لِمَصلحةِ مَن يُروّجون خبراً كاذباً بخروج الجامعات السودانية من التصنيف العالمي؟
▪️في لحظةٍ تتعافى.فيها..الجامعات السودانية شيئاً فشيئاً من آثار الحرب، وتبدأ قاعاتها تُضاء من جديد بأقدام الطلّاب العائدين إلى مقاعدهم، يخرج إلى السطح خبرٌ مضلّل، صيغ بذكاء خبيث، يُحاول أن يصدم الرأي العام.(خروج الجامعات السودانية من التصنيف العالمي 2024).
▪️خبر بدا لوهلةٍ وكأنه معلومة رسمية، بينما هو في حقيقته—وبكل وضوح—مجرد فبركة رقمية لا تستند إلى أي وثيقة أو تقرير عالمي محترم. وهنا يبرز السؤال الكبير: لِمصلحة مَن يُنشر هذا الوهم؟ ولماذا الآن تحديداً؟
أولاً:- الحقيقة التي يحاول البعض دفنها
▪️لا يوجد أي تقرير عالمي صدر لعام 2024 يحمل عنوان مؤشر جودة التعليم من المنتدى الاقتصادي العالمي.
ولا يوجد تقرير دولي واحد يشير إلى (خروج الجامعات السودانية من تصنيف عالمي جديد).
بل إن التصنيفات المعروفة—مثل Webometrics وQS وTHE—لم تُصدر بعد أي تقرير استثنائي أو خارج جدولها السنوي الطبيعي، ولم يرد فيها أي ذكر لانسحاب السودان من قوائم التصنيف.
والأهم من ذلك..الجامعات السودانية ما زالت موجودة في تصنيف Webometrics لعام 2025، ويمكن لأي شخص التحقق من ذلك مباشرة من الموقع الرسمي.
هذه هي الحقيقة العارية بلا مكياج.
ثانياً:- لماذا تنتشر الأكاذيب أسهل من انتشار الحقائق؟
لأن الإشاعة تُصنع دائماً لتصدم، بينما الحقيقة تُبنى لتُفهم.
ولأن البيئة المضطربة—سياسياً واجتماعياً—تصبح مسرحاً مثالياً لتجار الفوضى.
مثل هذه الأخبار ليست مجرد خطأ في النقل؛ إنها صناعة مقصودة.
▪️ لإضعاف الثقة في المؤسسات التعليمية.
▪️ لتثبيط الطلاب والعائلات وإشعارهم بأنّ المستقبل مظلم.
▪️ لإظهار أن الجامعات السودانية عاجزة وغير قادرة على النهوض بعد الحرب.
▪️ ولتعطيل موجة العودة للدراسة التي بدأت أخيراً تستعيد قوتها.
بهذا المعنى، يصبح الخبر الكاذب سلاحاً ناعماً يُطلق في الخفاء، لكن موجاته تضرب مستقبل آلاف الطلاب والباحثين وأسرهم.
ثالثاً:- من المستفيد؟
من يطلق هذه الشائعة يدرك جيداً أنها ليست (معلومة) بل (أداة).
ووراء الأداة توجد مصلحة:-
1- جهات تستثمر في تعميق الإحباط..تريد بيئة يائسة وخائفة، لأنها البيئة التي يسهل التحكم بها ودفعها نحو خيارات محددة.
2- مجموعات سياسية تسعى لخلخلة ثقة الناس في الدولة والجامعات..فمجتمع بلا تعليم هو مجتمع بلا أمل، وبلا قدرة على التفكير، وبالتالي يصبح سهل التوجيه.
3- صفحات مشبوهة تبحث عن المشاهدات..تنشر الأكاذيب لأنها أكثر جاذبية من الحقائق، وأكثر تداولاً، وأكثر قدرة على صناعة (ضجة آنية).
4- أطراف خارجية ترى في تعافي الجامعات السودانية تهديداً طويل المدى
لأن الجامعة ليست مباني فقط، بل مصانع للعقول، والمنافسة العالمية تقوم على المعرفة قبل أي شيء آخر.
رابعاً:- ما الذي يجب أن نُدركه؟
التصنيفات العالمية الحقيقية لا تُنشر عبر فيسبوك أو واتساب، ولا يمكن اختصارها في جملة عابرة أو منشور مجهول المصدر..وأنّ الحكم على الجامعات يتم عبر بيانات رسمية معلنة، يمكن الرجوع إليها في أي وقت، وأنّ السودان—رغم ظروفه—لا يزال حاضرًا في هذه القوائم، بعضها بتقدم طفيف وبعضها باستقرار معقول.
والأهم من ذلك… أنّ المعركة اليوم ليست بين جامعات سودانية وتصنيفات عالمية، بل بين حقيقة صلبة وكذبة ناعمة.
خامساً:- ما الذي ينبغي علينا فعله؟
● نشر الوعي بأنّ التحقق من المصدر ليس رفاهية، بل مسؤولية وطنية.
● تشجيع الطلاب والمهتمين على الرجوع إلى المواقع العالمية المعتمدة.
● فضح محاولات ضرب الروح المعنوية في القطاع التعليمي.
● وبناء خطاب جماعي يؤمن بأنّ الجامعات السودانية—مهما كانت التحديات—قادرة على النهوض من جديد.
▪️ الخبر المتداول لا يساوي قيمة الحبر الذي كُتب به، ولا البكسلات التي حملته…هو مجرد إشاعة صُنعت لتسوّد المشهد وتطفئ الأمل في قلوب آلاف الشباب.
▪️لكن الحقيقة أكبر من ضوضاء الوهم وهي تقول لم يصدر أي تصنيف جديد يشير إلى خروج الجامعات السودانية…والجامعات السودانية لا تزال موجودة في القوائم العالمية، ويمكن التحقق من ذلك مباشرة ومن مصادر لا تعرف المجاملة.
فليكن واضحاً للجميع..معركة السودان اليوم ليست فقط في ميادين السياسة والاقتصاد، بل في ميادين المعرفة…
والمعرفة دائماً تنتصر، مهما علا صوت الجهل.


