وادي حلفا – دلقو

وادي حلفا – دلقو
  • 18 أغسطس 2025
  • لا توجد تعليقات

أنور محمدين

بدت لي وادي حلفا الواجهة أوسع مدى جغرافيا وأعلى ديناميكية .. المحال التجارية تتعدد وأنشطتها تموج بالمألوف والمستحدث.
الوجوه تنطق بكل قسمات السودان وألسنته فلايزال بالمدينة المضيافة كم هائل من الذين احتموا برحابتها وترحابها بعد أن غادرها ألوف إثر نشر ألوية السلام في العاصمة الاتحادية والولايات الوسطى وكل موضع هنا يروي كيف صنعت المدينة تاريخا ناصعا من التآخي و” اقتسام النبقة ” بمنطوق مثلنا العريق حيال الحرب العضوض.
الشمس الكاوية تفرض هيمنتها قبيل انتصاف النهار حتى يغوص قرصها الذهبي خلف طيات بحيرة النوبة ما يعزز ضرورة إشاعة نفرة التشجير .. ( أمام كل بيت شجرة) بقيادة المحلية والفعاليات الشعبية والرسمية والجهات الفنية فقد آن للمدينة الاستراتيجية أن تغوص بين الخضرة والجمال، ولاسيما وقد صارت وجهة للزوار والعرسان نسبة لاستقرار التيار الكهربي.
بارحت وادي حلفا الأثيرة ذات صباح مفعم بالوجدان دون أن أحظى بمجالسة كثير من الأهل والصحاب، على الصدارة الأستاذان حسين محمد طاهر وحسن عبد الله أبوحراء لضيق الوقت ودون أن تتمرغ قدماي بتراب دبيرة وجبل الصحابة وسرة التي سمونا في رحابها عبر عبير قلم العملاق جمال محمد أحمد.
بارحتها وسؤال يؤرقني:
ما الذي يحول دون تسيير رحلات جوية بين وادي حلفا وأسوان؟
الحافلة تسرع بنا على الأسفلت الذي يسر الترحال رغم بعض الحفر الخطيرة، التي تتطلب جهود ” ترقيع ” وصيانة دورية راتبة.
لافتات تتبدى تحمل أسماء القرى التي تنبض بالحياة الزاخرة بعيدا على النيل لكن الطريق الدولي يشق الجبال الوعرة والأخاديد الموغلة، التي ترسم خريطة قاحلة في أذهان العابرين الكثر، ما يحتم تشجير طريق محليتي وادي حلفا ودلقو لتغيير الصورة الذهنية الخاطئة لدى كثيرين وللحد من غلواء التعدين العشوائي الفج.
نمر بقرانا الحبيبة المرسومة في فؤادي ونتوقف في عبري الناهضة هنيهة فأترحم على روح صديقي الفارع مكي على إدريس، الذي كنت على وعد معه بلقاءات ثرية حول قضايا ثقافية حيوية من بينها مسألة تدوين التراث الشفاهي فائق الأهمية.
قبيل انتصاف النهار عند قريتنا الوادعة سعدنكورتى شمالي دلقو الحاضرة أترجل شاكرا قائد الرحلة وزملائي الركاب فتتلقفني سيارة أخي لتسرع بي إلى عتبة بيتنا الكبير .. دار أبويا ومتعتي وعجني، فتغمرني زغاريد متتابعة واحتضانات حفية وتدافع من الأهل منساب.
بالليل أخير بين النوم في العراء وبطن الحوش، الذي قطع فيه استدعاء صور أبي وأمي الخصبة سلطان النوم.
هأنذا أنام قرير العين تحف بي قلوب الأحباب بعد ألوف ليال قضيتها بعيدا بين اليقظة والأحلام.
صحوت مبكرا على حراك نشط شمل ذبح الكرامة وتدافع الرائعين وكان يوما غدقا أعقبه التطواف على سادتنا كبار السن المقعدين وواجب العزاءات لتنداح بعدئذ زيارات الأعزاء في آفاق الضفاف العسجدية والجزائر المخملية وما أحلى الرجوع للبلد!

الوسوم أنور-محمدين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*