الديمقراطية التشيلية وشرعيتها الاقتصادية
الدروس المستفادة لإدارة ريع الذهب ونهضة السودان الزراعية

مقدمة:
خصصت مقالىَّ الأخيرين لتجربتى الصين وإثيوبيا كحالتين لإنجازات الأنظمة الشمولية عندما تتبنى النُخب الحاكمة “الشرعية الاقتصادية” كركيزة محورية لمشروعها الوطنى وعددت الدروس والعِبر المهمة للسودان إذا تم تبنى عقد اجتماعى يستصحب الشرعية الاقتصاديةجنباً إلى جنب مع الشرعية السياسية المترتبة على إنهاء الحرب وبناء السلام فى سياق الانتقال المدنى. إلا أن التارخ السياسى الحديث للبلاد لم يُحظى حتى بالشمولية التنموية على محدوديتها فى الأمم المنقسمة إجتماعياً، كما رأينا فى حالة أثيوبيا على سبيل المثال. فقد غلُبت للأسف الأنظمة الإستبدادية الفردية المتقلبة، بحسب مزاج الحاكم الفرد كما فى حالة النظام المايوى، بل وأسوأ من ذلك نظام الإنقاذ الكليبتوقراطى الذى جمع بين الإستبداد والفساد المؤسسى وبالتالى لم يكن لديه مشروعاً تنموياً يستهدى بمنهج “الشرعية الاقتصادية”.
عليه، والحال كهذه، السؤال البديهى هو ماذا عن تجارب الأنظمة الديمقراطية فى الدول النامية التى قد تكون إختارت “الشرعية الاقتصادية” لتعزيز شرعيتها الإنتخابية؟ هناك عدة تجارب سنوردها أدناه بإختصار لكننا سنعرض لتجربة دولة التشيلى ببعض التفصيل بالنظر لأهميتها بالنسبة للسودان. (لقد زرت التشيلى مرتين خلال العقدين الماضيين وتعاونت مع أثنين من الزملاء التشيليين فى كتابة خمس أوراق أكاديمية منشورة عن نموذج التنمية التشيلية وأهميته للدول العربية والأفريقية بشأن إدارة الموارد الريعية وتنويع الاقتصادات ولهذا أجزم من خلال معرفتى العميقة بتجربة هذه الدولة الرائدة بأنها جديرة بالاهتمام والدراسة بالنسبة للسودان).
إنجازات “الشرعية الاقتصادية” فى ديمقراطيات العالم الثالث:
حتى فى إطار الديمقراطيات، استندت شرعية بعض القادة والنُخب الحاكمة فى العالم الثالث ليس فقط على الشرعية السياسية، بل أيضاً على الأداء الاقتصادي المترتب على نهج الشرعية الاقتصادية.
(أ) كوريا الجنوبية: من بارك تشونغ-هي إلى توطيد الديمقراطية: أرست المرحلة الاستبدادية الأساس للشرعية الاقتصادية من خلال التصنيع السريع، بينما حافظ القادة الديمقراطيون اللاحقون (مثل كيم داي جونغ ورو مو هيون) على الشرعية الاقتصادية من خلال إضفاء الطابع المؤسسي على الإصلاحات وتوسيع نطاق التحولات الاقتصادية المبهرة التى شهدتها هذه الدولة – مما يوضح إمكانية المحافظة على الشرعية الاقتصادية عبر مختلف الأنظمة.
(ب) الهند: جواهرلال نهرو وناراسيمها راو: سعى نهرو إلى تحقيق الشرعية من خلال التصنيع الذي تقوده الدولة، وقاد راو (مع مانموهان سينغ) الهند إلى إصلاحات السوق في عام 1991، وأعاد تعريف الشرعية من خلال النمو والانفتاح الاقتصادى.
(ج) غانا: جيري رولينغز (بعد الديمقراطية): انتقل من الشعبوية العسكرية إلى الديمقراطية التنموية بعد عام 1992، حيث تعززت الشرعية السياسية جراء الاستقرار الاقتصادي الكلي والإصلاحات الهيكلية والحوكمة الرشيدة وأصبح توطيد الديمقراطية في غانا مرتبطاً بالنمو المستدام ونجاعة الاصلاح الاقتصادى.
السودان والتشيلى: التشابه والتباين:
تشترك تشيلي والسودان في تشابه هيكلي غالباً ما يحدد مسار الاقتصادات النامية: فكلتاهما تمتلكان موارد ريعية ضخمة. فدولة التشيلي هي أكبر مصدر للنحاس في العالم، بينما يُقدَّر الإنتاج الفعلى للسودان من الذهب بحوالى 150 طناً (بإعتبار أن ما يقارب 40% منه يتم تهريبه)، مما يعنى أنه المُصدِّر الثانى فى أفريقيا (بعد جنوب أفريقيا) أو على الأقل الثالث (بعد جنوب أفريقيا وغانا). أيضاً، تمتلك كلتا الدولين موارد زراعية هائلة، إلا أنها غير مستغلة بالشكل الكافي، بل ومهملة، فى حالة السودان. ومع ذلك، فإن نتائج التنمية في البلدين لا يمكن أن تكون أكثر اختلافاً. بحلول عام 2024، حققت التشيلي ناتجاً محلياً إجمالياً اسمياً قدره 330 مليار دولار أمريكي (بما يساوى ست أضعاف الناتج المحلى السودانى قبل الحرب)، ودخل للفرد يناهز 17 ألف دولاراً أمريكياً، وبلغ عدد سكانها حوالى 20 مليون نسمة، لتصنف ضمن أكثر المجتمعات نمواً في جنوب الكرة الأرضية، بمؤشر تنمية بشرية ( (HDIقدره 0.878 (يتراوح هذا المؤشر بين 0 و1 ( – وهو الأعلى في أمريكا اللاتينية. بالمقابل، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد في السودان، الذي يزيد عدد سكانه عن 45 مليون نسمة، ما بين 1100 و1200 دولار أمريكي فقط، وبلغ مؤشر التنمية البشرية حوالي 0.511، مما يضعه بين الدول الفقيرة الأقل إنجازاً من حيث مؤشرات التنمية البشرية (التعليم، الصحة …إلخ).
هذا التباين الواسع فى الأداء الاقتصادى بين الدولتين، رغم التشابه فى طبيعة الموارد، يبين أهمية المؤسسات والحوكمة فى إدارة الاقتصاد: في حين لم تحظى الديمقراطية بالإستقرار، سعت الأنظمة الشمولية المتطاولة فى السودان إلى استغلال الريع وتوظيفه سياسياً لمشروعها الشمولى. بالمقابل، وظفت الحكومات الديمقراطية التشيلية فى حقبة ما بعد حكم بينوشيه الاستبدادى مواردها الطبيعية لبناء اقتصاد متنوع وقائم على القواعد المؤسسية وموجه للتصدير والحماية الاجتماعية، الأمر الذى مكنها من بناء شرعية اقتصادية لتعزيز شرعيتها الديمقراطية.
مرتكزات الشرعية الاقتصادية للديمقراطية التشيلية:
تكمن الأهمية الأعمق لنجاح تشيلي في اقتصادها السياسي بعد حقبة ديكتاتورية بينوشيه المتطاولة (1973-1990) فى تمكن التحالف الديمقراطي (Concertación de Partidos por la Democracia) من معالجة التحدي المتمثل في استعادة الثقة في كل من الديمقراطية والحوكمة الاقتصادية. أجبرت تجربة سلفادور أليندي الاشتراكية قصيرة الأجل -التي كانت ضحية للتآمر والاستقطاب – النخب الديمقراطية الجديدة على إثبات أن الديمقراطية يمكن أن تحقق الاستقرار والنمو فى آن واحد. وقد فعلوا ذلك من خلال ترسيخ الإدارة الاقتصادية المستندة إلى القواعد (Rule-based policies) والمؤسسات والنتائج القابلة للقياس – وهو جوهر ما نعنى ب”الشرعية الاقتصادية” فى الحالة الشيلية.
أ. الإدارة الاقتصادية الكلية القائمة على القواعد:
حافظت الحكومة على مؤسسات السوق المفتوحة، لكنها استكملتها ببرامج اجتماعية وأطر عمل اقتصادية كلية ذات مصداقية. وبحلول أواخر التسعينيات، خفضت تشيلي التضخم إلى رقم أُحادى وحافظت على نمو يزيد عن 7%. ومنذ عام 2000 اعتمدت تشيلي قاعدة التوازن الهيكلي للميزانية، المتمثلة فى ربط الإنفاق بأسعار النحاس على المدى الطويل والإنتاج المتوقع. وعززت الرئيسة ميشيل باشيليت (إبنة الجنرال في سلاح الجو ألبرتو باتشيليت، أحد القادة العسكريين المقربين من الرئيس أليندي والذي سُجن وتوفي في عهد بينوشيه وكانت أول امرأة تتولى رئاسة تشيلي)، عززت هذه الرئيسة ذات الشعبية الكبيرة هذا النظام لاحقاً بإنشاء صندوق الاستقرار الاقتصادي الاجتماعي وصندوق الاستقرار المالي (2006-2007)، مما أدى إلى إضفاء الطابع المؤسسي على الادخار خلال فترات الازدهار والإنفاق المعاكس للدورة الاقتصادية خلال فترات الركود.
ب. مصداقية السياسة الاجتماعية:
أدخلت الرئيسة باشيليت أيضًا برنامجي Chile Solidario و Ingreso Ético Familiar، وهما برنامجان موجهان لدعم الأسر الفقيرة وتسريع الاندماج الاجتماعى عن طريق التحويل النقدى المباشر وقد استفاد منهما ملايين الأسر الفقيرة. وقد سمح استخدامها لصناديق الاستقرار خلال الأزمة المالية العالمية في 2008-2009 لتشيلي بتمويل الحماية الاجتماعية دون تعريض الاستقرار المالي للخطر، مما يثبت أن العدالة الاجتماعية والانضباط الكلي يمكن أن يعزز كل منهما الآخر. (وهنا أقول أن من حق حكومة ثورة ديسمبر الانتقالية الإعتزاز ببرنامج دعم الأسر عن طريق التحويل النقدى المباشر وأُشهد الله أنه كان برنامجاً سودانىَ الوجه واليد واللسان، تجاوب معه شركاء السودان ودعموه بأكثر من ثمانمائة مليون دولار وبدأ إنفاذه كما هو معلوم قبل أن يتم تجميده بسبب إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر المشئوم).
ت. سعر الصرف الحقيقي التنافسي وتنويع الصادرات:
كان أحد الركائز الأساسية للتحول في تشيلي هو الحفاظ على سعر صرف حقيقي تنافسي ( السعر النسبي للسلع القابلة للتداول المحلي (الصادرات وبدائل الواردات) مقارنة بالسلع غير القابلة للتداول). نظراً لأن عائدات النحاس يمكن أن تؤدي بسهولة إلى ارتفاع قيمة العملة (أو ما يسمى ب”المرض الهولندى”)(1) أدخلت الحكومات التشيلية قاعدة مالية هيكلية (من عام 2001 فصاعداً) تربط الإنفاق بسعر النحاس طويل الأجل الذي تقدره لجان خبراء مستقلة. من خلال توفير العائدات غير المتوقعة في صندوق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي (ESSF) خلال فترات الازدهار والاستفادة منه خلال فترات الركود، قامت تشيلي بالتحكم فى المصروفات العامة، الأمر الذى أدى إلى خفض التضخم، ومنع المغالاة فى سعر صرف العملة الوطنية (البيزو). أدى اتساق هذه السياسة إلى خلق بيئة اقتصادية كلية مستقرة يمكن أن تزدهر فيها السلع التشيلية القابلة للتداول غير المعدنية – مثل الفاكهة والسلمون والغابات والأغذية المصنعة. شجع سعر الصرف الحقيقي التنافسي الاستثمار الخاص في التصنيع والتسويق، بينما سمحت الأسعار المتوقعة للمصدرين بإبرام العقود وتوسيع الطاقة الإنتاجية.
بالنسبة للسودان، حيث تسببت دورات الذهب والعملات الأجنبية في انهيار العملة وتشوهات السوق السوداء، يوضح نموذج تشيلي كيف يمكن لمصداقية سعر الصرف والضبط المالي حماية الزراعة والصناعة التحويلية من تقلبات عائدات الموارد الريعية.
ث. الدور السياسي للمجتمع الزراعي:
كان للقطاع الزراعي المنظم في تشيلي أهمية كبرى، حيث قامت الجمعيات الزراعية ومصدرو المنتجات الزراعية الطازجة والمصنعة بالضغط باستمرار من أجل الحصول على سعر صرف مستقر وتنافسي، والاستثمار في الري واللوجستيات، والالتزام بأنظمة التجارة المفتوحة. منحت هذه المنظمات المنتجين الريفيين صوتاً جماعياً قوياً في حوارات صياغة السياسيات الاقتصادية الكلية، مما ضمن استدامة السياسة المالية وتنافسية سعر الصرف الحقيقي. من الناحية السياسية تكون تحالف تصديري يربط بين المصالح الزراعية والصناعية والتكنوقراطية حول أولوية مشتركة تتمثل فى الاستقرار الاقتصادي الكلي من أجل التنافسية. بالنسبة للسودان – حيث المزارعون مجزئون ومهمشون سياسياً – يمكن أن يؤدي تنظيم تحالف زراعي واسع النطاق إلى ترسيخ ضغوط مماثلة من أجل الاستقرار واستمرارية السياسات الداعمة للزراعة والتصنيع الزراعى.
من خلال هذه الآليات، بنى اليسار الديمقراطي التشيلى شرعية أداء مستدامة، حيث تعززت قناعة الشعب التشيلى بنجاعة الديمقراطية فى تحقيق الكفاءة والاستقرار والعدالة الاجتماعية وبالتالي، أصبح السعي وراء الشرعية الاقتصادية تعويضاً أخلاقياً وسياسياً لليسار التشيلي بعد صدمة انقلاب عام 1973 الدموية.
الشرعية الاقتصادية التشيلية والتحولات الاقتصادية الكبرى:
يعد أداء التشيلي بعد عام 1990 دراسة حالة عن كيفية توظيف ثروة الموارد الريعية، عندما تحكمها القواعد بدلاً من السياسات العشوائية غير المنضبطة، لدعم النمو عريض القاعدة على نطاق واسع:
• نمو مطرد: نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 4-5% سنوياً في المتوسط من عام 1990 إلى عام 2019، وهو من بين الأكثر استقراراً في العالم النامي.
• الحد من الفقر: انخفض معدل الفقر من 40% في عام 1990 إلى أقل من 8% بحلول منتصف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
• تنويع الصادرات: بلغ إجمالي صادرات البضائع 100 مليار دولار أمريكي في عام 2024، نصفها تقريباً من التعدين (52 مليار دولار أمريكي) وحوالي 26-30 مليار دولار أمريكي من الزراعة والغابات والأسماك وتصنيع الأغذية.
• الاحتياطيات المالية: احتفظ صندوقان للثروة السيادية – صندوق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وصندوق احتياطي المعاشات التقاعدية – بما يقرب من 14 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024، مما سمح بسياسة معاكسة للدورة الاقتصادية دون تمويل تضخمي.
حوّلت تشيلي عائدات النحاس إلى تنافسية تصديرية واندماج اجتماعي، باستخدام مؤسسات تحصين السياسة المالية وسياسة سعر الصرف من الدورات السياسية وتقلبات أسعار الموارد الريعية (النحاس فى الحالة التشيلية).
الدروس المستفادة للتحول الاقتصادي في السودان:
- مأسسة قاعدة مالية قائمة على الموارد: ربط الإنفاق بسعر هيكلي (طويل الأجل) للذهب أو النفط، مع وجود مجلس مالي مستقل ونشر إلزامي للافتراضات المرتبطة بإعداد الموازنات.
- إنشاء صناديق استقرار وادخار سيادية: صندوقين مزدوجين – أحدهما للاستقرار الدوري والآخر للتنمية طويلة الأجل – لمنع الإنفاق الزائد خلال فترات الازدهار وبناء احتياطيات للأزمات.
- استهداف سعر صرف حقيقي تنافسي: تنسيق السياسة المالية والنقدية لمنع المبالغة في تقييم سعر الصرف للعملة الوطنية مع ضمان استقرارها لحماية تنافسية الزراعة والصناعة وتشجيع تنويع الصادرات.
- استثمار عائدات المعادن في البنية التحتية لدعم كفاءة سلاسل الامداد وتنويع قاعدة الاقتصاد: توجيه المدخرات إلى بناء وتطوير أنظمة الري والنقل والطاقة والأبحاث الزراعية والصناعية ونظم معايير الجودة لتعزيز الإنتاجية الزراعية والصادرات غير المعدنية بصورة عامة.
- تمكين المنتجين الزراعيين والصناعيين: تشكيل مجالس منتجين وتعاونيات يمكنها الضغط من أجل سياسة كلية مستقرة، والوصول إلى التمويل، وتسهيل التصدير وتحويل أصحاب المصلحة الاقتصاديين إلى حلفاء سياسيين للإصلاح.
- جعل الشفافية واتاحة المعلومات من شروط الشرعية الاقتصادية: نشر بيانات الميزانية والصناديق الاستثمارية، وضمان الاستثمار الإقليمي العادل، وربط الحماية الاجتماعية بالمشاركة الإنتاجية.
خاتمة: الشرعية الاقتصادية كأساس للاستقرار الديمقراطي:
تُظهر تجربة تشيلي بعد بينوشيه أن الشرعية الاقتصادية – القائمة على انضباط السياسات الاقتصادية بحسب القواعد المؤسسية وتقييمها بموضوعية إستناداً على النتائج الاجتماعية المرئية – هي حجر الزاوية لترسيخ الديمقراطية. من خلال إثبات أن الديمقراطية يمكن أن تتفوق على الدكتاتورية اقتصادياً، نجحت النخب في تشيلي في تحييد الشعبوية وبناء المؤسسات الأكثر ثقة في أمريكا اللاتينية.
بالنسبة للسودان، فإن هذ نموذج التنمية التشيلى مهم جداً فى هذا السياق، فالشرعية السياسية الناتجة عن الثورة أو مفاوضات السلام لن تدوم دون أداء اقتصادي موثوق وشامل وملتزم بالقواعد. الدرس المستفاد من تجربة تشيلي ليس تكرار المؤسسات بشكل آلي، بل ترجمة المبدأ: وضع قواعد تحد من السعي وراء الريع، والحفاظ على سعر صرف تنافسي، والاستثمار في الزراعة الإنتاجية، وبناء قاعدة شعبية واسعة تدافع عن الديمقراطية التى تحقق مصالحها فى التطور الاقنصادى والرفاه الاجتماعى جنباً إلى جنب مع التزامها باستحقاق الديمقراطية والخضوع لإرادة الشعب.
باختصار، يجب على السودان تحويل ثروته الطبيعية إلى عقد اجتماعي للأداء – حيث يثق المواطنون في الديمقراطية لأنها تحقق نتائج. هذا هو جوهر الشرعية الاقتصادية، وهو لا يزال حيوياً للانتقال الهش في السودان اليوم كما كان بالنسبة لولادة تشيلي من جديد قبل ثلاثة عقود بعد حكم دموى متطاول.
(1) المرض الهولندي (Dutch Disease) هو مفهوم اقتصادي يُستخدم في أدبيات سعر الصرف والاقتصاد الكلي لوصف الحالة التي تؤدي فيها الزيادة الكبيرة في عائدات الموارد الطبيعية – مثل النفط أو الغاز أو الذهب – إلى ارتفاع قيمة العملة المحلية (تقدير سعر الصرف الحقيقي)، مما يُضعف قدرة القطاعات الإنتاجية الأخرى مثل الزراعة والصناعة على المنافسة في الأسواق الدولية. ظهر المصطلح لأول مرة في مجلة The Economist عام 1977 لوصف تجربة هولندا بعد اكتشاف الغاز الطبيعي في الستينيات، حيث أدت تدفقات العملات الأجنبية إلى ارتفاع قيمة الغيلدر الهولندي، ما أضر بالصناعات التصديرية غير النفطية.