إن غيابها يغذي النزاع،و ينبغي المطالبة بتحقيق العدالة وأن تكون قضايا العدالة في جوهر أي اتفاق سلام لمعالجة غياب المحاسبة وهو الذي يشكل أحد الأسباب الجذرية للنزاع في السودان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*